* نيويورك - تيموثي جاردنر- رويترز:
في اليوم التالي مباشرة لبدء القصف الجوي للعراق في حرب الخليج عام 1991 هوت أسعار النفط في التعاقدات الآجلة من نحو 30 دولارا للبرميل الى 20 دولارا فقط.. وكان هذا أكبر هبوط في يوم واحد في التاريخ.
لكن اقتصاديين قالوا انه ليس لأحد ان يتوقع تكرار ذلك اذا قادت الولايات المتحدة هجوما عى العراق في الأسابيع المقبلة.
والسبب .. النقص الشديد في المخزونات الأمريكية.
فمنذ أوائل ديسمبر كانون الأول الماضي فقدت الأسواق العالمية أكثر من100 مليون برميل بسبب الاضراب في فنزويلا خامس أكبر مصدر للنفط في العالم.
وترافق ذلك مع اشتداد وطأة البرد القارس في الولايات المتحدة وخاصة في منطقة الشمال الشرقي أكبر أسواق زيت التدفئة في العالم.
وقال فيليب فيرليجر وهو استشاري اقتصادي مستقل «نحن ذاهبون للحرب على معدة خاوية».
وقال الاقتصاديون انه حتى لو انتهت الحرب بسرعة كما حدث في الحرب السابقة فإن أسعار النفط قد تقفز الى مستويات تدير رؤوس الاقتصاديات الكبرى المتعثرة أصلا لأشهر طويلة قادمة.
وقال جيم اونيل الاقتصادي بمؤسسة جولدمان ساكس في تقرير أخير «من الصعب التهوين من شأن مخاطر ارتفاع أسعار النفط على الاقتصاد الأمريكي».
قبل اندلاع حرب الخليج السابقة أدت المخاوف من نشوب صراع بالشرق الأوسط الذي يعطي العالم نحو 40 في المئة من نفطه الى ارتفاع أسعار النفط لعنان السماء.
وبدأت اسعار النفط تتقافز في أغسطس آب عام 1990 عندما غزا العراق الكويت لتصل الى 40 دولارا للبرميل في أكتوبر تشرين الأول من ذلك العام. ثم عادت فتراجعت الى نحو 30 دولارا قبيل بدء القصف الجوي للعراق في أوائل 1991 وهذه المرة ارتفعت أسعار النفط بنسبة 35 في المئة منذ نوفمبر تشرين الثاني لتبلغ أعلى مستوى منذ سنتين عند 35 دولارا للبرميل بسبب مخاوف الحرب واضراب فنزويلا وبرودة الشتاء الأمريكي.
ولكن على عكس ما كان عليه الحال في 1990/1991 فإن الوضع هذه المرة مختلف.. فالمخزونات الأمريكية من النفط الخام هبطت الى ما دون 273 مليون برميل في الأسبوع الماضي طبقا لما أعلنته وزارة الطاقة الأمريكية. وهو مستوى يقل 55 مليون برميل أو 17 في المئة عما كان لدى الولايات المتحدة من مخزون عندما بدأ القصف في 1991.
كما ان تقلص الامدادات من المشتقات النفطية أسهم هو الآخر في اشتعال الأسعار.
وقفز سعر زيت التدفئة في التعاقدات الآجلة ببورصة نيويورك الى أعلى مستوى منذ 23 عاما في حين صعد سعر البنزين ثمانية في المئة خلال الأسبوعين الماضيين ويتوقع له ان يرتفع أكثر مع اقتراب موسم الرحلات الصيفي.
وفي عام 1991 عندما تبين ان العراق عاجز عن الحاق الأذى بحقول النفط السعودية والكويتية تراجعت أسعار النفط. لكن الحكومة الأمريكية حذرت في الاسبوع الماضي من ان متوسط سعر برميل الخام الأمريكي قد يظل فوق 30 دولارا للبرميل طيلة العام الجاري.
وقال فيرليجر «إنهم على حق».. مشيرا الى ضعف المخزونات.
ويتوقع بنك جولدمان ساكس الاستثماري بأن يبلغ متوسط سعر برميل النفط نحو 36 دولارا خلال الربع الأول من هذا العام وان يتراجع الى نحو 28 دولارا بحلول نهاية العام.
ورغم ان أكبر مصدر نفط في العالم وهي المملكة العربية السعودية زادت من امداداتها للمساعدة في تعويض النقص فإن ذلك أدى الى استهلاك المزيد من فائض الطاقة الإنتاجية التي يعول عليها في مواجهة أي أزمة أخرى.
وحاليا ليس سوى السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة لديهما طاقة فائضة.
وهو هامش ضيق يمكن ان يضاعف من أثر أي اضطراب في الامدادات بدولة نفطية أخرى مثل نيجيريا التي يهدد عمالها باضراب هذا الشهر.
وقال بول هورسنيل المحلل ببنك جيه بي مورجان «سيناريو الكابوس هو ألا تكتمل عودة الإنتاج الفنزويلي البطيئة وتنشب حرب بالعراق ثم يحدث شيء آخر.. ونيجيريا تتصدر قائمة المرشحين لمثل هذا الشيء الآخر». ورغم ان السحب المتوقع من المخزونات الاستراتيجية كما حدث في 1991 قد يحد من ارتفاع الأسعار فإن الاقتصاديين يتوقعون ألا يفلح كثيرا بالنظر الى هشاشة الوضع على مستوى الجغرافيا السياسية.
وقال كاري ليهي الاقتصادي لدى دويتشه بنك في نيويورك «كان الاعتقاد السائد إبان حرب العراق السابقة هو انها ستؤدي الى تحسن كبير في الأوضاع بمنطقة الخليج بما يخفض أسعار النفط هنا».
«ولكن اذا حدث -وغزت الولايات المتحدة العراق خلال الأسابيع المقبلة- فلك بالتأكيد ان تتخيل حدوث عدم استقرار أكبر لا أقل» في الشرق الأوسط.
|