الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله.. قبل أربعة عشر قرناً روي عن الفارق عمر رضي الله عنه أنه قال: اخشوشنوا، فإن النعم لا تدوم..
وكلمة «الكشافة» إذا ذكرت تداعت الى الذهن معاني عدة، لاشك ان الاخشيشان واحد منها. وقد أطلق مجمع اللغة العربية بالقاهرة لفظ «الكشف» على الكشافة، وعرفه بقوله «نظام تهذيبي يراد به تكوين الشخصية المشربة بروح التعاون، والنجدة، والاعتماد على النفس، ويعتمد على الرحلات، والحياة في المعسكرات».
لقد أراد «بادن - باول» مؤسس الكشافة في أوائل القرن العشرين أن يحول ما في الشباب من روح المغامرة، وحب الحياة البسيطة الى أغراض سليمة، وذكر ان من أهم أهداف حركته: تقوية الجوانب الجسمية والعقلية والروحية للشباب ليقوموا بدور فعال في بناء المجتمع.
ولا يخفى ان هذه الأهداف قد عنيت بها الشرائع السماوية من قبل، ونادى بأهميتها الحكماء والمربون على مر السنين وأعطاها الاسلام الاهتمام الكبير اللائق بها وقد يجول في الذهن سؤال: ألا نستغني نحن المسلمين - بديننا عن الأخذ من هؤلاء وهؤلاء؟
والجواب: نعم. ولكن لا ضير في استعارة بعض الأشكال التي تشجع الشباب على المروءة، والنجدة، ومكارم الأخلاق، «فالحكمة ضالة المؤمن، أينما وجدها فهو أحق الناس بها» وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم حلف المطيبين في الجاهلية وقال عنه:«شهدت حلفاً في الجاهلية ما أحب أن لي به حمر النعم، لو دعيت الى مثله في الإسلام لأجبت» وهو الحلف الذي تعاهدت فيه قريش على نصرة المظلوم وكف الظلم. لهذه المعاني مجتمعة أقر ولاة الأمر في وطننا العزيز انشاء نظام الكشافة، فأسست في عام 1363هـ أول فرقة كشفية سعودية، وبعد نجاح هذه الفرقة في تحقيق أهدافها التربوية أصدرت وزارة المعارف تعليماتها عام 1375هـ باعتماد النشاط الكشفي في المدارس. وفي عام 1381هـ صدر مرسوم ملكي بتكوين جمعية الكشافة العربية التي تربي الشباب وفق تعاليم الاسلام على المعاني السابقة الذكر. وتنمي فيهم روح الولاء لله ثم الملك والوطن.
وكان من أهم نشاطات جمعية الكشافة العربية السعودية خدمة ضيوف الرحمن، حجاج بيت الله الحرام، يرشد الكشافة والجوالة مالا يقل عن عشرين ألف حاج سنوياً.
ورغم توافر كافة الامكانات التي تعدها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز «حفظه الله» ورغم المشروعات العديدة التي تقيمها سنوياً لتسهيل وتيسير أداء مناسك الحج، إلا ان ضياع بعض الحجاج أمر طبيعي يعود لعدة عوامل متشابكة: مثل التعب الذي ينتاب الحاج، والزحام، بالاضافة الى وجود أعداد من الحجاج لا يلتزمون بالتعليمات الواردة من الجهات الحكومية ومؤسسات الطوافة الخاصة بتنظيم تحركات الحجيج.
وجمعية الكشافة العربية السعودية تعمل مع الجهات الحكومية التي تجندها الدولة سنويا لخدمة ضيوف الرحمن، فتقيم الجمعية معسكرات الخدمة في مكة ومنى وعرفات وتضم الكثير من الكشافة والجوالة والقادة، ويؤدي هؤلاء أعمالا جليلة.
* وزير المعارف رئيس جمعية الكشافة العربية السعودية
|