كل الأفئدة في عرفات

الوقفة المهيبة في عرفات اليوم تلخص لحظات عامرة بالايمان، فهناك أكثر من مليوني حاج قدموا من أركان الدنيا وأصقاعها البعيدة وقد توحدوا كلهم في المظهر وفي التوجه في واحد من أفضل أيام الله طالبين رضا المولى عز وجل.
هذا التجمع الهائل في هذه الأجواء الايمانية الرائعة علامة أخرى لعظمة الخالق عز وجل وكيف أن هذه الملايين من البشر وغيرهم مئات الملايين تخضع لأوامره وتجاهد لكسب رضاه والفوز بالجنة.
الجموع الكبيرة في وقفتها المهيبة تبرز عظمة ديننا القويم الذي يستطيع أن يجمع كل هؤلاء الناس في يوم واحد وفي لحظة واحدة ومكان واحد، وكل ذلك مظهر لتجليات الاسلام الذي يجمع بين شتات القلوب ويخضع تضارب الأهواء لكي تتسق وتتواءم في لحظات معينة مع بعضها، تلك لحظات الصلاة في اليوم الواحد خمس مرات وبعضها ذلك التوحد في المسلك خلال شهر رمضان المبارك، ومنها هذا اليوم الأغر المبارك الذي تجتمع فيه كل هذه الملايين على صعيد عرفات.
بلاشك فان الموقف المهيب يفرض نفسه ويطلق العنان للخيال للتأمل والتدبر، ففي خارج عرفات وفي أنحاء الدنيا المختلفة يتابع أكثر من مليار مسلم وقائع هذا اليوم لحظة بلحظة، اذن فقلوب المسلمين كلهم ومشاعرهم هي في الواقع بين هؤلاء الذين تحتضنهم عرفات اليوم.
ان أحوال المسلمين اليوم تستوجب أن يكون هذا حالهم في كل حين وفي كل شأنهم، وقد انقطعوا بكامل مشاعرهم يطلبون رضا الله عز وجل.. حال المسلمين تحتم عليهم أن يقتبسوا من نور وجلال هذا اليوم وعظمته ومن لحظاته الايمانية الخالصة ومن هذا التوحد المتفرد، وهذا التوافق النادر، لكي يعينهم كل ذلك على تلمس سبل الخلاص من حالة التردي والتقهقر الحضاري وتغول الآخرين عليهم.
فمشاكل المسلمين اليوم هي الأكثر الحاحا فهم مستهدفون في أعظم ما لديهم.. في دينهم القويم.. محور حياتهم.. وهاديهم في كل شأنهم.