Sunday 9th february,2003 11091العدد الأحد 8 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

300 400 صاروخ ستسقط على بغداد يومياً 300 400 صاروخ ستسقط على بغداد يومياً
وحشية الحرب القادمة ضد العراق لم يشهد العالم لها مثيلاً

  * واشنطن هنري مايكلز (*) :
يستعد البيت الابيض ووزارة الدفاع الامريكية لشن حرب على شعب العراق سوف تتسم بوحشية غير مسبوقة منذ مشاهد الرعب التي شهدتها حقبتا الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي، ان مستوى وحشية هذه الحرب سوف يعيد إلى الاذهان مشاهد استقرت في الضمير الجماعي للاجيال السابقة، مثل قصف جيرنكا والقصف النازي الكاسح لبولندا.
الخيار النووي
وترى واشنطون ان استخدام الاسلحة النووية خيار وارد في الحرب المرتقبة ضد للعراق، فقد ذكرت مصادر البنتاجون مؤخرا ان هناك احتمالا حقيقيا بقيام ادارة الرئيس بوش باستخدام الاسلحة النووية إذا تعرضت القوات الامريكية لموقف صعب.
وتنطوي خطة الحرب الامريكية على العراق حتى بدون اللجوء إلى الاسلحة النووية على اشباع العراق بالقصف، ويعتزم البنتاجون تدمير العراق باطلاق صواريخ في يوم واحد عليه تفوق في عددها تلك التي تم اطلاقها خلال حرب الخليج التي استمرت اربعين يوما قبل اثني عشرعاما، في الوقت الذي تحذر فيه منظمة الصحة العالمية من تعرض نصف مليون عراقي للموت أو التشويه خلال العمليات العسكرية.
ترويع العراقيين
لا يمكن للاعتبارات العسكرية المحضة ان تفسر مثل هذه الوحشية، غير انه يكمن وراء خطط بوش الحربية أهداف سياسية تتمثل في ترهيب الشعب العراقي والشعوب العربية واضعاف روحها المعنوية، وبعث رسالة عنف وترويع لسائر العالم، ومن اجل مصالح مالية ورغبة في الهيمنة على العالم، فان ادارة بوش على استعداد لارتكاب جرائم حرب رهيبة، في الوقت الذي تسخر فيه الولايات المتحدة من القانون الدولي، ومثال ذلك ما ظهر في اعقاب اعمال الرعب التي اعقبت الحرب العالمية الثانية.
لقد جعلت نظرية امريكا الخاصة الحرب الوقائية من مبادئ عدم الاعتداء والمساواة الدولية الواردة في ميثاق الامم المتحدة مسخة مثيرة للسخرية، وهي المبادئ التي قالت عنها الولايات المتحدة انها تستحق الدفاع عنها.
وهنا علينا ان نتذكر ما حدث عقب هزيمة المانيا الفاشية والامبريالية اليابانية عندما تعرضت الحكومات والقادة العسكريون إلى اتهامات، وادينوا بالتخطيط والتنفيذ لحرب عدوانية وهي تهمة تنطوي على تطبيق عقوبة الاعدام.
أهداف عراقية
يقول وليام اركين ضابط سابق بمخابرات الجيش الأمريكي في صحيفة «لوس انجلوس تايمز» بعددها الصادر في 26 يناير الماضي نقلا عن مصادر في القيادة المركزية الامريكية «لقد تم اعداد وثيقة مسرح الخطط النووية» للعراق، وهي تضم أهدافاً محتملة يتم استخدام اسلحة نووية ضدها، ووفقا لمصادر لم يكشف النقاب عنها فان هذه الخطط سوف تتركز على مهاجمة المنشآت العراقية التي تثور المزاعم حولها بانها تقع على اعماق بعيدة تحت الارض في العراق، فضلا عن اجهاض أي محاولة من جانب العراق لاستخدام الاسلحة الكيماوية أو البيولوجية.
ويتهم المسؤولون الامريكيون بالفعل صدام حسين باخفاء مواقع عسكرية تحت المناطق المأهولة بالسكان، الامر الذي يوفر ذريعة لقصف المدن والبلدات.
ويتضح من الوثائق التي نقل عنها اركين انه يجري الإعداد للخيار النووي في ضوء الاحتمالات الخاصة بانه رغم تفوق قوة النيران الساحقة التي تتمتع بها القوات الامريكية، إلا انها قد تعاني من خسائر بشرية ثقيلة، أو ان تصبح العراق مستنقعا لها.
لقد اشارت وزارة الدفاع الامريكية في تقرير نووي سري لها وقعه وزيرالدفاع دونالد رامسفيلد، وصدر في صورته النهائية في مطلع عام 2002، إلى انه يمكن نشر الاسلحة النووية «في حالة حدوث تطورات عسكرية مفاجئة» في الوقت الذي خفض فيه البيت الابيض بشكل ملحوظ من الحد النووي بازالة الاسلحة النووية من التصنيف الخاص بها المتبع منذ فترة طويلة، وادرجها ضمن الخيارات العسكرية الاخرى مثل القوات الخاصة، العمليات السرية، «الخداع الاستراتيجي»، الحرب النفسية، القوة الجوية.
اقتراح رامسفيلد
أرسل رامسفيلد في الحادي عشر من سبتمبر مذكرة إلى بوش اقترح فيها تكليف الادميرال جيمس أو، ايليس الابن قائد القيادة الاستراتيجية (ستراتكوم) في اوماها، بولاية نبراسكا بالاشراف على كل ارصدة الحرب الاستراتيجية بما فيها الرؤوس الحربية النووية.
وقد وافق بوش دون مناقشة الامر داخل البنتاجون، ناهيك عن الكونجرس والرأي العام الأمريكي على اقتراح رامسفيلد، وكشف الادميرال ايليس عن نزعاته خلال سؤال خطابي وضعه في الشهر الماضي: «إذا أمكنك التعرف على هدف ارهابي حيوي وهام، أو مخزون من اسلحة الدمار الشامل، وكان امامك دقائق وليس ساعات اوايام للتعامل معها، فكيف تصل إليها وتمنع هذا التهديد الذي يتعرض له نحو نصف سكان الامة»؟
أين تشيني؟
يجري إعداد الخطط النووية في مقر (ستراتكوم) على يد فرق صغيرة في واشنطن وفي مكان لم يكشف النقاب عنه لنائب الرئيس ديك تشيني في بنسلفانيا، ويستطيع تشيني الذي يرأس حكومة ظل سرية تشكلت غداة هجوم الحادي عشر من سبتمبر/ايلول الضغط على الزناد النووي.
ولا يعتبر العراق الهدف الوحيد للنظرية النووية الجديدة، ان «مسرح النشاط النووي» الذي تم تشكيله حديثا في (ستراتكوم) تركز على سبع دول كاهداف تحتل الاولوية أو ما يسمى بالدول المارقة وهي العراق وايران وكوريا الشمالية، وسوريا وليبيا والصين وروسيا.
ذريعة أمريكية
ان تجاوز الحد النووي في العراق سوف يكون بمثابة بداية حقبة جديدة من الحرب النووية، وفي الوقت الذي لم يعلق فيه المتحدث باسم البيت الابيض على تقرير اركين، إلا انه رفض بشكل قاطع استبعاد السيناريو النووي، فقد اعلن رئيس هيئة موظفي الرئيس بوش اندرو كارد في السادس والعشرين من يناير ان الولايات المتحدة تحتفظ بحق الدفاع عن نفسها، وعن حلفائها بكل الوسائل الضرورية.وذكرت شبكة (سي.بي.اس) ان الغزو سوف يبدأ بالطائرات الحربية والسفن التي ستقوم باطلاق ما يتراوح بين 300 400 صاروخ كروز في يوم واحد.
وهو اكبر من عدد الصواريخ التي تم اطلاقها خلال عملية (عاصفة الصحراء) عا م 1991، وفي اليوم التالي سوف يتم اطلاق 300 400 صاروخ آخر، وبمعدل صاروخ واحد كل اربع دقائق على مدار الساعة في المتوسط، فان الصواريخ سوف تنهمر بشكل مكثف على بغداد لتضرب خطوط امدادات المياه والطاقة الكهربائية، والاتصالات والمباني الحكومية، والطرق والجسور ومنشآت البنية الاساسية الاخرى الهامة.
القنابل الصامتة
واستعدادا لتنفيذ عمليات القصف، قامت القوات الجوية بنصب ستة آلاف جهاز توجيه تعمل بالاقمار الصناعية في الخليج العربي لتحويل ما يسمى «القنابل الصامتة» إلى قنابل توجهها الاقمار الصناعية.
وفي حرب الخليج الاولى، كانت «القنابل الذكية» التابعة للبنتاجون مسؤولة عن اعمال وحشية واسعة النطاق، فقد لقي عشرات الآلاف من العسكريين والمدنيين العراقيين مصرعهم خلال حرب عام 1991 القصيرة، اما في هذه المرة فقد اعلن المسؤولون في البنتاجون ان القصف المكثف لن يكون له نظير في التاريخ.
وصرح مسؤول بارز بالبنتاجون لشبكة (سي.بي.اس) ان حجم العملية العسكرية في العراق لم يشهد العالم لها مثيلا من قبل، ولم يخطر على بال احد.. حيث لن يكون هناك مكان آمن في بغداد وتقوم ما يسمى خطة معركة «السيطرة السريعة» على اساس فكرة تمت صياغتها في تقرير وضعته كلية الدفاع الوطني التابعة للبنتاجون عام 1996 أي في ظل ادارة الرئيس بيل كلينتون، أي قبل احداث الحادي عشر من سبتمبر بوقت طويل، وتحمل هذه الفكرة اسم «الصدمة والترهيب» حيث تسعى إلى السيطرة على العدو بشكل كامل من الناحية النفسية، وترويع سكان العالم.
العراق وهيروشيما
وفي معرض حديثه لشبكة (سي.بي.اس) عقد احد واضعي التقرير ويدعى هارلان اولمان مقارنة مباشرة بما حدث لهيروشيما اثناء الحرب العالمية الثانية، ففي غضون يومين او ثلاثة أيام سيتم استنزاف الشعب العراقي «جسديا ونفسيا وعاطفيا» على حد تعبيره مشيرا إلى ان «هذا الاثر النفسي المتزامن وليس اثر الاسلحة النووية كما حدث في هيروشيما لن يستغرق اياما أو اسابيع بل دقائق ليحقق الغرض منه».لقد تم التأكيد على هذه الفكرة في التقرير الصادر عام 1996: «ان الهدف الاساسي للسيطرة السريعة هو فرض مستوى كبير من الصدمة وترهيب الخصم بشكل فوري وكاف لشل ارادته، ان السيطرة السريعة تعني هنا السيطرة على البيئة، وشل تصورات الخصم وفهمه للاحداث، بما يجعل العدو عاجزا تماما عن المقاومة على المستويات الاستراتيجية ويعرضه لعملياتنا بشكل كامل».
واوضح التقرير انه «من الناحية النظرية فان حجم الصدمة والترهيب الذي تسعى السيطرة السريعة لفرضه في اقصى الحالات هو تحقيق ما يعادل التأثير غير النووي الذي احدثته عملية اسقاط الاسلحة الذرية على هيروشيما ونجازاكي على اليابانيين، لقد أبدى اليابانيون مقاومة انتحارية إلى ان تم استخدام القنبلتين النوويتين.
وكان تأثير هذه الاسلحة كافيا لتحويل تفكير المواطن الياباني العادي، ونظرة القيادة اليابانية إلى هذه الحالة (الصدمة والترهيب) وفي الفقرة التالية، يؤكد التقريرعلى انه لا يمكن استبعاد استخدام الاسلحة النووية.
كارثة متفاقمة
وفي الحقيقة فإنه يجب ضمان السيطرة السريعة بقدرتها التدميرية، لقد اتهم مساعد الامين العام للامم المتحدة السابق دينيس هاليداي الذي تولى رئاسة برنامج النفط مقابل الغذاء الذي وضعته الامم المتحدة في العراق في الفترة بين عامي 1997 1998 اتهم الولايات المتحدة، وحليفتها الوحيدة بريطانيا بالمضي قدما في خطط تهدف إلى: «اذلال المجتمع العراقي، وهي كارثة من شأنها ان تتفاقم من خلال التهديد باستخدام الاسلحة النووية التكيتيكية».
وحذرت مجموعة من اساتذة القانون تضم اكثر من مائة استاذ الرئيس بوش في رسالة من امكانية مواجهة مسؤولين امريكيين بارزين المحاكمة عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، والابادة الجماعية، إذا سارت الحرب ضد العراق في طريقها.وعلى الرغم من الرفض الأمريكي التصديق على معاهدة اقامة المحكمة الجنائية الدولية الجديدة، إلا ان الرسالة بدأت بالتأكيد على ان «المسؤولين الامريكيين الذين يتورطون في ارتكاب جرائم دولية معينة يتحملون مسؤولية ذلك وفقا لمبادئ قانون الولاية الدولية وجرائم الحرب».
الاحتجاج وحدة لا يكفي
ان المذبحة الامريكية المتوقعة سوف ترهب الملايين من سكان العالم، الذين سوف يشجبون الادارة الامريكية لارتكابها هذا العمل الوحشي الفظيع، وسوف يسعون إلى الحصول على اجابات سياسية عن ذلك، ان الخطط التي يجري الإعداد لها منذ وقت طويل، والتي تبنتها ادارة الرئيس بوش تسجل حقيقة ان الاحتجاج وحده لن يوقف الحرب، بل الامر يتطلب تعبئة دولية من قوى الشعب لوضع نهاية للنظام الاقتصادي المسؤول عن ظهور هذه البربرية الجديدة.

(*) خدمة الجزيرة الصحفية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved