* غزة عماد الدريملي د ب أ:
يستعد الجيش الاسرائيلي لشن هجوم عسكري جديد على الاراضي الفلسطينية قد يستهدف هذه المرة إعادة احتلال قطاع غزة بشكل كامل غير أن مسؤولين فلسطينيين اعتبروا الهجوم على القطاع الضيق الذي يتميز بالكثافة السكانية العالية ينطوي على كارثة ومخاطر كبيرة. ويرى المحللون الفلسطينيون والإسرائيليون أن هجوما ضخما في القطاع حيث تتمتع التنظيمات الاسلامية والاجهزة الامنية الفلسطينية بوجود واسع قد يثير معارك عنيفة وخسائر كبيرة لدى الجانبين. ويعيش في قطاع غزة قرابة مليون وثلاثمائة ألف فلسطيني على مساحة لا تتجاوز360 كيلومترا مربعا تحتل المستعمرات الاسرائيلية ما يزيد عن 42 بالمائة منها. وقال مراقبون ان طوابير الدبابات والمجنزرات المدرعة التي راح الجيش الاسرائيلي يدفع بها إلى حي الزيتون جنوبي مدينة غزة ووصولها إلى مشارف ميدان فلسطين، المكان الذي لم تطأه قدم إسرائيلية منذ الانسحاب من القطاع في منتصف 1994. والعدد الكبير من القتلى والمصابين والدمار الذي خلفته جسد كيف ستبدو الصورة لو وسع العمل في المستقبل. وقال محافظ غزة محمد القدوة ان «من يشاهد الدمار الذي خلفه الجيش الاسرائيلي في حي الزيتون وعسقولة جنوبي المدينة سيعتقد للوهلة أن (هزة أرضية) قد لحقت به». وتابع «لقد سقط 12 شهيدا وأصيب أكثر من 60 بجراح بين متوسطة وخطيرة بالاضافة إلى تدمير أكثر من 30 ورشة خراطة ومستودعات معدنية وبلاستيكية وورش ميكانيكية و12 منزلا واحتراق 56 محلا تجاريا. مضيفا ان حجم التفجير والكميات التي تسببت في تفجير هذه المباني والمنشآت كان يهز المدينة لمدة تزيد عن سبع ساعات متواصلة».وقال محللون فلسطينيون ان أحياء ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين المزدحمة في قطاع غزة تشكل معقلا للمنظمات الراديكالية. ومن ثم فإن «أي معركة في هذه المخيمات ستتحول إلى فوضى دامية». وضرب شهود فلسطينيون مثالا على ذلك عندما طاردت طائرة هجومية إسرائيلية عدداً من النشطاء الفلسطينيين الذين كانوا يحاولون زرع لغم أرضي في أحد الطرقات لدى توغل الدبابات وعندما أطلقت النار باتجاههم سقط أحد الصواريخ على سوق الشجاعية الشعبي المكتظ مما أدى إلى اشتعال النيران فيه وقد قدر مسئولون فلسطينيون الخسائر بملايين الدولارات، وفاقم الهجوم على مدينة غزة المخاوف من قيام الجيش الاسرائيلي بإعادة احتلال فعلي وكامل لقطاع غزة المحاصر على غرار ما حصل في الضفة الغربية في الصيف الماضي. وبات المسلحون ببنادق رشاشة اكثر حضوراً في شوارع وأزقة مدينة غزة خوفا من أي مواجهة طارئة مع الجيش الاسرائيلي. فيما دعت القوى الفلسطينية جميع أجنحتها العسكرية إلى أعلى درجات الاستنفار والتعبئة في كل المحاور وعلى مداخل المدن والمخيمات والقرى للتصدي لاي «عدوان» إسرائيلي، وتجلت هذه المخاوف أكثر بعد تهديدات لوزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز التي لم يستبعد فيها إعادة احتلال القطاع كرد على إطلاق الفلسطينيين «صواريخ القسام» على البلدات الجنوبية الاسرائيلية. وقال موفاز في مقابلة مع الاذاعة الاسرائيلية «لقد عملنا أولا ضد قطاع بيت حانون (شمال قطاع غزة) الذي أطلقت منه صواريخ قسام على الاراضي الاسرائيلية. ثم ضد البني التحتية للارهابيين في غزة حيث تم تصنيع هذه الصواريخ».
وتابع «اعتقد ان علينا أن نحتفظ لانفسنا بكل الخيارات مفتوحة وحتى هذا الخيار في السيطرة على منطقة قطاع غزة طرح في السابق وهو مطروح ونحن نقرر متى نخرجه إلى حيز التنفيذ». وأكد مسئولون فلسطينيون على أن السلطة الفلسطينية تأخذ تصريحات موفاز هذه على محمل الجد. ودعت الادارة الامريكية للتحرك العاجل والسريع لوقف «التصعيد» الاسرائيلي.وحذر صائب عريقات وزير الحكم المحلي الفلسطيني الحكومة الاسرائيلية من أي هجوم محتمل على قطاع غزة وقال إنه سيؤدى إلى «كوارث» وسيكون «بمثابة صب البنزين على النار». وقال عريقات في تصريحات له «إن أي هجوم إسرائيلي محتمل على قطاع غزة سيؤدي إلى كوارث إنسانية وبيئية واقتصادية وسيكون هناك عدد كبير من الضحايا وسيخلف الدمار بين المدنيين والابرياء ودمار اقتصادي كبير في اكثر مناطق العالم كثافة سكانية». رأى ياسر عبد ربه وزير الثقافة والاعلام الفلسطيني أن "احتلال قطاع غزة مخطط قائم. وقد أعلن عنه قادة جيش الاحتلال منذ فترة طويلة. مضيفا «شارون وموفاز يريدان استكمال السيطرة على الاراضي الفلسطينية بكاملها بهدف تقويض السلطة الفلسطينية». وتوقع عبد ربه أن يعمد الجيش الاسرائيلي إلى «إعادة احتلال قطاع غزة في حال وقوع حرب محتملة في المنطقة مع قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية للعراق». وقال «يعتقدون (الاسرائيليون) أن مناخ الحرب ضد العراق يمكن أن يساعدهم حيث تتجه أنظار العالم بأسره نحو وضع العراق ومسائل الحرب و لهذا السبب هم يريدون أن يكملوا احتلال الاراضي الفلسطينية حتى يفرضوا ما يريدون من شروط على أرض الواقع بعد الحرب». وقال «هذه أفكارهم و مخططاتهم ونحن نقول «يجب أن لا نعطيهم أي ذرائع أوأي حجج لا باسم صواريخ عابرة أو غير عابرة». ورأت صحيفة هاآرتس العبرية في تعليق لها يوم (الاثنين) أن الهجوم الذي شنته قوات جيش الدفاع الاسرائيلي على غزة جاء «بروفا (تجربة) استعدادا لتوسيع المواجهة».وقالت إن «إسرائيل وجدت نفسها تقف في الآونة الاخيرة أمام جبهة من نوع جديد على الحدود مع قطاع غزة. فإطلاق قذائف (القسام) من الراجمات بشكل يومي على مستعمرات القطاع كان أمرا مسلما به. أما إطلاقها إلى داخل الخط الاخضر (إسرائيل) فهنا تتغير قوانين اللعبة». وتابعت الصحيفة ان هذا التطور للاحداث «بدأ يقلق الجيش الاسرائيلي» ويذكر بالمواجهة السابقة بين إسرائيل وحزب الله .. في الجنوب اللبناني».
وتقول مصادر فلسطينية ان القذائف الصاروخية التي صنعتها كتائب عزالدين القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الاسلامية حماس كانت تستخدم ضد أهداف إسرائيلية في قطاع غزة فقط بطرازها القصير المدى (قسام ـ1) الذي يقل مداه عن كيلومترين. وقد قامت حماس في الاشهر الاخيرة بتطويرها ليصل مداها إلى حوالي 11-12 كيلومتر. وأطلقت عليه اسم (قسام 2). وتقول المصادر ان الصاروخ عبارة عن أنبوب فولاذي يصل طوله نحو متر تقريبا.
ومثبت في أحد طرفيه جناحي الصاروخ. أما من الطرف الاخر فيوضع فيه رأس مدبب فولاذي يغطي الرأس الحامل للمتفجرات قد تصل إلى خمسة كيلوجرامات. أما في الجزء السفلي للانبوب فيثبت خليط من المواد المتفجرة لاحداث قوة دفع للصاروخ. ورغم أن هذه القذائف لم يكن لها أي تأثير كبير في إلحاق أضرار في صفوف الاسرائيليين إلا أن حركة حماس تستخدمها في إطار ما تسميه «توازن الرعب». وذهب معلقون إسرائيليون إلى اعتبار هذه الصواريخ تهديدا استراتيجيا لاسرائيل. وقال زئيف شيف المعلق السياسي في صحيفة هاآرتس ان «إسرائيل لن تسمح بأن تكون مدنها ومطارها الدولي في مرمى هذه الصواريخ». مضيفا ان «إسرائيل قد تضطر إلى إقامة حزام أمني لابعاد هذا التهديد». لكنه لم يستبعد إعادة احتلال قطاعات واسعة من مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني. وكان منطق مماثل حمل إسرائيل في عام 1982 على اجتياح لبنان لجعل البلدات في شمال إسرائيل في مأمن من صواريخ الكاتيوشا التي كان يطلقها الفلسطينيون.
|