إن شرف خدمة ضيوف الرحمن لشرف عظيم أنعم الله به على هذا البلد المعطاء ويمثل هاجساً واهتماماً كبيراً من قبل ولاة الأمر حفظهم الله .. فالهدف الأسمى هو المحافظة على أمن وسلامة حجاج بيت الله وتوفير كافة الخدمات الأساسية لهم فيما يخدم أداءهم لمناسكهم بيسر وراحة وأمان.
ولقد شهدت العقود الثلاثة الماضية العديد من المستجدات والمتغيرات في المشاعر المقدسة ومدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة مما حدا بولاة الأمر للتفكير الجاد والتخطيط الواعي والسليم لمواجهة تلك المتغيرات والمستجدات على جميع المستويات والأصعدة.. فعلى سبيل المثال كان هناك تطور كبير في تحقيق وتأمين الجوانب الصحية في تلك المواقع شمل الجوانب الوقائية لمواجهة الأمراض المعدية والتي قد تنتقل من القادمين من كل فج عميق. فكان الحرص وكانت التسهيلات والإمكانيات الصحية التي ارتقت في توفير أجواء ومواقع صحية خالية مما قد يشوب أويؤثر في صحة الحاج أو المعتمر.
ولمقابلة التزايد المستمر والكبير في أعداد حجاج بيت الله الحرام شقت الطرق والأنفاق ووضعت الكباري والجسور لتسهيل حركة المواصلات لضمان وصولهم إلى كل مشعر ورقعة في وقت قياسي. كما جرى توسعة الحرمين الشريفين توسعة لم يسبق لها مثيل في التاريخ.
وليس الهدف هنا استعراض ما قدمته وتقدمه حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين ولكن الهدف إعطاء بعض الأمثلة لما تم تقديمه طلباً في مرضاة الله سبحانه وتعالى.
لقد وقعت في الأعوام السابقة العديد من حوادث الحريق في منطقة منى والتي كانت تبنى عن طريق الخيام (التقليدية) كان سببها استخدام أسطوانات الغاز في المخيمات، أو ساهم في انتشارها إلى رقعة كبيرة وجود الغاز في تلك المواقع مما ينتج عنه العديد من الوفيات والإصابات بين الحجيج والعاملين في المشاعر المقدسة.
ورغبة وحرصاً على سلامة موسم الحج فلقد أُعدت العديد من الدراسات والأبحاث العلمية المبنية على (التجارب العملية ، الدروس المستفادة، المواصفات الفنية) والتي كانت ترتكز على محورين رئيسيين هما:
1) هل يستخدم وفق معايير مشددة للسلامة؟ ومن هذه الحالة ستظل نسبة لا يستهان بها من الخطر قائمة.
2) أم هل لابد من التفكير في إيجاد البدائل المناسبة؟ وكان هذا هو الحل الأمثل.
فقد تم التوصل إلى إحداث مشروع متكامل في منطقة منى أنشئت من خلاله خيام عصرية مطورة ومقاومة للحريق.
كما جرى البدء في مشروع (الحركة الترددية) وتم تطبيقها على مراحل يساهم في انتقال مختلف فئات الحجيج بشكل طولي من عرفات إلى منى مروراً بمزدلفة وبسرعة معقولة بالإضافة إلى توفير وجبات جاهزة تتمتع بمواصفات صحية عالية الجودة وتناسب جميع الأذواق وتتماشى مع عادات الأكل لكل فئة من الحجاج وتساهم في تفرغ الحاج لأداء مناسكه بكل راحة وأمان وهذا يمثل (الهدف الأسمى) الذي جاء من أجله والاستغناء أصلاً عن وجود الغاز في منطقة منى التي لا تتجاوز مساحتها (4كم2) أربعة كيلومترات مربعة ويقطنها في نفس الوقت وفي أيام معدودة ما يقارب مليوني حاج قابلة للزيادة في كل عام بالإضافة إلى القائمين على خدمتهم في مختلف القطاعات والجهات المسئولة.
ولقد شهدت السنوات الثلاث الماضية خلو منطقة المشاعر من حوادث حريق تذكر مما أثبت عدم الحاجة لاستخدام الغاز داخل المخيمات حتى وإن كانت مقاومة للحريق لما يتصف به من أخطار تتمثل بكونه يضغط داخل الخزان أو الاسطوانات سائلاً أقل من حجمه بمائتي مرة تقريباً وبالتالي فإن تسربه سيمتد إلى مساحة كبيرة وبالضرورة ستكون تلك المساحات مكتظة بالحجيج. كما أن وجود حالات طارئة مثل هذه يمكن التعامل معها بالعديد من الوسائل والسيطرة عليها وليست هي بيت القصيد ولكن الأهم في ذلك أن إخلاء بعض الحجيج عن مواقعهم قد يؤثر في إكمال شعائرهم والتي تمثل الهدف الأسمى الذي جاءوا من أجله.
فحسب الحاج العودة من حجه إلى بلده آمناً سالماً مغفوراً له كيوم ولدته أمه برحمة الله ومنِّه وكرمه ترافقه الهداية لا محملاً بالهدايا فقط.
نسأل الله التوفيق والسداد والعون للقائمين على خدمة ضيوف الرحمن وإنه لشرف عظيم حبانا الله إياه، وأن يديم الله نعمة الأمن والأمان والاستقرار لهذا البلد المعطاء إنه ولي ذلك والقادر عليه.
عميد مهندس/ عبدالمحسن بن حمد أبوالليف
مستشار مدير عام الدفاع المدني
|