Wednesday 12th february,2003 11094العدد الاربعاء 11 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هل تمنع القمة القادمة الحرب ضد العراق؟! هل تمنع القمة القادمة الحرب ضد العراق؟!
طبول الحرب تسابق الجهود العربية قبل موعد انعقاد القمة

  * القاهرة مكتب الجزيرة علي البلهاسي:
أثار الجدل الذي دار في الفترة الأخيرة حول موعد ومكان القمة العربية القادمة الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام وفاعليته والذي على الرغم من وجود جامعة الدول العربية ودورها التنسيقي لم يرتفع في أي وقت من الأوقات إلى مستوى مؤسسي حقيقي له آلياته الرسمية ومشروعيته الملزمة خاصة مع ثقل وأهمية وخطورة الملفات التي سيتضمنها جدول أعمال القمة المقبلة وعلى رأسها الملف العراقي والحرب الأمريكية التي باتت شبه مؤكدة ضد بغداد لدرجة ان أي تحرك أو موقف عربي أصبح غير قادر على الحيلولة دون وقوعها في ظل عدم وجود وحدة صف وموقف عربي واضح أمام الولايات المتحدة والعالم بشأن قضايا العالم العربي.
ولابد ان تتفادى القمة المقبلة الخطأ الذي وقعت فيه قمة بيروت الأخيرة من خلافات سبقت انعقادها وهددت بعدم تحقيقه لأسباب معلنة تبدو سطحية وأسباب أخرى غير معلنة لعل أهمها كان تخوف العرب من عدم تمكنهم من الوصول إلى موقف موحد بشأن القضايا المطروحة وهو التخوف الذي يبدو ظاهراً حيال القضايا التي ستناقشها القمة المقبلة وهي القضايا نفسها وإن كانت هذه المرة تنطوي على قدر أكبر من الخطورة والتحديات وهو ما يلقي عبئاً أكبر على القادة العرب الذين سيجتمعون في هذه القمة.
القمة العربية المقبلة التي تحددت القاهرة مكاناً لها أياً كان موعدها مثقلة بعدد من القضايا والملفات ولكن مع استمرار التصعيد الأمريكي للأزمة العراقية والاصرار الواضح من جانب واشنطن على القيام بعمل عسكري يبدو وشيكاً ضد بغداد أصبح الملف العراقي والحرب الأمريكية المحتملة المحور الرئيسي لاجتماعات القمة المقبلة فبعد ان كانت القضية الفلسطينية هي المحور الرئيسي للقمم الثلاث الماضية وظلت الأزمة العراقية في المقعد الخلفي بات من المؤكد ان الحال سيتغير في القمة المقبلة لصالح الأزمة العراقية لتحديد كيفية التعامل مع الوضع الجديد وان كانت هناك شكوك كثيرة حول قدرة القمة على التأثير الجدي في مجرى الأحداث أو منع وقوع الحرب.
فالولايات المتحدة مصرة على شن الحرب ولو بمفردها متحدية بذلك إرادة المجتمع الدولي المعارض للحرب ويوما بعد يوم يتم تصعيد تصريحات المسؤولين في واشنطن ضد العراق لتبرير إمكان قيامها بعمل عسكري ضده فأكد بوش أكثر من مرة ان لعبة الخداع والمراوغة مع العراق قد انتهت وواصل وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد تصريحاته العنيفة وحديثه عن الحرب كأمر واقع وليس محتملاً وتأكيده ان الدبلوماسية فشلت في اقناع المبررات الأمريكية لخوض الحرب ضد العراق واقناع العالم بما زعم انه أدلة أمريكية على ان العراق لم يتخلص من أسلحة الدمار الشامل وانه يسعى لتطويرها ويواصل خداع المفتشين ولا يلتزم بالقرار 1441 وينتهك جميع مقررات الشرعية الدولية.
وعلى الرغم من ان المحاولة الأمريكية لم تنطل على أعضاء مجلس الأمن من المعارضين لضرب العراق وأسفرت الجهود عن منح فرصة أخرى للمفتشين للقيام بعملهم وتقديم تقرير نهائي لمجلس الأمن في 14 فبراير الحالي إلا ان هذا التاريخ بدا وكأنه تاريخ بداية إعلان الحرب من جانب أمريكا بغض النظر عما سيتضمنه تقرير المفتشين وما سيتوصل إليه اجتماع مجلس الأمن بعد عرض التقرير النهائي.
تبكير موعد القمة
كل هذه التطورات ألقت بالكثير من التساؤلات حول مصير القمة العربية المقبلة فمع احتمال اندلاع شرارة الحرب في أي لحظة بعد 15 فبراير الجاري هل سينجح اجتماع وزراء الخارجية العرب المنتظر انعقاده في القاهرة منتصف الشهر الحالي في تأجيل الحرب إلى ما بعد انعقاد القمة العربية في مارس المقبل أم ان القمة ستنعقد بعد ان تكون شرارة الحرب قد اندلعت خاصة وان الموعد المفروض لعقدها هو الرابع والعشرون من مارس المقبل؟!
ووسط تخوف عربي من ان تندلع الحرب قبل انعقاد القمة العربية في موعدها المقرر جرت المناقشات حول تقديم موعد القمة لتكون في أول مارس بدلاً من ان تكون في نهايته وإن كان الموعد النهائي لم يتحدد بعد وذلك بعد عدة مناقشات حول نقل مكان القمة من البحرين إلى القاهرة ولعل الإعلان عن تقديم أو تبكير موعد القمة قد أثار جدلاً واسعاً خاصة وانه جاء عن طريق إعلان أوروبي على لسان جورج باباندريو وزير خارجية اليونان الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي حالياً فيما وصفه المحللون بقنبلة من العيار الثقيل على إثر إعلانه موعد وجدول أعمال القمة العربية بعد مباحثات في عدد من عواصم المنطقة اختتمها في بيروت حيث قال إن هناك اتفاقاً عربياً على ان تكون القمة في الأول من مارس المقبل وان هناك اجتماعاً لوزراء الخارجية العرب في الخامس عشر من فبراير الحالي وفيما اعتبر إشارة لجدول أعمال القمة كشف باباندريو ان العالم العربي وجامعة الدول العربية مستعدان بشدة لأخذ المبادرة وايفاد مبعوثي سلام إلى بغداد لاقناع الرئيس العراقي بضرورة الإذعان الكامل للقرارات الدولية الخاصة بنزع السلاح واتاحة الفرصة الكاملة أمام المفتشين الدوليين.
وسعى مسؤولون عرب لنفي هذه التصريحات فأعلن وزير الخارجية اللبناني محمود حمود ان موعد القمة لم يحدد بعد وان الاتصالات مازالت مستمرة بين الزعماء العرب لتحديده ونفى ان يكون قد أعلن الأول من مارس موعداً لانعقاد القمة وأعلن مصدر مسؤول في جامعة الدول العربية ان اجتماع وزراء الخارجية العرب هو الذي سيحدد موعد القمة المقبلة وانها ستكون في منتصف مارس القادم وليس مطلعه فيما وصف بأنه محاولة لاسترداد حق العرب وحدهم في تحديد موعد اجتماعاتهم وانفضاضها ولم يتطرق المسؤول إلى جدول أعمال القمة.
ويعد تبكير موعد القمة مطلباً عراقياً أساسياً عبرت عنه صحيفة بابل العراقية بقولها إن هذه الخطوة في حاجة إلى ترسيخها وتشجيعها في إطار التحرك العربي لتطويق التهديدات الأمريكية لابد منها لبحث هذه التهديدات والخروج بموقف عربي موحد إزاءها سواء كان يستند إلى مقررات بيروت أو الخروج بمشروع قرار جديد حازم وواضح، مشيرة إلى ان الظروف الحالية أحوج ما يكون للقاء قادة الأمة وزعمائها وملوكها ليبعثوا برسالة قوية مفادها ان الأمة شعبا وقيادات ضد التهديدات الأمريكية وتساءلت: ألا تستحق هذه الحشود الأمريكية والبريطانية تقديم موعد القمة شهراً واحداً.
التحرك السعودي
ولعل تصريحات صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية حول القمة وتبكير موعدها تحمل في طياتها تعبيراً عن موقف الشارع العربي من القمم العربية والذي يرى انها تأتي في كثير من اجتماعاتها مخيبة لآماله وتشير في الوقت نفسه إلى ضرورة تفعيل العمل العربي المشترك وتطويره إلى الحد الذي يلبي طموحات وآمال الشارع العربي، فقد أشار سموه إلى ان القمة بعد جهد جهيد أقرت دوريتها ولم نعرف بعد مبررات تقديم موعد القمة وإذا كانت هناك نقاط معينة ستستخدمها القمة إذا قدمت ولم نسمع عن مقترحات في هذا الإطار، وأشار إلى ان المملكة لها مبادرة لإصلاح الوضع العربي وقال نحن نعتقد قبل اقرار هذا المبدأ وهذا التصور لإصلاح الوضع العربي ان العلة ليست في الاجتماع أو تحديد جدول أعماله ولكن العلة في المصداقية والجدية في التنفيذ الذي يقر للتعامل مع قضايا القمة.
ويرى المراقبون ان تصريح الأمير سعود الفيصل بأنه لا يجد مبررات لتقديم موعد القمة قد يكون له مبرراته إذ ان تاريخ القمم العربية الحديث لم يشهد لها بتحقيق أي اختراق في مواجهة الأزمات التي دعت لانعقادها بل يشهد هذا التاريخ بالتدخلات الأمريكية لتقرير انعقاد أو عدم انعقاد اجتماعات القمة وصياغة بياناتها الختامية خاصة فيما يتعلق بالقضايا المصيرية كالقضية الفلسطينية والحرب الأمريكية الأولى على العراق.
وأشار المراقبون إلى ان الوضع الراهن لا يوحي بالفعل بأن القمة العربية يمكن ان تغير شيئاً وانها إذا انعقدت قبل وقوع الحرب فإنها لن تمنع قيامها وإذا انعقدت بعدها فإنها لن تقدر على معالجة آثارها وان الحرب آتية لا محالة سواء عقدت القمة أم لم تعقد وان المطلوب حسبما صرح الفيصل هو النظر في المبادرة التي قدمتها الرياض مؤخراً ودعت فيها إلى إصلاح الأوضاع في الوطن العربي حتى لا تتكرر مثل هذه الأزمات المحرجة للأنظمة العربية.
وقد أعلن سمو وزير الخارجية ان هناك تحركاً سعودياً مع عواصم الدول الكبرى ومع الأطراف العربية حول العراق وكشف ان هناك مسعى سعودياً بشأن العرق قائلاً إنه يتضمن مقترحات متكاملة ذكر منها 6 نقاط هي مطالبة الأمم المتحدة بأن يعالج مجلس الأمن القضية العراقية برمتها ولا يقر الحرب إلا إذا استنفدت الوسائل المتاحة للتفتيش وتجنب العمل الانفرادي بشأن القيام بعمل عسكري ضد دولة عضو في الأمم المتحدة مع وجوب تحديد ماهية العمل العسكري ان تم الأخذ به وألا يكون هدف مثل هذا العمل معاقبة العراق واحتلاله بل يجب الأخذ في الحسبان وحدة العراق واستقلاله وسيادة أراضيه وأمنه الداخلي ومنع تفتته.
وحذر الأمير الفيصل من عواقب انهيار الأمن في العراق قائلاً إذا انفرط الأمن الداخلي فلا أعتقد ان الأمم حتى بعدد قواتها الموجودة الآن ستكون قادرة على ان تبقى الدولة في إطارها وسيكون هناك انهيار للإدارة ومن ثم ستكون النتائج وخيمة على المنطقة، وقال إذا انتهى الأمر بوجود ثلاث دويلات أو أربع في العراق فستكون هناك صراعات فيما بينها على ثروات العراق ولن يعرف أحد من العدو ومن الصديق في هذه الفوضى، مشيراً إلى ما حدث في لبنان في أثناء الحرب الأهلية حيث عششت كل أجهزة الارهاب في لبنان.
مطالب للقمة
المقترحات السعودية بشموليتها وما عبرت عنه من ادراك حقيقي لخطورة الوضع الراهن وما وضعته من مطالب يمكن ان تكون أساساً للتحرك العربي دفعت المحللين إلى القول بإمكانية تطوير المقترحات السعودية إلى مبادرة بشأن العراق تأخذ بها القمة العربية القادمة، وأشار المحللون إلى ضرورة ان يتجه التحرك العربي في الفترة القليلة المقبلة وخلال اجتماعاتهم القادمة سواء على مستوى وزراء الخارجية أو القادة العرب إلى ثلاثة محاور الأول هو إجراء مصالحة عراقية كويتية طال انتظارها مؤكدين ان الطريق إلى تحقيق تضامن عربي حقيقي في مواجهة هذه التحديات يمر عبر هذه المصالحة وان حدوثها ولو كان متأخرا خير من ألا يحدث أبداً خاصة في ظل التوترات التي شهدتها العلاقة بين البلدين عقب تهديد العراق بضرب الكويت إذا تم استخدام أراضيها في الحرب ضده وإعلان الكويت النصف الشمالي من البلاد منطقة عسكرية محظورة اعتبارا من 15 فبراير الحالي وذلك على الرغم من الاختراق الحقيقي للحالة العراقية الكويتية التي حققتها قمة بيروت الماضية واعتبر المحللون ان المصالحة العراقية الكويتية هي الباب للولوج إلى التضامن العربي العربي بما يوفر للعرب موقعاً واحتراماً وللعراق دعما يحتاج إليه قبل إعلان الحرب وأثناءها وبعدها إذا وقعت وإذا كان التضامن العربي لا يمنع الحرب فإنه سيجعل الولايات المتحدة تعيد النظر في حساباتها تجاه المنطقة العربية.
أما ثاني المحاور فهو سعي القمة بكل جهودها لاقناع العراق بالالتزام الكامل بتنفيذ كل قرارات الأمم المتحدة دون تأخير لتوفير الأرضية الصلبة لكل الاعتراضات والمواقف الدولية المعارضة للحرب ضد العراق وعلى العراق ان يدرك هذا جيدا وان يعي ان فرق التفتيش هي الفرصة الأخيرة قبل اندلاع الحرب ولابد ان يبدي العراق أكبر قدر من التعاون معها.
والمحور أو المطلب الثالث الذي ينبغي ان تحققه القمة بالنسبة الى الأزمة العراقية كما يرى المحللون هو إعلان مبادرة عربية من أجل تبديد أجواء الحرب ولعل المقترحات السعودية يمكن ان تكون أساساً لها ويجب ان تركز هذه المبادرة على فتح قنوات الحوار بين العراق والولايات المتحدة وان تكون القمة العربية القادمة الفرصة السانحة لمباشرة اتصال أمريكي عراقي عبر مبادرة عربية فالدول الأخرى تبذل الكثير من الجهود لفتح قنوات الحوار بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية فلماذا لا تحاول قمة القاهرة سعياً عربياً في هذا الاتجاه وهي تدرك انه لا مجال لمنع الحرب في هذه المرحلة سوى بفتح قنوات الحوار بين واشنطن وبغداد.
فهل ستشهد القمة القادمة اطلاق هذه المبادرة؟! وهل ستكون هناك مبادرة سعودية في هذا الشأن كما حدث في قمة بيروت في شأن الصراع العربي الإسرائيلي؟!.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved