في صفحة -10-، يتساءل الكاتب في عنوان هذه الصفحة، فيقول: «لماذا أكتب؟».. وعندي أن الكتابة مزاج وهواية وحب وهاجس نفس.. ونرى في بدء تلك الصفحة أنها تبدأ بهذه الكلمة: - ولذا-، لم أر بداً من طرح السؤال عند هذا الحديث.. ولا أرى رشاقة في هذه الكلمة ذات الحروف الأربعة، وكاتبنا يدرك أن الأدب جمال في التعبير والنسق الفني، كأن يقول أحدنا: ذلك أني لم أر يداً الخ.
* وفي الجزء الأخير من الصفحة نفسها، نجد الكاتب يبدأه بقوله: إن الشهرة ليست غاية.. وأنا أقول إنها رغبة ملحة في الإنسان أو عنده..! وفي جزء من هذا الحديث، وهو يتحدث عن - الشهرة- قال: وحين قال المتنبي رائعته: «أنام ملء جفوني عن شواردها» لم يكن يبتغي الشهرة»، وأقول إن المتنبي كان يجري وراء الشهرة طوال حياته، وشهرته هي التي حملته إلى كافور، بعد أن ضاق ذرعاً في رحاب سيف الدولة، ولقد أخطأ المتنبي الاختيار وندم، كما ندم سيف الدولة على رحيل صاحبه عنه، ولقد مات المتنبي في سبيل الشهرة، وكان يطمع أن تكون له مساحة من الأرض يحكمها، وهو رجل طموح، ونحن نعلم أن الطموح يتعب صاحبه، ولايعرف إلى الراحة سبيلا.. ويستشهد كاتبنا قائلاً: إن «بيتهوفن حين صاغ سيمفونياته التسع وغيرها لم يكن يسعى إلى الشهرة، بل سعت إليه الشهرة بعد ان غزا نغمه الآفاق»..
* وإني أقطع أن الشهرة تأتي من نتاج عطاء متميز، ولست مع رأي كاتبنا أن المتنبي وبيتهوفن وأصرابهما، لم يكونوا يسعون إلى الشهرة، بل هي التي جاءت إليهم منقادة، والشهرة لا تأتي تلقائية، ولكنها إفراز جهد منتج وقوي ومتقن، والأستاذ عبدالرحمن يدرك، ان الشهرة مطلب النفوس.. والنفوس الكبار التي يتحدث عنها المتنبي، وأن الأجسام تعبت في مرادها، كانت تلهث وراء الشهرة.. وأنا أستثني أولئك الرموز في تاريخنا الإسلامي من القادة والخلفاء والولاة، الذين كانوا يجاهدون في بث رسالة الإسلام وهداية الأمة وإصلاحها، وما عداهم فإن الشهرة هدفهم الأول، وبها يرتقون ويعرفون ويكون لهم مجد، أي مجد..!
* في فقرات ثلاث، في ص«11»، جرى الحديث عن -بأس- الكلمة، ونقرأ في وسطى تلك الفقرات قول الكاتب: «وإما سمت به سمواً يرقى به إلى هام الخلود».. وعندي ان الكلام على اطلاقه لا يوصل إلى الخلود، لأنه مطلب لايتاح لصاحبه الوصول إلى الخلود، وهي كلمة مدلوها غير قريب، وغير سهل، لذلك فأنا أتحفظ كلما مررت بها في سياق كتابات الكتاب..!
* ونقرأ قول الكاتب في السطر السادس من ذيل الصفحة - 11-: وهي موقف قبل ان تكون معاقرة للحرف وأنا أميل إلى كلمة - معانقة- بدل معاقرة..!
* في السطرين الأخيرين من حديث الكاتب قوله، والحديث عن الكتابة: فالصمت هنا، موقف وحكمة وهو قول فصل، يقصر دونه كل بيان.. وكنت أود من كاتبنا التحفظ في هذا الإطلاق، لأن فيه مبالغة غير دقيقة ولا محببة، أعني: «كل بيان»، والبيان مساحته واسعة وعريضة، فلا يليق التعميم هنا..!
|