تعقيباً على ما ينشر في الجزيرة عن الهلال الأحمر أقول: لا ينكر أحد منا الأعمال الجليلة التي يقوم بها أفراد ورجال الهلال الأحمر لجميع فئات مجتمعنا الغالي، كبارا وصغارا رجالا ونساء ولا أحد ينكر المصاعب والمتاعب التي يتعرضون لها في كل حين وفي كل صرخة من مصاب ومريض فنحن عندما نذكر اسم «مسعف الهلال الأحمر» نتكلم عن انسان نذر نفسه لانقاذ الانسان، وامتهن مهنة انسانية عزيزة وكريمة وهو يعلم أنها مهنة شاقة وصعبة في نفس الوقت ومع ذلك أبى إلا أن يواجه الصعاب وينخرط بها ويقف على تلك الحالات والحوادث لانقاذ جميع المصابين والمرضى، وعندما أقول جميع فإنني أقصد جميع من يحتاجون الى الانقاذ والذهاب فوراً الى المستشفى.
وكنت قد بدأت بهذه المقدمة حتى لا نهضم حق زملائنا في الهلال الأحمر، وما دعاني الى كتابة هذه المقالة هو تلك التفرقة التي يعاني منها أخونا المريض النفسي وأخونا مريض الإدمان من قبل أفراد الهلال الأحمر السعودي، فهاتان الفئتان العزيزتان على قلوبنا يشكو افرادها من هضم حقهم في الاسعاف ويشكو ذووهم من رفض بعض رجال الهلال الأحمر نقلهم الى المجمع النفسي المختص بعلاجهم.
فهذه امرأة عجوز يئن مريضها النفسي الساعة الثانية صباحاً ويبدأ في مرحلة انتكاس المرض ويبدأ في الصياح، ولا تجد هذه المسكينة وهي الوحيدة مع ابنتها إلا رقم الهلال الأحمر 997 لنجدتهم ومساعدتهم، ولكن يا لهذه المسكينة فما ان سمع أخونا في الله في الطرف الآخر اسم «مريض نفسي» إلا وأجابها ان هذا المريض ليس من اختصاصه وإنما هو من اختصاص الشرطة لأنه مريض خطر ويحتاج لمن يقيد يديه ورجليه حتى لا يؤذيهم، وعند الاتصال بالشرطة أجابتهم بكل بساطة «كيف نقيد ونقبض على شخص ليس لدينا أي قضية تجاهه سوى أنه مريض» فهذه المسكينة كيف تستطيع نقل مريضها الى المستشفى وكيف تستطيع السيطرة عليه وهو في حالته المرضية هذه؟!
إن ما سبق هو مثال واحد فقط من تلك الحالات الكثيرة التي يرفضها الهلال الأحمر وذلك بسبب الفكرة السائدة بين أفراده بأنه مريض خطر، ومريض قد يؤذيهم في حالة الاقتراب منه، وهذه الفكرة لا أقول انها خاطئة ولاأنكر ان بعض مرضانا النفسيين ومرضى الادمان قد تصدر منهم تصرفات مخيفة قد يعتقد البعض أنها خطرة كأن يشاهدوا حالته الرثة ومظهره المهمل، ويشاهدوا رأسه وقد اكتظ بالشعر الكثيف وينظر اليهم بنظرات غريبة، وقد يكون مكبلا بالحديد من قبل ذويه وذلك لشل حركته لا لخطورته ولكن حتى لا يخرج الى الشوارع ويهيم فيها ويعرض نفسه والآخرين الى الخطر، وقد يهدد بالضرب كل من يقترب منه أو القتل لمن يريد ان يساعده في محنته، وكل هذا يحصل طبعا في غير ارادته ووعيه فهو مريض وغير مستبصر لما يحصل حوله ويحتاج لمن يقف بجانبه ويساعده فهل نرفض ذلك لمجرد مشاهدتنا لما سبق؟
إخواني أفراد الهلال الأحمر إن هذا المريض إنما هو انسان مثله مثل أي انسان يقع تحت وطأة المرض ويحتاج لمن ينقله ويسعفه الى المستشفى حتى يلقى العلاج المناسب ويرجع لنا صحيحاً معافى وفرداً منتجاً ليقف بجانب أسرته لخدمتهم وخدمة وطنه ومجتمعه، فيجب عليكم ان تصبروا عليه قليلا وان تحتسبوا في مهنتكم هذه الأجر والثواب وأن تعلموا انه مهما صدر من مرضانا النفسيين ومرضى الإدمان من أفعال مؤذية أو ألفاظ مبتذلة فإنما هي من غير إرادتهم وفي غير وعيهم.
سلمكم الله ورعاكم وجعل كل ما تقومون به في ميزان حسناتكم،،،
محمد أحمد مشني/ممرض نفسي
|