* الرياض أحمد القرني:
تبدأ وزارة الصحة لأول مرة حملة لمكافحة التدخين بين الحجاج في حج هذا العام بناء على توجيهات معالي وزير الصحة الأستاذ الدكتور أسامة بن عبدالمجيد شبكشي نظراً لما للتدخين من أضرار صحية واقتصادية واجتماعية.
صرح بذلك الدكتور عبدالله البداح مدير برنامج مكافحة التدخين ومساعد مدير عام المستشفيات بوزارة الصحة الذي أوضح بأنه من غير المعروف عدد المدخنين بين الحجاج ولكن بالإمكان الخروج بتقديرات تقريبية عنهم. فالبنظر إلى استقرار أعداد الذين يأتون للحج في حدود المليوني حاج سنوياً منهم 2 ،1 مليون حاج من خارج المملكة العربية السعودية، وكونهم من البالغين ذكورا وإناثاً، بالرجوع إلى الدراسات التقديرية التي عملت عن أعداد المدخنين في الدول التي يأتي منه الحجاج وخاصة دراسات منظمة الصحة العالمية يمكننا تقدير عدد المدخنين في حدود ثلث الحجاج، أي حوالي 700 ألف حاج سنويا.
لذلك فإنه من الضروري أن تكون هناك حملة لمكافحة آفة التدخين بينهم. أما لماذا يدخنون فتلك مسألة مرتبطة باستمرار إدمانهم على تعاطي مادة التبغ السامة التي هي أساس التدخين إلى درجة لا يستطيعون الفكاك منها بسهولة.
وأضاف بأن هذه الحملة هي جزء من برنامج كبير لجعل المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة مدينتين خاليتين من التبغ لتنافس المدن العالمية المعروفة بنجاحها مكافحة هذه الآفة الصحية ولتكونا القدوة الأولى لمدن العالم الإسلامي في الخلو من التدخين.
وبين الدكتور البداح بأن عشرين موظفاً متفرغاً من الوزارة سيشاركون في هذه الحملة التي ستغطي المساحات التي سيتحرك فيها الحجاج في الأماكن المقدسة في المدينتين مستخدمة اللغات الرئيسية التي يتحدث بها الحجاج مثل العربية والإنجليزية والفرنسية والإندونيسية والتركية والفارسية وغيرها من اللغات الأكثر انتشارا.
وستشمل الحملة توزيع النشرات التوعوية والأشرطة المسموعة والملصقات التي تحمل رسائل توعوية مباشرة وغير مباشرة وإلقاء الكلمات التوجيهية في تجمعات الحجاج عن أضرار التبغ وكيفية الإقلاع عنه.
وذكر الدكتور البداح بأنه في إطار هذه الحملة فقد تم توزيع العديد من المنشورات التوعوية على الحجاج في منافذ الدخول ووسائل النقل وبعدة لغات، كما تم وضع لوحات توعوية على حافلات نقل الحجاج، وكذا على الطرق السريعة، إضافة إلى تركيب شاشات إلكترونية داخل المستشفيات تتضمن نداءات توعوية بأكثر لغات الحجاج شيوعا تحث على ترك التدخين، هذا بالإضافة إلى إصدار نشرة إعلامية بعنوان «التبغ أو الصحة» تتضمن تقارير وأخباراً عن أنشطة مكافحة التدخين والجهود المبذولة للتصدي لهذه الآفة والفتاوى التي أصدرها العلماء والمشايخ حول الحكم الشرعي للتدخين.
وعن أهداف هذه الحملة وعما إذا كان سيتم افتتاح عيادات علاج للمدخنين والنتائج المتوقعة منها في ظروف استثنائية كظروف الحج قال الدكتور البداح بأنه قد لا يكون من الأهداف المباشرة لحملة مكافحة التدخين هذه في الحج إلا توصيل رسائل صحية من بلاد الحرمين للحجاج عن السلوكيات السليمة ليأخذوها معهم إلى بلدانهم ومجتمعاتهم كإحدى الهدايا الدنيوية والأخروية من هذه البلاد للإقلاع عن السلوكيات السلبية التي كانوا يمارسونها من قبل ومن أبرزها التدخين الذي وإن كان يحتاج إلى قوة إرادة للإقلاع عنه إلا أننا لا نشك أبداً في أن الحج كفريضة تغرس في نفوس الحجاج الإيمانيات وتعلمهم الصبر والعزيمة والإصرار و قوة التحمل على الإقلاع عن السلوكيات السلبية لكفيل بأن يمكن أي حاج من الإقلاع عن التدخين. أما عن امكانية افتتاح عيادات لمعالجة التدخين أثناء الحج فإنه لا ينصح به لقصر المدة الزمنية للحج في حين أن تقديم العلاج ومتابعته يستغرقان عدة أسابيع، أما بالنسبة للنتائج المتوقعة فإنه من المأمول أن تقوم الأنشطة التوعوية للحملة بلعب دور جيد في تحقيق نسبة إقلاع جيدة عن التدخين المبني على العزيمة والإصرار في الإقلاع عن السلوكيات السلبية.
وبهذه المناسبة تحدث الدكتور البداح عن التقدير الذي تحظى به جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة التدخين على المستوى الدولي فقال بأن المملكة تعد من أكثر دول العالم اهتماما ونشاطا في مكافحة التدخين، ولا أدل على ذلك من اعتراف منظمة الصحة العالمية بذلك في عام 2001م وهو اعتراف يعد بمثابة تقدير دولي للمملكة العربية السعودية ممثلة في جهوده الكبيرة في مجال مكافحة التدخين على المستوى المحلي والاقليمي والدولي.
وتمثل ذلك الاعتراف بتسليم خادم الحرمين الشريفين حفظه الله الجائزة الدولية للمنظمة لمكافحة التدخين بواسطة الدكتورة غرو هارم و تلند المديرة العامة لمنظمة لمنظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة التي حضرت خصيصا لتسليم الجائزة له بحضور معالي وزير الصحة السعودية الدكتور أسامة عبدالمجيد شبكشي.
وقالت الدكتورة وتلند في حينه بأن تسليم خادم الحرمين الشريفين الجائزة جاء تقديراً لأمره بأن تكون مكة المكرمة والمدينة المنورة مدينتين خاليتين من التدخين وهو إعلان أسعد الجميع.
وأشادت بالجهود الكبيرة والقيمة التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة في مكافحة التدخين والمحفاظة على الصحة العامة لسكان البلاد.
كما ثمن في حينه معالي الدكتور شبكشي تسلم خادم الحرمين الشريفين لهذه الجائزة بقوله بأن تسلم خادم الحرمين لهذه الجائزة لهو إنجاز كبير للمملكة العربية السعودية على المستوى الاقليمي والعالمي فيما يخص الارتقاء بالخدمات الصحية واعتراف منظمة الصحة العالمية بهذا المستوى المتميز الذي وصلت إليه المملكة والذي لم تكن لتتبوأه لولا توفيق الله وجود القيادة الحكيمة المتمثلة في ولاة الأمر حفظهم الله جميعا.
وواصل الدكتور البداح تصريحه فقال: إن المملكة العربية السعودية تعتبر أول دولة في اقليم الشرق الأوسط لمنظمة الصحة العالمية وثاني دولة على مستوى العالم تحصل على هذه الجائزة، وذلك لتبنيها إعلان عام يسعى لتحقيق هدف جعل مكة المكرمة والمدينة المنورة مدنا خالية من التدخين وبالتحديد المناطق المحيطة بالمسجد الحرام والمسجد النبوي.
وأشار الدكتور البداح إلى نشأة الجائزة فقال: «إن منظمة الصحة العالمية اعتادت في كل عام أن تجري مسابقة بين الدول التي تتبنى مدنا خالية من التدخين خلال فترة زمنية محددة. وهذه السنة هي ثاني سنة يتم إجراء مثل هذه المسابقة فيها فتم ترشيح مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة كمدينتين مستهدفتين لتكونا خاليتين من التدخين بموافقة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله تعالى.
وأضاف الدكتور البداح القول: «ويأتي تبني هذا الهدف كمشاركة من المملكة العربية السعودية في المسابقة الدولية للمدن الخالية من التدخين وذلك لما لتحقيقه من تأثيرات إيجابية على الحجاج والمعتمرين يمكن أن تضاف للتأثيرات المعروفة لروحانية للحرمين الشريفين. كما سيكون لتحقيق ذلك الهدف دور مباشر في نشر رسالة صحية وسلوكية من بلاد الحرمين لشتى بقاع الأرض تحذر من التبغ وأضرار استهلاكه والفائدة الصحية والاجتماعية والاقتصادية المتحققة من تركه والابتعاد عنه».
كما تحدث الدكتور البداح عن الجهود التي قامت بها المملكة خلال السنوات الماضية في مجال مكافحة التدخين مما أهلها لنيل هذه الجائزة فقال: «إنه هذه الجهود تعود لحوالي ثلاثة عقود من السنين. فخلال تلك المدة قامت المملكة العربية السعودية بجهود حثيثة لمكافحة التدخين على الصعيدين الداخلي والخارجي مما أهلها للريادة في هذا الأمر، فعلى الصعيد الداخلي مثلا وجه خادم الحرمين الشريفين في عام 1404هـ بمنع التدخين في جميع المكاتب والمصالح والمؤسسات الحكومية، وفي نفس العام وجه أيضاً بمنع نشر إعلانات الدخان في الصحف والمجلات السعودية وإلزام الصحف والمجلات الأجنبية بتضمين إعلاناتها عباراة تحذيرية عن أضرار التدخين على الصحة. كما صدرت عدة توجيهات وقرارات سامية هدفت للحد من انتشار الدخان والتدخين من تلك التوجيهات والقرارات ما يخص مواصفات ومقاييس ومحتوى السجائر من نيكوتين وقطران وعبارات تحذيرية وغير ذلك ومنها ما يخص التأثير في أسعار الدخان بزيادة الرسوم الجمركية عليه».
وختم الدكتور البداح تصريحه بالقول: «أما على الصعيد الخارجي فلعلي أذكر أن المملكة العربية السعودية كانت سباقة بين دول مجلس التعاون الخليجي في مبادرتها بطلب مناقشة مشكلة التدخين في المؤتمر السادس لمجلس وزراء صحة دول مجلس التعاون الخليجي المنعقد في مسقط بسلطنة عمان عام 1399هـ من خلال ورقة علمية قدمتها في المؤتمر، ونتج عن ذلك تبني دول المجلس التوصيات الواردة في تلك الورقة. وكان من شأن تطبيق هذه التوصيات في هذه الدول دور كبير في الحد من آفة التدخين ومنع الإعلان عن الدخان في وسائل الإعلام وتفعيل دور المؤسسات التعليمية في مجال المكافحة عن طريق المناهج الدراسية التي تطبقها.
إن تأثير تطبيق تلك التوصيات بلغ حدا جعل شركات صناعة التبغ وتجارته تتنادى لإنشاء جمعية مختصة في المنطقة لمقاومة جهود دول مجلس التعاون الخليجي في مكافحة الدخان والتدخين، ولكن لا زالت المملكة بجهودها المتميزة في المكافحة تقف حجر عثرة أمام شركات تصنيع الدخان التي اعترفت بهذا كما جاء في تقرير صدر مؤخراً عن منظمة الصحة العالمية عنوانه: «صوت الحقيقة» ونأمل أن تستمر في ذلك إلى أن تصبح البلاد كلها خالية من الدخان والتدخين بعون الله تعالى».
|