كنت سأمتشق القلم واندفع بشكل تقليدي نقداً وتقريعاً للاعبي الهلال وطعنهم باللامبالاة والاستهتار وعدم الاخلاص ووصفهم بنجوم الكرتون ونجوم الورق المقوى والورق الشفاف.. مرددا نفس عبارات ومفردات لكتابات كثيرة دافعها الغيرة من فقد السجل الوطني لبطولة سهلة.. وأصبح مجرد نسخة إضافية في جلد لاعبي الهلال وخصوصاً كبارهم.
بعد ان شاهدت المواجهة مع رئيس نادي الهلال صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن مساعد في القناة الرياضية.. وما طرحه من أفكار وآراء وتقييم موضوعي للحدث.. وما قدمه من نموذج في كبح الغضب والتأني في اتخاذ القرارات حتى تنقشع سورة الغضب.. وعزمه على دراسة الموقف باتزان وتعقل وعقد اجتماعات جانبية مع جميع الأطراف المعنية.. قررت ان أكف قلمي عن الولوغ والخوض في أمور لا يحسن الاسترسال بها.
قبول سمو رئيس الهلال للمواجهة بكل شجاعة وثقة.. وما طرحه من رؤى ونظرة مستقبلية ومشاريع وطموحات والعمل المنهجي العلمي الذي يسير عليه وما أظهره من ثقة كبيرة بالنفس لم يؤثر عليها خسارة بطولة.. تكشف ان بطولة الهلال الحقيقية هذا الموسم هو هذا الرئيس.. بل وجود مثله كرئيس هو أفضل من أي بطولة.. لأنه يطمح إلى صناعة ناد وصناعة مستقبل.. وليس البحث عن نجاح مؤقت لموسم أو موسمين..
فرئيس الهلال الحالي ليس هو الرئيس الذي يقيم أو ينال من فعله الإداري خسارة بطولة..
يكفي اللهجة الحازمة لدى الرئيس بأنه سيجعل من مستوى اللاعب حتى نهاية الموسم المعيار الأساسي لتقييم جدوى تجديد عقده.. أو استمرار من جدد عقده مؤخرا.. وما كشفه من مراجعة لنظام المكافآت والرواتب وجعلها مرنة بحيث تنخفض وترتفع حسب مستوى اللاعب وما يقدمه للفريق.
لذا فلتعالج الأمور بهدوء وروية.. وليركز النقاد والكتّاب على وجه الحقيقة الآخر بإلقاء الضوء على الأخطاء الفنية والتكتيكية التي وقع بها الفريق.. والسر الذي جعل الهلال يكسب ست بطولات قارية في حين لم يكسب اقليميا غير بطولتين.
الهلال والفرص المتعددة
التجارب الكروية التي مر بها الهلال كشفت انه كفريق لا يجيد حتى الآن التعامل بكفاءة مع مباريات الفرص غير المتكافئة.. لذا فقد كأس مجلس التعاون وبيده فرصتان وسبق ان فقدها وبيده فرصة واحدة..
ففي حين يتمتع الفريق بنضج كامل وكفاءة عالية في التعامل مع المباريات النهائية.. والتي تتكافأ فيها الفرص.. هو يظهر العكس في المباريات شبه النهائية التي لا تتكافأ فيها الفرص والحظوظ.. وغير قادر على التكيف مع ظروف المباراة وتسييرها لصالحه.. فظهر في مباراة العربي غير قادر على التعامل معها كفريق يملك فرصتين لكسب البطولة.. من تابع المباراة منذ بدايتها يعتقد ان الهلال هو صاحب الفرصة الوحيدة وأن التعادل ليس من صالحه.. ايقاع متسارع في اللعب منذ الدقيقة الأولى.. واستعجال غريب في ألعاب الفريق.. ولاعب يجري بسرعة فائقة لرمي الآوت وكأنه يخشى من ضياع الوقت..
بالطبع لا يمكن الانتظار من الهلال ان يلعب للتعادل واخراج المباراة سلبية من الأهداف.. ففضلا عن أنها مغامرة ومجازفة ان تراهن على المحافظة على نظافة شباكك طوال 90 دقيقة.. فهي لعبة لا يجيدها الهلال فهو بفطرته الكروية لا يجيد الدفاع واللعب السلبي.. ويصعب تقبل اللاعب الهلالي لها خصوصاً مع فرق خليجية..
صحيح قد يفرض عليه الخصم قسرا الانكفاء في الدفاع لكن لا يمكن ان يتجه إليه طواعية.. كما ان الركون للدفاع لو حدث يشترط فيه إجادة الهجمات المعاكسة.. وهذه نقطة ضعف في الهلال حاليا.. في حين نجحت الفرق الخليجية بدفاعيتها في احراج الهلال لأن دفاعيتها تقابلها إجادتها للهجمات المرتدة التي أثمرت (أي الهجمات المعاكسة) عن ثلاثة أهداف كانت كفيلة بخسارة الهلال للبطولة.
للحيثيات السابقة لا يمكن ان يطالب الهلال بتقليد الفرق الأخرى والبحث عن التعادل.. ولكن كان يمكن للاعبي الهلال استخدام هذه الورقة بذكاء ودهاء للتحكم في سير المباراة وإيقاعها وتسريعها وتهدئتها.. واللعب بشكل متوازن وتعطيل الكرة والاحتفاظ بها في نصف ملعبهم والاكتفاء بهجمات خاطفة خصوصا في ربع الساعة الأول لإقلاق لاعبي الخصم وإثارة أعصابهم واستدراجهم للخروج من منطقتهم.. وإجهاض خططهم في الدفاع واللعب على أخطاء الهلال لخطف هدف.
ولكن ما حدث اندفاع هجومي عشوائي متوتر وغير منظم.. جعل الهلال يفقد التحكم بمنطقة الوسط وتنكشف مناطقه الخلفية للهجمات المعاكسة. حملات التخدير الإعلامي قد لا تكون خدرت لاعبي الهلال لأن هناك تحذيرات مضادة من الركون للثقة الزائدة.. الا ان الاصوات الإعلامية التي كانت تؤكد ان البطولة للهلال.. جعلت الهلاليين يشعرون ان هذه البطولة لهم وان الآخرين يريدون انتزاعها منهم.. وأن لا عذر لهم لو فقدوها.. فكانوا يلعبون حتى لا يخسروا البطولة وليس لكسبها.. وهذا ما أرهقهم وجعلهم قلقين ومتوترين لأن لديهم ما يخشون فقده.. لذا حاولوا وبشكل مرتجل البحث عن الاطمئنان والتخلص من القلق بهدف مبكر يحسم الموقف.. ولكن الفريق لم يكن فنيا مؤهلاً للتسجيل.. وهذا ساهم بزيادة توتر وقلق اللاعبين.. وأعتقد ان هذا يكشف قصورا في الإعداد النفسي والتكتيكي في آن واحد..
نقطة أخيرة وهي ان ضعف جماعية الفريق والكرة البطيئة واللت والعجن في ألعابه.. وفردية اللاعبين واللف والدوران ومحاورتهم لأنفسهم.. وانكشاف الخطوط الخلفية عند الهجوم.. وضعف التحول للهجوم عند الدفاع.. بقدر ما يتحمل اللاعبون جزءاً منه.. فالجزء الأكبر يتحمله مدرب الفريق.
الجمود.. وعدم التجديد
إلى ما قبل أعوام قليلة كان فريق كرة القدم الهلالية يتميز بقدرته على التجديد وتغيير جلده بدون ان يؤثر ذلك سلبا على مستوى وعنفوان الفريق وبدون الحاجة إلى المرور بفترة انتقالية.. كان الهلال سنويا يحقن التشكيلة الأساسية بالفريق بما لايقل عن ثلاثة من المواهب الجديدة والشابة.. الأمر الذي مكنه من الاستمرار بمعدله البياني المرتفع وجعله طرفا ثابتا في المنافسة على البطولات منذ ما يزيد على ربع قرن.. الهلال الآن يحصد الثمار المرة للتخلي عن هذه السياسة.. بسبب عقم القاعدة وإفلاسها.. وأيضاً بسبب حجب الفرصة عن بعض العناصر الشابة والتمسك بأنصاف اللاعبين خلال الموسمين السابقين.. لذا أصبح الهلال يعاني من مشكلة المحاور وندرة المهاجمين وكهولة قلوب الدفاع وعدم الاستقرار في مركز الظهير الأيسر.. وظهور التكلس والصدأ في تروس ماكينة الفريق.
ضربات حرة
- أعتقد ان التدريب الصباحي أصبح ضروريا للنهوض بمستوى الفريق ولاعبيه.. ويمكن جعله أشبه بالعقاب بحيث تفرض التدريبات الصباحية بعد اي مباراة يخفق فيها الفريق.
- من الصفوف الخلفية وبعيدا عن الترشيحات والأضواء حقق المنتخب وفريق الأهلي بطولتي العرب.. الهلال أتى تحت الأضواء والترشيحات فأخفق!
- ذهب جمهور الأهلي إلى ناديه للاحتفال بكأس العرب.. فلاحقته الهراوات والمشاعيب.. ياساتر.
- الاساءات التي وجهتها بعض الوسائل الإعلامية القطرية لممثل المملكة ليست مستغربة.. فهي تقتدي بكبيرهم الذي علمهم الدجل (قناة الجزيرة).
- خسروا البطولة وخسروا حسن الاستضافة وإكرام الضيف.. حشفا وسوء كيلة.
|