Saturday 8th february,2003 11090العدد السبت 7 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
لبيك ثم لبيك(1/2)
رقية الهويريني

نشطت في الأيام الاخيرة حركة دؤوب لاستقطاب أكبر عدد من الحجاج من قبل حملات الحج وفيها يتنافس اصحابها على اجتذاب الحجاج بمختلف مستوياتهم الاقتصادية وتناست تلك الحملات ان الهدف الاساسي من الحج - فضلا عن كونه عبادة - هو التقاء المسلمين من كافة أصقاع الدنيا وانتفاء الطبقية الاجتماعية والاقتصادية، فقد وحدهم الله بعبادته وطاعته، والمساواة بينهم في اداء الشعائر بلبس موحد يقتضي رفع التباهي بينهم، والملبس هو اول ما يدل على المستوى الاقتصادي للمرء.
وحين تبالغ مؤسسات وحملات الحج في اغراءاتها امام مؤدي الفريضة فهي تخدش مبدأ المساواة التي سنها الله تعالى في مكان ثابت وزمن لا يتغير!!
وتتبارى حملات الحج في هذا الامر لدرجة ان أصبح لديها خدمات خاصة لرجال الاعمال يستطيعون فيها قضاء أعمالهم التجارية أثناء أداء مناسكهم وذلك بتوفير جميع أنواع الاتصالات السلكية واللاسلكية وهو ما يطلق عليها «v.i.p» وإنه ليحزننا ان الاسلام يقضي على التباين في اللون والشكل واللغة والنواحي الاقتصادية والاجتماعية بينما ترسخها تلك الحملات بما تقدمه من خدمات للمتميزين واصحاب الدخول المرتفعة ونأمل ألا يصل الى التوكيل لها برمي الجمرات او السعي أو أداء باقي أركان الحج وواجباته، بعد ان أصبحت تتنافس فيما بينها بما يقدم للحاج من مأكولات ومشروبات مختلفة وغرف مريحة مجهزة بكل التقنيات لدرجة أن تحول الحج الى نزهة «أكل، شرب، سياحة».
وعلى جانب آخر قد تذهب تلك الاغراءات أدراج الرياح حين يفاجأ بعض الحجاج بأن العقد الذي أبرم مع الحملة ماهو الا حبر على ورق، فحين وصولهم المطار تتأخر كثيرا الحافلات التي تقلهم من مطار جدة الى مكة ثم محل اقامتهم بمنى، وكان يفترض ان تكون اولى الخدمات سرعة نقل الحاج الى مقره. كما ان الحاج عندما يصل الى المخيم المقرر يجد انه يحشر مع اجساد بشرية تصل لاكثر من 400 شخص والمقرر لكل مخيم 200 حاج، ويفترض تقسيم المساحة الى أربعة أقسام على الاقل، ولك ان تتخيل المساحة المخصصة لكل حاج في حالة النوم والراحة وهي «50 سم» عرض الفراش المعد له وملاصق مع فراش لحاج آخر، وهكذا.
أما دورات المياه فهي بالتأكيد غير كافية اذا ما نظرنا لكثرة اعداد الحجاج في المخيم نظرا لحاجتهم إلى النظافة والاستحمام بشكل دائم! ولابد ان تحرص الحملات على توفير الضروريات للحاج قبل البحث عن الكماليات. ومن المفاجآت التي تواجه الحاج عدم وجود نقل بين المشاعر او عدم مناسبته، فهم بحجة قرب الاماكن يحشرون اكبر عدد ممكن منهم في حافلة واحدة، وقد يصل الامر الى ساعات قبل وصولهم للمشعر الآخر بسبب الازدحام او لتعطلها اثناء السير بسبب قدمها.
ولعل آخر ما تفتقت عنه أذهان تلك الحملات هو استضافة بعض العلماء وطلبة العلم الشرعي، بل والاعلان عن ذلك في الصحف بصورة متكررة لجذب الناس واستغلالهم لدفع مبالغ أكبر واصبحت تتنافس الحملات في ذلك واننا نكبر في مشايخنا الدخول في متاهات دنيوية ونربأ بهم عن ذلك ونأمل منهم عدم تمكين تلك الحملات من استغلال ثقة الناس بهم، والترفع عن تلك الامور. ولتكن الاستعانة بهم بعد وصول الحملات الى المشاعر المقدسة من باب توعية الناس وتثقيفهم وارشادهم والاستفادة من علمهم وعدم الاعلان نهائيا عن مصاحبتهم تلك الحملات، وطلب الأجر والمثوبة من الله «قل ما أسألكم عليه من اجر».
واننا لنأمل من الحاج الذي ذهب لأداء فريضته مخلصا العمل لله وحده فلا بد ان يستشعر الزمان والمكان وان يلتزم الهدوء ورباطة الجأش والصبر وذلك اثناء السعي والطواف والوقوف بعرفة والنفرة منها ورمي الجمرات، ويتحمل المشاق التي يواجهها ويحجم عن الغضب حيث ان هذه الاماكن والايام مقرونة بالمشقة وفيها يتضاعف الاجر، ولذلك حددها القرآن الكريم - بالذات - في النهي عن بعض الانفعالات «فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج» وعليه ألا تكون مواجهته هذه الصعاب سببا في التذمر من الحملة التي يتبعها ونعتها بسوء الامكانيات وعدم الدقة في المواعيد او بطء النقل لاسيما حين تكون الحافلات حديثة ومكيفة ومريحة ويقودها سائق ماهر لان ذلك ربما يكون مرده الى الازدحام والحوادث وصعوبة المرور المعروف بالمشاعر المقدسة في ايام الحج.
كما على الحاج ان يتزود بالطاعات والعبادات اكثر من اهتمامه بالاكل او الشرب او الاهتمام بالشكليات الدنيوية.. وتقصير اصحاب الحملات ليس مدعاة للغيبة بل عليه اغتنام وجوده في هذا المكان وهذا الوقت والتوجه الى الله بالدعاء الخالص وشكره على ان اوصله الى بيته الحرام ومشاركة اخوانه المسلمين اداء هذه الفريضة التي يعيش مسلمون ويموتون وهم يحلمون بالوصول الى المشاعر واداء المناسك فلا يستطيعون.
أفليست نعمة تستحق الشكر.
ولنا وقفة الاسبوع القادم مع وزارة الحج والامل المعقود عليها.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved