الإسلام دين قام على مكارم الأخلاق وعدَّ كل صفة حميدة عبادة يُثاب عليها المسلم، وكل رذيلة سيئة يُحاسَب عنها الإنسان في دنياه وآخرته، ولهذا جاءت تعاليمه طهرة للإنسان في حياته الدنيا من الأنجاس والأرجاس، ومن ذلك انه حصر العلاقات الجنسية في محيط الزواج الشرعي عادَّاً كل علاقة خارج هذا الإطار زنا وفواحش، غير عابئ بما تزينه الحضارة المادية بأن العلاقة غير الشرعية حرية أو انطلاق في المتعة بلا حدود أو أن رضا الطرفين كافٍ في شرعيتها، فكل ذلك يؤدي إلى الفواحش ومنها الأمراض المعدية الفتاكة.
أكتب هذا بعد أن قرأت ما بثته وكالة الأنباء الفرنسية من سنغافورة بتاريخ 12/12/2002م من أن ناطقاً باسم وزارة الصحة هناك أعلن أن السلطات قررت اللجوء إلى سلاح الخوف لإقناع الشبان بالعدول عن ممارسة الجنس، وأنها ستوزع نشرة من (10) صفحات تظهر التشوهات التي تسببها الأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس على كل الطلاب البالغين من العمر (15) سنة، وستحتوي النشرة على صور ملونة واضحة للأعضاء لمرضى يعانون من أمراض كالزهري والسلس الناتجين عن العلاقات المحرمة، وكل ذلك حفزاً للشباب إلى العلاقة الشرعية. وورد في الخبر أن سنغافورة فعلت ذلك للانضمام إلى برنامج أمريكي يشجع على الامتناع عن ممارسة الجنس قبل الزواج ويتضمن التعهد بذلك كتابياً.الإسلام حين حرَّم العلاقة غير المشروعة لم يكن ذلك تخويفاً ولا إرهاباً ولا كبتاً للغريزة وإنما وجَّه إلى الفطرة الإنسانية التي إذا سار عليها سلوكياً أي إنسان مسلماً كان أم غير مسلم فلن تجد تلك الأمراض طريقاً إليه.وإذا كانت الحضارة الغربية توجه جهوداً كبيرة عبر وسائل الإعلام والسينما لهدم القيم ودفع الشباب إلى الجنس المحرم، فإن هذا الصوت الخافت الذي صدر منها لا يكاد يُسمَع في بحر الإنتاج الداعي إلى الرذائل حتى وصل إلى الاحتفال بمولد الأطفال غير الشرعيين إذا وُلدوا من المشاهير.إن رفع قناع الحياء ودعوة الفتيات خاصة إلى التهتك قد أدى إلى أن تظهر مثل هذه الأصوات الخافتة الداعية إلى العودة إلى الفضيلة وأنها هي الأمان من طواعين الرذيلة، وللأسف إن إعلام العالم الثالث لم يأخذ من الإعلام الغربي إلا سوءاته، فراح يغرق في الإنتاج الداعي الى استثارة الغرائز في مجتمعات أكثرها مجتمعات نظيفة قبل الغزو الإعلامي الإغرائي، بل لا يكاد المتابع يصدق عندما يرى عربياً أو مسلماً ينتج برنامجاً يركز على الغرائز، بل وصل الحد ببعض أبناء الدول التي لا تنفذ القتل على القاتل من أجل الشرف أن يعرض زوجته على شاشات التلفزيون من أجل حفنة دراهم يفوزان بها في المسابقة، فأين الشرف الرفيع الذي تُهدَر من أجله الدماء؟الفضيلة سياج للحياة الكريمة في أي مجتمع، والرذيلة مستنقع للحياة الرديئة، ومن أخذ بالفضائل ساد، ومن وقع في الرذائل باد، وويل لمن لا يعمل عقله ويصبح ناعقاً خلف المتفوق إعلامياً حتى في أخلاقه وعاداته وسلوكياته، وكما قال شوقي:
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه
فقوِّم النفس بالأخلاق تستقم
* للتواصل - ص. ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691
|