مرة أخرى شركاء في التربية.. ماذا نريد من المجتمع وماذا يريد المجتمع منا هذه تساؤلات طرحت في الندوة الشهيرة التي نفست بها وزارة المعارف عن التربويين والمجتمع وأظهرت من خلالها ما تحمله الصدور من آمال وآلام. ولكن هل نعرف حقاً ماذا نريد، وما هي المنهجية التي تنبع منها هذه الإرادة، وما هي مرجعية المنهج التي تنبثق منها إرادتنا، ثم من هم ذوو الفكر الأكثر صواباً في تحديد الوجهة الصواب لمسيرة التعليم، وما هي أدوات القياس التي تحدد جودة الفكر وتقييم الوضع، وهل القياس رأي مجرد حول قوة وضعف عناصر التعليم، أم أرقام في عجلة التنمية، أم مركز متقدم في معطيات الدول المصدرة للتقنية، وما هي العقبات التي تحد من تحقيق الإرادة هل هي عقبات مادية، أم عدم القدرة على التعايش مع الموارد المتاحة، أم ضعف في قراءة المستقبل، أم عدم القدرة على تحليل الواقع، أم عدم الكفاءة في بعضنا لضعف في النشأة أو التأهيل أو التدريب أو التصنيف الوظيفي. هذه تساؤلات تربوية وفرد من المجتمع حار بأي لسان يتكلم فخرجت زفراته تساؤلات لا تنتهي.
وأيا كانت الإجابة فيبقى المعلم هو القوة المؤثرة والطاقة الحقيقية، فالله سبحانه وتعالى أدب نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم فأحسن تأديبه ثم أدب به الناس الذين اقتدوا بهداه، ولقد قال معالي الوزير في كلمته التي ابتدأ بها تلك الندوة: «.. والمعلم الممتاز يتلافى بمقدرته القصور في المقررات والمباني».
وفي هذا القول فلسفة بليغة ذلك أن التربية مواقف يقرها المعلم بصمت أو يقومها بتوجيه، وبهذا وذاك يتكون لدى الطالب قيم واتجاهات. ولكن تعلمنا من المعلم ما لم يتضمنه مقرر أو يُقره قرار.
ولا شك أن تربية اليوم ليست كتربية الأمس وليست أدوات اليوم كأدوات الأمس.. إيقاع العصر سريع والخبرات البشرية تتضاعف في متتالية مثيرة، كانت تتضاعف قديماً كل مئة عام وأصبحت اليوم تتضاعف كل ثمانية عشر شهراً، فأصبح التعليم يتطلب المواكبة بالوصول السريع إلى المعلومة، وصولاً يفوق في سرعته عقد لجان للتأليف والمراجعة والتطوير، والشواهد تؤكد أن هذا الإجراء سيكون شيئاً من الماضي، وطريق الإصلاح شائك طويل «يحتاج منا إلى أمل وعمل وصبر» قاله الأديب الدكتور محمد بن حسين. ولغة المستقبل تطلب منها تزويد الطالب بالمهارات اللازمة كالنقد والمناقشة والتفكير والمبادرة والتطبيق ومعرفة الثوابت والقيم وترتيب الأولويات والانتماء الصحيح والحقوق والواجبات وتقييم الذات والآخرين من منظور شرعي، كما أننا بحاجة إلى تأهيل المعلم القدوة في إطار كيف يربي وكيف يعلم، وتحديد منهج للتفكير عند المتعلم يسير على دربه فلا يضل ولا يُضَل.
|