قطر والرقص في كل حفلات الزفاف
اورلي ازولاي كاتس (*)

في حي فيلات صغير، لا يبعد كثيرا عن مقر الممثلية الإسرائيلية في الدوحة عاصمة قطر يسكن خالد مشعل، كبير حماس الذي نجا قبل عدة سنوات من محاولة إسرائيلية لاغتياله في الأراضي الأردنية.
بعد أن انتعش من السم الذي حقنه في عنقه عملاء الموساد، أوضح الأردنيون لمشعل بأنه شخصية غير مرغوب بها في الأردن، ومن الأفضل له أن يبحث عن مكان آخر.
فسارعت قطر بدعوته إلى أراضيها، ومنذ ذلك الحين وهو يسكن في الدوحة في البيت الذي حظي بلقب «فيلا العقل».
تحرص قطر على أن ترقص في كل حفلات الزفاف. من جهة فهي تحافظ على الاتصال مع إسرائيل وتجري حوارا مع الولايات المتحدة وأوروبا، ومن جهة ثانية تحافظ على علاقة قريبة من الدول العربية من خلال الغمز الدائم للمنظمات الإسلامية، مثلاً، عندما بدأت الانتفاضة أعلنت المغرب، تونس وعدة دول عن قطع علاقاتها الديبلوماسية مع إسرائيل. كذلك قطر أعلنت أنه لن يكون هناك ممثلية إسرائيلية في الدوحة ولكن في الواقع لم يطلب من الديبلوماسيين الإسرائيليين مغادرة البلاد.
تواصل الممثلية الإسرائيلية نشاطها وتدير حواراً لبقاً مع قطر في كل ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. والجانب الأكثر مفاجئاً للعمليات الديبلوماسية في الدوحة هو معالجة طلبات السكان المحليين بالحصول على تأشيرة زيارة لإسرائيل. مرة من أجل العلاج الطبي ومرة أخرى من أجل زيارة القدس.
بالمقابل يجري الإسرائيليون أعمالاً تجارية في قطر. حيث لا يوجد في قطر، إحدى الدول الثرية، ضريبة دخل ولا واجب تقديم تقرير للسلطات بشأن الصفقات. والنتيجة هي أنه يصل إلى هذه الدولة الثرية كل عدة أسابيع مجموعات من الإسرائيليين الذين يشترون ويبيعون ثم يسارعون بالعودة إلى بلادهم.
إن السيطرة الأمريكية على أجزاء واسعة من قطر يلقى التفهم من قبل السكان ولكن ليس بفرح، إنهم يفهمون أنه في كل ما يتعلق بالدفاع العسكري، فإن العلاقة بينهم وبين الدولة الأمريكية العظمى هي علاقة حتمية. قال لي رجل أعمال قطري، ويدير شركات كبيرة لصيانة الفنادق ويفضل عدم ذكر اسمه لصحيفة إسرائيلية «قطر هي مثل الولد الضعيف في الصف ولد يضحك منه الجميع لأنه قصير القامة ودائماً يتلقى الضربات ولكن ذات يوم حالفه الحظ وحصل على ميراث كبير والآن هو يحتاج إلى الرجل القوي في الصف وإلا فإنهم سيسرقونه. لدينا نفط يكفي ل30 40 سنة وغاز يكفي ل300 سنة أخرى، ولكن هذا ليس هو الأمر، الناس هنا أثرياء، ولكن السلطة فهمت أننا بحاجة إلى حماية أمريكا».
إن الارتباط مع الغرب أدى إلى تغييرات كذلك في نمط الحياة القطري. ففي الفنادق والمطاعم بدأوا بتقديم مشروبات روحية، الأمر الذي كان ممنوعاً قبل عشر سنوات حتى أن النساء، وإن كن في معظمهن يرتدين ملابس تقليدية إلا أن بعضهن لا يحرصن على ارتداء غطاء الوجه.
يسكن في قطر 700 ألف شخص، ولكن فقط 150 ألف منهم هم قطريون. والباقي عمال أجانب من الصين، والفلبين، كوريا، الهند، الباكستان، وكشمير، والقطري ليس إنساناً عاملاً وإن عمل فإنه يعمل كمدير للعمال.
والفنادق الفاخرة في المدينة تعرض الكثير من المواد الغذائية، بدءاً من الأكلة القطرية الوطنية، صحن أرز ولحم الجمل، وحتى الأسماك البحرية من كل الأصناف. لقد التقيت في وجهه كهذه مع رجل أعمال قطري وفي خلالها سأل ما إذا كانت حكومة إسرائيل قد وزعت كمامات الغاز على المواطنين.
قال لي رجل أعمال بأن قطر غير مستعدة لمواجهة الحرب الكيماوية والبيولوجية، رغم أنه حسب رأيه تعتبر قطر إحدى الأهداف الأولى لصدام بعد إسرائيل، لأنها بالنسبة إليه متعاونة مع الأمريكيين. وحسب أقواله لم توزع قطر كمامات غاز على السكان واقترح بإحساس رجل الأعمال: ربما نشتري كمامات غاز من إسرائيل ونحضرها إلى قطر.
يقول: «أنا واثق أنه يوجد لصدام سلاح كيماوي وبيولوجي وهي كارثة، يجب وقفه، ولكن بضغط ديبلوماسي واقتصادي. الحرب ستكون كارثة. قطر وإسرائيل يوجدان في نفس القارب. صدام مجنون. سيهاجمنا وسيهاجمكم بسلاح كيماوي وبيولوجي، وسيشعل حريقاً كبيرا في الشرق الأوسط».
وإذا كان هناك قلق في قطر مما سيأتي، فهو غير ملحوظ. ففي حين يستكمل الأمريكيون الاستعدادات للهجوم يستغل السكان كل يوم الشمس الساطعة للتنزه على ساحل البحر وينظرون صوب المباني الفاخرة متمتعين بجمال الطبيعة. من السهل التمتع برفاهية الحياة في قطر الثرية بحيث لا أحد ينوي تشويشها بمظاهرات ضد الدعم الأمريكي.