يجمع الباحثون على أنه في العهود السابقة كان للخط العربي مكان الصدارة بين الفنون الاسلامية والعربية، وقد ساعده على بلوغ هذه المنزلة ما يتميز به من جمال له طابع خاص مفعم بالحيوية حتى يخيل للناظر اليه ان حروفه في حركة دائبة على الرغم من سكونها، ويرجح كثير من الباحثين ذلك الى مرونة الحروف العربية وقابليتها للمد والرجوع والاستدارة والتشابك، والتداخل والوصل، والفصل، مما هيأ لهذا الفن الأصيل فرص التطور الى أعلى المستويات خلال فترة زمنية تبدو بسيطة عند المقارنة مع تطور حروف اللغات الأخرى.
وجمال الخط العربي كما يقول محمد أبوطالب: أصيل كامن في ذاته بغض النظر عن الخامة التي يستخدمها الفنان سواء كانت حبراً أم معدناً أم رخاماً أم خشباً أم خزفاً أم نسيجاً أم غير ذلك من الخامات العديدة التي نجح الفنان المسلم في تطويعها لإبراز مكامن الجمال في الحروف العربية عبر العصور الماضية.
وإذا تأملنا واقع الخط العربي في عصرنا الحاضر من خلال ما يكتبه الشباب نجد ان الأمر يدعو الى الامتعاض في كثير من الحالات.
لقد تراجع الاهتمام بالخط العربي بشكل واضح بل ربما حصل اهمال في صناعة الخط العربي واتقانه في كثير من الأقطار العربية والاسلامية على الرغم من كونه فناً راقياً بكل المقاييس وعلى الرغم من كونه احدى الدعامات المهمة والرئيسية التي تؤكد وتؤصل الهوية العربية والاسلامية. ومعلوم ان الاهتمام بالخط العربي يمثل صيغة من صيغ الاهتمام باللغة العربية واللغة العربية جزء لا يتجزأ من كيان الأمة فلا أمة من دون لسان، واللسان العربي خير لسان على الإطلاق.
ان من حق كل مخلص ان يدعو لمزيد من الاهتمام بالخط العربي واثارة الاهتمام بالخط العربي في هذا الوقت بالذات له ما يبرره.
ان مسؤولية جهات التعليم في هذا الخصوص على مستوى العالم العربي والاسلامي لا يمكن تجاهلها أو التقليل من شأنها. والجهات المعنية بالفنون التشكيلية هي الأخرى لها نصيبها من المسؤولية وللبيت نصيبه وللمجتمع كلمته ودوره الذي لا يمكن نكرانه إننا جميعاً تعليماً وإعلاماً وفي أي موقع كنا مشمولون شئنا أم أبينا بتبعات المسؤولية إيجاباً أو سلباً لأن العذر في هذه المسألة متعذر.
لقد أثنى التاريخ وأشاد بجهود ابن مقلة الذي أرسى قواعد الخط العربي ومثله ابن هلال الشهير بابن البواب وأمثالهما وإذا خلفنا تلك الثلة بخير فنعما هي وهذا واجبنا وشروط التأهيل لبلوغ الهدف لا تنقصنا بشرط أن نضع نصب أعيننا وجوب اجادة الخط العربي من قبل شبابنا ونشجعهم على ذلك ونضع الجوائز ونجري المسابقات ونحسب لهم الدرجات ولا نتساهل في هذا الأمر بحال من الأحوال على اعتبار أن ذلك يعد توثيقاً لهوية الأمة وعنواناً على أصالتها وتواصلاً بين أجيالها ودعماً للارتباط بحضارة الأمة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
|