أَيُّهذا المُهَاجرُ الليلُ يَرْوي
مِنْ خُطَاك القيودَ والأَغْلالا
حائرٌ لا أدري لماذا جفُوني
لا ترى غَيْرَ ذا الشمالِ شَمَالا
شامخٌ عاتبٌ على الدهْرِ مثلي
حينَ أَبْكى سهولَهُ والجبالا
يَتَهَادى بَيْن المنونِ فما أب
شعَ مَوت الوهادِ وَهْيَ كُسَاَلى
هوَ منّى ذاك الثرى بَيْدَ أني
رَحِمٌ قدْ وُلِدتُ فيهِ سُعَالا
أيُّ جُرْحٍ ما مرَّ بي لَيْسَ جُرْحاً
فعلامَ الشَّكْوَى بكم تَتَوَالَى
آهِ جلْفَارُ، والشموسُ تَوَارَتْ
عَاث فِيها الِبلَى ضَنَىً وزَوَالا
مُسْتبِدٌّ هذا الدُّجَى في صقَيعٍ
يَسْتَحِثُّ الأَسَى لَهَا والنِّزَالا
والليالي ما تَبْتَغي من غَرِيبٍ
كُلُّ حُزْنٍ في رُوحه يَتَعَالَى
وطني مَهْمَا غِبْتُ عنكَ فإني
لا أرى في الجهات إلاّكَ آلا
كلُّ حَسْنٍ يزدادُ فيكَ بهاءً
وسموقاً، ورقَّةً وَدَلالا
مُتْرفاً، والهُدَى عليك تَمَنَّى
باقياتٍ تَمُدُّ فيكَ النَّوَالا
كَم طَوَيْتَ البيدَ التي في فؤادي
يا جواباً قد حَارَ فِيها سُؤَالا
لَسْتُ أنسى الجلالَ حين تجلّى
في بلادي وكيف مدَّ الجلالا
هيبةً فوْقَ تاجِ مَنْ فَتَنَتْ عَيْ
نَاهُ طَيْفَ السُّها صِباً وجَمَالا
فسقاها حُلْوَ الرِّضابِ من الكو
ثَرِ شَهْدَاً فَعَتَّقتهُ زُلاَلا
وطني مهما غبتُ عنك سَتَبْقَى
لعيوني مَنَازِلاً وظِلاَلا
ما يزالُ الخلودُ يَرْعاك حتى
ظَنَّكَ السِّحْرُ من تُقَاك الحَلاَلا
وَسَمَا فيك كُلُّ معنىً جميلٍ
وتناهيتَ في عُلاَكَ مِثَالا
أَيْنَ أَنْتَ الآنَ الرياحُ تَعَرَّتْ
كُلُّ أَمْرٍ قَدْ ذَابَ فيها ضلالا
اِعْصِفِي أو لا تَعصفي هُوَ نَجْمٌ
ثَابتٌ في العُلاَ رضاً وكَمَالا
جَبَلٌ لا يَدَكُّهْ أيُّ شيٍء
قد تَحَدّتْ أَوْتَادُهُ الزلزالا
أيُّهذَا الشموخُ في الأُفقِ حَلِّقْ
قد تَخَلَّتْ لك الذُّرا استبسالا
أَنتَ مَنْ يَسْكُنُ المَحَاجِرَ والحُزْ
نُ اْرتَوَى منها في الرحيلِ خَبَالا
سَيِّدي لا تشِحْ بوجهك إني
عاشقٌ لا يُحِبُّ إلا الرِّمالا
أَنْتَ أَغْلى من الكنوز وإنْ كا
نَتْ سَوَافيكَ حَمَّلَتْني المُحَالا
يا لَقَومي ضاقتْ عليَّ فِجَاجٌ
طَالَما دُرْتُ في رَحَاها سِجَالا
قَتَلَتني وَمَثَّلَتْ بِرُفَاتي
بَعْدما كُنْتُ صَارِماً قَتَّالا
كَيْفَ يغشى النُّعاسُ مُقْلَةَ مَجْدٍ
قَيَّدَتْ في أَهْدابها الأَبْطالا
مُطْرِقٌ والتاريِخُ أَمْسى حَزيناً
بَيْنَ كَفَّيْها يَبَْعَثُ الأَطْلالا
وعزائي في أُمَّةٍ قد سَمَت إذ
أَهْدَتِ الدّنيا خَالداً وبلالا
مَلَكَوُها وطالما علَّموا كي
فَ تَكُونُ الرجالُ فيها رجالا