أثبتت الدراسات المتعددة في مجال علم نفس نمو الأطفال ان النوم الكافي للطفل هو عامل أساسي في النمو الجسمي والمعرفي للأطفال وقد ثبت علمياً ان هرمون النمو GH يزداد أثناء النوم وخصوصاً وقت الليل، وهو يساعد الأطفال على العديد من الممارسات اليومية كالتعلم واللعب بشكل أفضل كذلك يساعد الجسم عضوياً على النمو السليم وخصوصاً الطول ونمو المخ معرفياً.
ويسهم النوم ايجابياً كذلك في تنظيم وظائف الأسرة، فقد وجدت العديد من الدراسات على الآباء والأمهات ذوي النوم المضطرب ان أطفالهم لاينامون بشكل جيد أيضا وان لديهم اضطرابات نوم كذلك مما يسبب ضغطا نفسيا للعائلة عموماً تظهر على شكل قلق وتوتر وحالات غضب متفاوتة. فالنوم الأسري المنظم والجيد يرتب جدول الآباء والأمهات اليومي مما يعود الأطفال على الترتيب الزمني للجدول اليومي كذلك يرتب نمط الحياة وتتضح الأدوار والمهمات في الأسرة.
ان طبيعة النوم اختلفت ممارساتها الأسرية هذه الأيام فنجد ان الآباء والأمهات أصبحوا يولون النوم لأطفالهم أهمية خاصة فيحرصون على ذهاب الأطفال للحمام قبل النوم ويخصصون لهم وقتا للقرآن والأدعية والقصة قبل النوم والتأكد من أنهم لا يحتاجون طعاما أو شرابا ويعطونهم الحنان بالحضن والضم والتقبيل قبل إطفاء النور وطمأنتهم بالأمن والقرب في حالة الحاجة لهم، ومن هذه المتطلبات المتعددة كالاستعداد للنوم تأخذ ما لا يقل عن الـ30 دقيقة والحقيقة ان تلك الممارسات الوالدية هي ممارسات سليمة ولكنها ظهرت وتركزت بسبب القلق والخوف والكوابيس المزعجة التي بين أطفال اليوم وهذا ناتج عن بعض الممارسات الوالدية لتخويف الأطفال من أشياء وهمية أو متابعة الأطفال لبرامج تلفزيونية ذات طابع مرعب.
فمن هذا المنطلق يجب على الآباء ملاحظة مايشاهده الأطفال والحرص على تقديم برامج تربوية دينية وأخلاقية وتعليمية ما أمكن ذلك، فقد أصبحت نسبة مشاكل نوم الأطفال عالية بنسبة لا تقل عن 15% هذه الأيام وهي نسبة تعد مرتفعة.
ومما يجدر الإشارة إليه ان مشكلات النوم لدى الأطفال تعيق جوانب التعلم المدرسي لدى الطفل، فالطفل الذي لا يأخذ قسطاً كافياً وعميقاً من النوم فإنه في اليوم التالي سوف يكون متعباً ومستوى التركيز العقلي عنده يكون متدنيا، ودافعيته للتعلم سوف تقل بنسبة كبيرة فكل ذلك يؤثر سلبا على نشاطه العقلي والمعرفي والحركي فيصبح أداؤه لايتوافق وقدراته ويقل نشاطه البدني، كما يقل تفاعله الاجتماعي مع زملائه ولا تصبح لديه الرغبة بذلك مما يحدوه على الانطواء أو العدوان أحياناً.
فهنا وخصوصاً للأطفال ذوي الحالات والمشكلات المستمرة مع النوم يجب عليهم مراجعة الطبيب والأخصائي النفسي لمتابعة الحالة والتزود بالإرشاد اللازم.
* ومن أشهر حالات مشاكل النوم مايلي:
- الأرق وقلة النوم لدى الأطفال.
- الكوابيس الليلية والفزع الليلي والكلام أثناء النوم بشكل متكرر.
- الشخير، وله أسباب عضوية (كاللحمية مثلا) وهو لايعطي نوما عميقا حتى وإن كانت مدة النوم كافية وعدم النوم العميق يسبب عدم الاستغراق في الراحة للمخ فيقل التركيز في النهار وفي حالات قد يسبب صعوبات تعلم لبعض الأطفال.
- زيادة النوم وخاصة نهاراً.
- الخوف من الظلام.
- اختلال مواعيد النوم والاستيقاظ فهي تؤثر على نظام الجسم والساعة البيولوجية للجسم.
- وأحياناً بسبب اختلال نفسي عضوي مثل المشي أثناء النوم (التجوال الليلي) وغيرها كثير.
وعموماً تلك الحالات تتكون لدى الأطفال من عدة عوامل منها عوامل أسرية أي عدم وجود نظام أسري يتحكم في تنظيم نوم الأطفال، أو خبرات مؤلمة أو ضغوط نفسية أو إجهاد بدني وأحياناً بعض الأدوية وقد يأتي الاضطراب النومي من مشكلات أو أمراض عضوية فمن هذا المنطلق ننصح بالرجوع إلى الطبيب العضوي والمعالج النفسي في مثل هذا النوع من الاضطرابات.
* وهنا يمكننا القول بأنه توجد أساليب ارشادية عامة للمساعدة في حل مشاكل اضطرابات النوم:
- إرشاد ديني باستخدام الأدعية الواردة والشرعية من الأذكار الخاصة بالنوم فنعلم الأطفال عليها.
- التدريب على تنظيم مواعيد النوم.
- معالجة المشكلات المسببة للضغوط النفسية.
- تقديم الطعام ذي القيمة الغذائية للطفل.
- الاسترخاء قبل النوم.
- طرق علاج سلوكي متعددة مثل التعزيز والتشكيل السلوكي وهذه النقطة تحتاج إفراد مقال كامل لها في القادم من الأيام إن شاء الله.
- التوعية للطفل بأهمية النوم الكافي لنموه ولتعلمه المدرسي.
|