على الرغم من أن هناك من يرى أن سؤالي الندوة التي اقيمت مؤخرا تحت رعاية صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد الأمين والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني وبإشراف من وزارة المعارف أتيا متأخرين وأن الأمم المتقدمة قد تجاوزته منذ سنوات طويلة، ونحن لا نزال نبحث عن إجابات لهذه التساؤلات إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية هذه الندوة وتساؤلاتها إذ ان العلاقة بين المجتمع والتربية والتعليم هي علاقة تبادلية ومستمرة فكل منهما يؤثر في الآخر ويتأثر به كما أنها لا تتوقف عند حد أو زمن معين، وبالتأكيد فإن هذه التساؤلات قد طرحت داخل أروقة الجهاز التربوي والتعليمي لكنها لم تأخذ طابع العمومية الذي تأخذه اليوم.
أن تطرح تساؤلات كبيرة بهذا الحجم والشمولية فهذا امر جيد وصحي لاشك، وأن يؤخذ رأي المجتمع فهذا اعتراف من الوزارة بأهمية المجتمع ودوره في المشاركة في العملية التربوية والتعليمية ليس في التنشئة فحسب بل الأمر يتجاوز ذلك الى المشاركة في صنع واتخاذ القرار التربوي والتعليمي، والعملية كما يبدو من التساؤلات عملية تبادلية بين المجتمع والتربويين فكل منهما بحاجة الى الآخر لذا كان لابد من المصارحة والمكاشفة بالرأي والمشورة والفكرة والاقتراح وخلافه في جو ودي وتربوي ينم عن توجه وحس إداري وتربوي سليم، إن طرح الموضوع على الملأ بشكل عام ليساهم الجميع في موضوع يهم الجميع فلا تكاد تخلو أسرة من الأسر في المملكة إلا ولها فرد أو أكثر ممن له صلة بهذا القطاع الحيوي كطالب أو طالبة أو موظف أو موظفة أو غير ذلك يؤكد حرص الوزارة على التطوير ومحاولة الرقي بهذا القطاع الحساس إلى أعلى المستويات لمواكبة التطور ودينامية الحياة المعاصرة، ومن هذا المنطلق وما دام أن الجميع تقريبا يستفيدون بشكل أو بآخر من هذا القطاع فلا بد أيضا ان يسمع الرأي والفكرة والاقتراح والمشورة والمشاركة من الجميع أيضاً.
ومن جانب آخر فإن المجتمع دائما وأبدا يتطلع للكثير والكثير من التربويين باعتبار انهم المسؤولون عن حاضر ومستقبل الأمة، ومن هذا المنطلق فلاشك أيضا انه يريد أفراداً وخريجين جادين ومنضبطين يشعرون بالمسؤولية تجاه عقيدتهم ومجتمعهم ووطنهم ويقدرونها حق قدرها ويريد أفراداً يحترمون النظام ويساهمون في العملية التنموية مساهمة فعالة مثمرة كلاً حسب موقعه، ويريد أفراداً ملمون بالمعارف المختلفة شغوفين بالعلم والمعرفة وما تتضمنه من معلومات وتقنية أصبح المجتمع اليوم يعتمد عليها بشكل كبير بل انها سلاح هذا العصر وأساس الاستمرارية في عالم سريع جداً ويريد متقنين لأدوارهم في المجتمع، كما أنه يريد مبنى مدرسياً حديثاً ومتطوراً ومتكاملاً ومجهزاً بالوسائل والأدوات الضرورية وملائماً للعملية التربوية والتعليمية وما يساندها من أنشطة وبرامج، ويريد مفردات ومقررات مرنة موجهة ومرتبطة بالواقع والحياة وسوق العمل والتغيرات المختلفة التي تطرأ عليه من فترة الى أخرى ولا يريد مناهج جامدة تناقش أموراً لا تمس الواقع من قريب أو بعيد، مقررات تنمي مهارات التفكير والتحليل وبناء الشخصية والتعبير عن الرأي، ويريد معلماً مؤهلاً ومدرباً تدريباً كافياً للقيام بواجباته ومسؤولياته أيما قيام ومعلما يطور نفسه باستمرار راغباً في العمل في هذا الحقل لا مكرهاً. ويريد ايضا إشراك الجميع في عملية صنع واتخاذ القرار التربوي والتعليمي من أولياء أمور وطلاب وأجهزة ومؤسسات عمل ووسائل إعلام وأساتذة جامعات وخبراء وباحثين في المجتمع وعلومه المختلفة اضافة الى العاملين في الميدان من معلمين ومشرفين ومسؤولين في أجهزة التربية والتعليم.
وفي المقابل يريد التربويون من المجتمع التعاون معهم من خلال الحضور والمتابعة المستمرة للأبناء أو البنات على مدار العام الدراسي والمشاركة الفعالة والشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه تربية النشء، كما أنهم يريدون المساهمة الفعالة والمستمرة من وسائل الإعلام للقيام بدورها المنشود وهو التوعية المستمرة بأهمية التربية والمسؤولية المشتركة في تربية النشء من قبل جميع فئات وشرائح المجتمع والتنسيق والتعاون المثمر والمستمر في هذا الشأن وأهمية الترابط بين الأسرة والمجتمع والمدرسة.
وكلنا أمل ان تنجح هذه الندوة في الإجابة عن كل الاسئلة التي عقدت من أجلها وتلك الأخرى التي تحتاج الى إجابة، وأن ترى ذلك قريبا في الواقع.
والله من وراء القصد.
|