عندما اهتزت «الرياض» منذ أيام على وقع خبر مفجع، تمثل في قيام مجموعة من المواطنين باطلاق النار على عدد من الأبرياء، ليلقى أحدهم حتفه ويصاب آخرون بجروح..
وعندما لاذ هؤلاء الجناة بالفرار لاعتقادهم بأنهم سيجدون ملاذاً آمناً يخفي معالم الجريمة، ويحول دون التعرف عليهم، وبالتالي عدم وصول يد العدالة إليهم..
عندما سرى مثل ذلك بين عامة الناس وخاصتهم، في لحظات سيئة صاحبها قلق وشعور بالأسى على ما جناه هؤلاء ضد أولئك الأبرياء من عمل مرفوض وسلوك غير مقبول..
وعندما أجمع الناس - كل الناس- على ادانة هذه الجريمة بوصفها اعتداء على النفس الآمنة، وترويعاً للآمنين من المواطنين وغير المواطنين دون وجه حق أو مبرر للقيام بمثل ما قام به هؤلاء..
***
أقول، إنه عندما حدث هذا الذي حدث، لم يدر بخلد أي منا أن يكون هؤلاء بعيدين عن قبضة رجال الأمن وحراس الفضيلة والساهرين على أمن واستقرار هذا الوطن الغالي..
بل إن تجارب الماضي، وتعامل رجال الأمن مع مثل هذه الحوادث وقد أظهرت شيئاً من قدرته وكفاءته في الانتصار للحق، كانت تعطي التأكيد على انها لا تعدو ان تكون أياماً معدودة ولن تطول قبل الإعلان عن القاء القبض عليهم..
غير أن الجديد الذي جد فيما صاحب هذه الجريمة، هو هذا المستوى الهائل والكبير والمشرف في حجم التعاون بين رجال الأمن والمواطنين، بما يمكن أن يؤخذ دليلاً ومؤشراً على استقرار وأمن هذا الوطن - وإن حاول من حاول تعكيره- طالما ظل المواطن يمثل بمواطنته رجل أمن، ويؤدي دوره ومسؤولياته بمثل هذا المستوى..
***
إن القبض على هؤلاء، وهو انجاز أمني يضاف إلى كثير من الانجازات التي حققتها العيون الساهرة في حوادث مماثلة، ليس هو موضوع هذه الكلمة، ولا هو هدف الكاتب من مشاركته بمثل هذه السطور، وإن أفرحه مثل هذا الانجاز الأمني الكبير..
كما أن تأثر الجناة بأفكار منحرفة وسلوك فكري غير سوي - كما جاء في تصريح المصدر الأمني- وهو أمر متوقع لمن يقدم على مثل ما قام به هؤلاء، يعفيني من كتابة هذه الكلمة مكتفياً بالتصريح إياه لو كان هذا موضوعها..
غير أن هذه المشاركة المتواضعة، جاءت احتراماً وتحية مني للرجال الذين انحازوا إلى المصلحة الوطنية، وضحوا بأبنائهم من أجل وطنهم حين سارعوا بتقديمهم إلى السلطات الأمنية، مؤكدين بذلك الولاء للوطن، والثقة بعدالة القضاء في المملكة، ضمن رفضهم لأي سلوك غير سوي حتى ولو كان من أبنائهم..
***
إن هذا التصرف الجميل من هؤلاء الآباء باقتيادهم لأبنائهم الى السلطات الأمنية، وهذا الشعور بالندم من بعض الجناة مصحوباً بمبادرتهم بتسليم أنفسهم الى العدالة لتقول كلمتها عمل طيب نأمل ان يقابل ومثلما قال سمو الأمير نايف بتخفيف العقوبة عنهم وبخاصة من سلموا أنفسهم وأولئك الذين سلمتهم أسرهم، ضمن الضوابط الشرعية وبما يساعد على إنهاء ظاهرة العنف والغلو في هذا المجتمع الطيب.
***
أريد أن أقول بعد كل هذا:
إن الوطن يعيش سيداً بأبنائه المخلصين..
وقوياً بمثل ما تصرف به هؤلاء القدوة من الآباء..
ومستقراً حين يسلم الجاني نفسه إلى العدالة بإرادته وطوع اختياره كما فعل هؤلاء..
والوطن يعيش آمناً حين يشعر كل مواطن بأنه رجل أمن..
هكذا أعتقد وهكذا أتصور..
|