لا شك بأن ما قدمه الوزير الأمريكي كولن باول من معلومات وصور «بغض النظر» عن دقتها في الجلسة الخاصة لمجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء الماضي قد قلبت ميزان الدعم في المجتمع الدولي الذي كان إلى ما قبل ذلك الاجتماع متحفظاً في دعمه للمسعى الأمريكي - البريطاني باعتماد خيار الحرب لنزع أسلحة العراق ليتحول المتحفظ إلى ميّال لدعم الحملة الأمريكية البريطانية وحتى المعارضون خفت صوتهم إلى حد ما إلا أنه ومع كل هذا التحول فإن الحرب لن تكون حتمية وبصفة قطعية رغم تواصل الحشود العسكرية الأمريكية والبريطانية وتدفقها لمنطقة الخليج العربية واشتداد نبرة المسؤولين الأمريكيين الذين يفهم من أقوالهم أنهم يضعون اللمسات الأخيرة لشن الحرب.
ولكن ورغم كل ما تقدم فإن فرص الخيار الدبلوماسي لم تستنفد بعد ويرى المتابعون في التحرك العربي الذي نشط من خلال المملكة العربية السعودية والمعارضة الفرنسية والروسية والقوى الشعبية في أمريكا وأوروبا أملاً كبيراً في اعتراض طريق الحرب خاصة وأن القيادة العراقية تستجيب بصورة جيدة لكل ما يطلب منها وتبدي تعاوناً إيجابياً تمثّل في السماح بمقابلة المفتشين الدوليين للعلماء العراقيين بدون وجود ممثلين عن الحكومة العراقية .
وكان هذا أحد أهم المطالب التي حث عليها بليكس والبرادعي كما أن العراقيين أبدوا استعداداً لفتح كل الأماكن التي عرضها الوزير باول امام المفتشين والصحفيين للتأكيد على عدم دقة المعلومات الأمريكية وهذا سيخفف من دعم الرأي العام وبالذات الأمريكي لمرافعة الوزير وهو ما سيصعد من عمليات الرفض الشعبي العالمي للحرب مما يؤدي بالتالي للضغط على الحكومات لاتخاذ مواقف معارضة للحرب تمنع اندلاعها وتعزز موقف فرنسا وروسيا وألمانيا في مجلس الأمن الدولي التي ترفض إصدار قرار جديد في المجلس يكون بمثابة «الورقة التي تغطي الحياء الغربي من الدعوة للحرب» إذ يسعى الأمريكيون والبريطانيون ومؤيدوهم في أوروبا الشرقية وإيطاليا إلى إصدار قرار جديد من مجلس الأمن ليكون بمثابة مسوغ لمنح الحرب مظلة دولية وهذا ما تعارضه فرنسا وروسيا العضوان الدائمان بالمجلس وتساندهما سوريا وألمانيا وهو يهدد باعتراض القرار سواء بالتصويت إذا استطاعت الدول الأربع ضم ثلاث دول أخرى لها أو بالفيتو من قبل فرنسا أو روسيا.
وباستطاعة الدبلوماسية العربية أن تفعّل دورها الإقليمي على الساحة الدولية بالتنسيق مع الموقف الأوروبي الرافض للحرب والبناء على هذا الموقف الذي سيتنامى بقوة إذا ما تواصلت مظاهرات الرفض الشعبي في المدن الأوروبية والأمريكية.
|