قال لي طفلي يوماً.: بابا.. بابا شعرة بيضاء في رأسك..!!
فقلت له«لا شعورياً» اسكت فليست بيضاء..؟!
فقالت«أمه»: بل بيضاءناصعة البياض فأهلاً ومرحباً بها.. فقلت من شدة الغيظ: أأنت إذاً معيّرة ذاك العربي«الشاب» يوم رأت شعره شاب:
عيَّرتني بالشيب وهو وقار
ليتها عيَّرت بما هو عارُ
إن تك شابت الذوائب مني
فالليالي تزينها الأقمارُ
الشيب أيتها الغالية ليس عيباً.. فقالت: إذاً لماذا أنت مرتبك..؟ لماذا لم ترحب به بدلاً من أن تنهر صغيرك وكأنه هو الذي فعل..؟ لماذا.. ولماذا..؟ أسئلة انهالت عليَّ لم يكن بمقدوري الإجابة عليها خاصة وإنني في وضع نفسي لا أحسد عليه من امرأة وجدت فيَّ نقطة ضعف بدأت على قسمات وجهي ونبرات صوتي، وخشيتي أن تقول لي: إنك تجاوزت الشباب:
أحقاً أنما قلتم صوابا
وأني قد تجاوزت الشبابا..؟
هي شعرة واحدة فكيف لو كانت عشرات..؟
هي شعرة بيضاء والبياض رمز النقاء ولكننا لا نحب النقاء..!! هي شعرة لا ترمز إلى عجز عضوي.. ولكنها ترمز إلى عمر زمني مضى وبقية لا يعلمها إلا الله.
والشيب ينهض في الشباب كأنه
ليل يصيح بجانبيه نهار
والشيب لا يعني بأي حال من الأحوال أن القلب شاب
وفي الجسم نفس لا تشيب بشيبه
ولو أن ما في الوجه منه خراب
والرجل لا يخشى الشيب أيتها الغالية وإنما يخشى نفوركن وشعوركن معشر النساء بأنه لم يعد ذاك الشاب الوسيم الأنيق بل صار في عداد الكهول بل
بصريح العبارة«الشياب»
فإن تسألوني بالنساء فإنني
خبير بأدواء النساء طبيب
إذا شاب رأس المرء أو قل ماله
فليس له في ودهن نصيب
إذا المسألة ليست في تغيِّر هذا السواد وإنما المسألة بكل اختصار«امرأة» والمرأة قلب والرجل قلب وعقل فلا يضيرنا معشر الرجال بياض سوادنا ما دامت قلوبنا شابة وعقولنا راشدة..
أليس كذلك؟