تستشعر الدول والمجتمعات منذ فترة طويلة خطورة نقص المياه، حتى ان بعض المحللين من رجال الاقتصاد والسياسة يرون ان كثيرا من الحروب التي سيشهدها العالم في المستقبل ستكون بسبب النزاع على المياه.. ولخطورة الموقف في المياه أخذت بعض الدول في التفكير الجاد لمواجهة هذه المشكلة التي هي مشكلة حياة أو موت، فالماء أساس الحياة كما أثبت ذلك القرآن الكريم : {وّجّعّلًنّا مٌنّ المّاءٌ كٍلَّ شّيًءُ حّيَُ }. كما بدأت دول اخرى تضع برامج ترشيد استهلاك المياه موضع التنفيذ. والمتأمل للمياه في المملكة وكيف تم توفيرها يدرك الجهود المضنية، والانفاق الضخم على المشروعات العملاقة التي قامت بها الدولة ليسعد الجميع على أرض المملكة بالمياه.
وهذا التأمل أو الادراك في حد ذاته لا يكفي، فبلادنا معروفة تضاريسها، وهي بعيدة عن الارتباط بأحد فيما قد يعكر صفو المياه نبعا او مجرى أو مصبا، لكن مياهها في باطن أرضها أو على سواحلها بعد تحليتها او من فوقها حينما يتكرم ربنا سبحانه وتعالى علينا ليغيث البلاد والعباد، ولذلك يظل ارتباط مشكلات المياه فقط رهنا بالمواطن وبمن يستهلك المياه في المملكة، فالسلوك الاستهلاكي بعد حسن التوكل على الخالق سبحانه هو المهم في قضية المياه ونحن مطالبون بما جاء في ديننا الحنيف بعدم الاسراف {وّكٍلٍوا وّاشًرّبٍوا وّلا تٍسًرٌفٍوا} . «لا تسرف ولو كنت على نهر جارٍ» فهل نحن ملتزمون بتلك التوجهات لنحافظ على نعم الله علينا؟
إن وقفة التأمل تطلب من كل منا مراجعة بسيطة لسلوكه وسلوك ابنائه مع المياه، وتتطلب ايضا عملا ايجابيا يسد منابع الاستهلاك غير الرشيد ويمنع قطرات المياه من ان تستنزف او تهدر من غير فائدة، وساعتها يكون التأمل قد اثمر مشاركة فعالة في المحافظة على نعم الله علينا.
| 
