Saturday 8th february,2003 11090العدد السبت 7 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في مقاهي بغداد الثقافية في مقاهي بغداد الثقافية
نوبل يحتسي الشاي مع الحاج « زبالة »

  * بغداد - د. حميد عبد الله:
في بغداد بإمكانك ان تتصفح الحركة الثقافية العراقية صورة وصوتاً أو انفعالات كما تتصفح أية صحيفة أو مجلة عبر الانترنت وانت تحتسي قدح شاي وفي فمك خرطوم نرجيلة يقرقر ماؤها في حوضها الزجاجي المزركش منقياً الدخان مئة بالمئة من القطران. النقاشات تحتدم حولك وتبادل الموضوعات المكتوبة المعدة للنشر ينساب من يد كاتب الى ناشر او صحفي وتنتقل الكتب من اريكة الى اخرى حتى تعود الى اصحابها من شعراء وروائيين وكتاب عراقيين وهي آتية من مختلف دور النشر العراقية والعربية والاجنبية مجتازة حواجز الحصار ومفارز حرق أو اغراق المكتبات .. تلك المفارز المدربة خلف الابواب السرية والمتبقية حتى القرن الحادي والعشرين من فلول جيوش هولاكو والمزودة بانوف الكترونية وخيول روبوتية.
فحين تشرب كأساً مترعاً بعصير الزبيب الخالص من محل (الحاج زبالة ) وتشاهد لوحات لبغداد القديمة معلقة على جدران المحل المتواضع الموغل في اعماق تاريخ بغداد المعاصر وتقرأ أقوالاً او أبياتاً من الشعر تشيد بفوائد عصير الزبيب وتواصل سيرك في شارع الرشيد حتى بداية شارع المتنبي عندئذ تدخل في عالم فريد ولاسيما في يوم الجمعة حيث تنغمر في مهرجان تتعانق فيه المكتبات مفترشة الارض تاركة ممرات صغيرة بينها وتنتهي رحلتك عند مقهى الشابندر حيث ترى الادباء من مختلف أجناس الادب والفن والثقافة يحتلون ارائك المقهى التراثية او يقفون منتظرين مكاناً يغادره صاحبه ليتابع أحدث نتاجات الثقافة في مقهى آخر فيما تجول كامرات المحطات الفضائية بين الرواد لتلتقي بأحدهم مسلطة وهج كامرتها نحوه وهو يتكلم عن أهم الاصدارات الثقافية التي وصلته مؤكداً اصراره على التواصل مع الثقافة حيثما كانت منابعها رغم اطماع الشرهين والباحثين عن ذرائع للاحتلال في رفوف كتب العلماء والمفكرين باسم الشرعية الدولية. في مقهى (حسن عجمي) مقابل جامع الحيدر خانة في شارع الرشيد يستمر وبلا هوادة التنافس في الابداع الادبي كأن قمقم الحصار صار كمصباح صلاح الدين طوعه الاديب وشكله حتى اذا دعسه بقلمه انبثق المارد حبراً ينساب في قربة القلم ليروي حكايات لألف ليلة وليلة جديدة تسهر الغرب وتبهره بابداع لن يطول التعتيم عليه. وفي المقهى يرتفع صوت احدهم مشيداً بموقف العلماء الذين وقَّعوا وثيقة احتجاج ورفض للعدوان على العراق وبعثوا بها الى البيت الذي يقولون عنه في امريكا (البيت الابيض) اذ احتج واحد واربعون عالماً من الحاصلين على جائزة نوبل على الحقد الامريكي الذي يستهدف الانسان في العراق واهراق دم الثقافة العراقية وقطع شرايينها من أجل ان يتدفق النفط في شرايين امريكا ويصب في قلبها، وقد نهت الاديان كلها عن قتل الانسان.. وفي هذا البلد ترعرع الاسلام وما زال يتسامى بحملة ايمانية رائعة ينفذها علماء أجلاء تدعونا للتفكر بما قاله الفيلسوف روجيه جارودي (ان الإسلام.. قد أوجد بفتوحاته الواسعة الظروف الضرورية لتجديد الحضارة ولتجديد شباب العالم) وفيما تعطرت المكتبات بأكثر من مئة رواية صدرت في العام المنصرم تدور هذه الايام مطابع دار الشؤون الثقافية لاصدار أضعاف ذلك العدد من الروايات عدا الاصدارات في الشعر والمسرح والنقد ومجالات الثقافة والادب والعلوم الاخرى .. وفيها ومن خلالها يعبر المثقف الذي رأيناه في المقهى عن موقفه من أجل وطنه وشعبه وكل وطن وشعب يحاول تجاوز خطوط الطول والعرض التي تحظر امريكا فيها الطيران مسجلة (حقوقها المشروعة) في الاستحواذ على أجواء عباد الله على بعد آلاف الاميال وتأمين طيران مريح لمقاتلاتها المحتضنة حزما من الصواريخ التي تنطلق نحو الارض كل خمس دقائق ولم تسلم منها حتى المقاهي الثقافية.
اما مقهى الزهاوي فلا يبعد عن مقهى حسن عجمي اكثر من مئة متر حيث يسود الهدوء نسبياً فيه .. وتدور احاديث الثقافة والادب وما زالت النقاشات تدور حول الرواية الثالثة رجال ومدينة (لكاتبها) بعد أن سبقتها روايتان : الاولى زبيبة والملك والثانية القلعة الحصينة ورغم ان الكاتب لم يذكر اسمه إلا ان اسلوب الرئيس صدام حسين في الكتابة لا يخفى على لبيب.
واذا كان يوم الجمعة يمثل طقساً اسبوعيا للتواصل بين المثقفين في المقاهي الثلاثة فان اللقاء اليومي يستحوذ عليه مقهى الجماهير في الباب المعظم على بعد خمسين متراً من جريدة الجمهورية، فهناك تتمكن من التصفح اليومي للثقافة والادب في الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية والدورية قبل ان تدور عليها المطابع بأنواع الاحبار ويتهادى المثقفون كتبهم الصادرة من دار الشؤون الثقافية سواء تلك التي صدرت ضمن سلسلة الموسوعة الصغيرة أو سلسلة ثقافة ضد الحصار أو مشروع الرواية أو تلك التي يصدرها بيت الحكمة وعدا هذه فان منافذ الاصدارات تكاثرت وفتات الحصار تتناثر بعد كل قلم يسكب كل حبره على الورق ليبدأ بالرقص قلم جديد اذ ان نتاجات المثقفين تصلهم الى المقهى آتية من مختلف دور النشر في العالم ولاسيما من سوريا وفلسطين والاردن ولبنان ومصر.
واذ يحل موعد أمسية اتحاد الادباء يوم الاربعاء من كل اسبوع في الساعة السادسة مساء يتخذ المثقفون مقاعدهم في القاعة الانيقة ليستمعوا الى محاضرة يلقيها استاذ جليل، أو الى احتفالية يشدوا فيها الشعراء من بغداد أو من المحافظات الاخرى ومن لم يحضر الامسية سيستمع اليها مفصلة في احد المقاهي في اليوم التالي.
لقد قال باحث في التراث لصحفية أجنبية تجلس في مقهى الشابندر وهي تدخن النارجيلة وقد كانت قادمة من مشاهدة تمثال كهرمانة وهي تصب الزيت الحار على اربعين (حرامي) مختبئين داخل اربعين جرة كبيرة تحت قدميها النصب في شارع السعدون/ ساحة علي بابا عند مفرق الكرادة، حيث يروي حكاية الجارية الذكية كهرمانة وعلي بابا والاربعين حرامياً. استمد الفكرة وجسدها في النصب البرونزي عام1971 النحات محمد غني حكمت من حكايات الف ليلة وليلة قال الباحث .. ومازالت رغم الحصار جرة كهرمانة مليئة بزيت حار حارق في انتظار الحرامية الجدد (المتحضرين) فإن زيت العراق سيبقى في خدمة النور والسلام ولكنه في ساعة الصفر يكوي رؤوس الحرامية تحت اية مظلة يخبئونها أو ذريعة.. هكذا تكلم التاريخ.
إيفانوف يهدي أنان دباً خشبياً يمثل التوازن في الأزمة العراقية
* نيويورك أ.ف.ب:
أهدى وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف كوفي انان دباً خشبياً واقفاً على حبل بهلوان، يمثل الأمين العام للأمم المتحدة في الدور الذي يضطلع به للحفاظ على وحدة مجلس الأمن حول مسألة العراق. وقد عرض فريد ايكهارد المتحدث باسم الأمين العام الخميس خلال المؤتمر الصحافي اليومي هذه الهدية، ويبدو الدب واقفاً بشكل متوازن على حبل مشدود بين وتدين مغروسين في قاعدة كتب عليها باللغة الانكليزية «هذا هو صانع السلام».
ويحمل الدب على صدره ميزاناً كتبت على كل من كفتيه كلمتا «حرب» و«سلام». وأمنت توازنه خمس كرات تحمل كل منها اسم إحدى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن «الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا».
وقال ايكهارد ان «تحريك واحدة من هذه الكرات يدفع بالدب إلى السقوط». وأضاف ان ايفانوف سلم الأمين العام هذه الهدية بعد الغداء الذي أعقب يوم الأربعاء الذي عرض فيه وزير الخارجية الامريكي كولن باول «أدلة» امريكية تفيد ان العراق يخفي أسلحة دمار شامل.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved