* س: - ذكرتم في إجابة سابقة ان الرجل أوالمرأة لا يكون احدهما مسلماً إلا إذا أسلم ولا يكونان مؤمنين إلا بصفات معينة وذكرتم عن ذلك الرجل «الموظف» الذي كان يرتشي ليوظف بعض الناس في دائرة ما فيأخذ عشرة آلاف الى خمسين ألف ريال «نقداً» فيوظف على هذا الأساس ثم انه صحا من «سيل هذا الحرام» فذكرتم انه مسلم وليس بمؤمن.. إلخ فمعنى هذا ان غالب الناس اليوم مسلم فقط فكيف يكون هذا ما سببه..؟
الشيخ مصطفى بن محمد بن سبيل العمايرة - الأردن
* ج: - حتى يكون الكلام ذا نسق متوازن أمين وحتى تدرك الجواب حقيقته فإنني لم أذكر الرجل ولا المرأة ولم أقل: لا يكون أحدهما مسلماً.. الخ.. ولم أذكر عشرة الآلاف ولا الخمسين ألف ريال.. إلخ.. لم أذكر هذا والذي ذكرته ان موظفاً بعث اليَّ انه كان في وظيفة ما وكان ذكياً حيوياً وقد استغل هذه الصفات ليلعب لعبته ليكسب «الحرام» فكان يوظف أو يتسبب في توظيف بعض الأشخاص مقابل قدر من المال، ثم هو يسأل كيف ترون مالي؟ كيف ترون هذا مع أنني متدين وذو عبادة وصلة رحم إلخ..؟
هذا الذي كان منه تماماً.. وكان جوابي انه يجهل حقيقة التوحيد وآثاره، ويجهل حقيقة كمال الايمان وآثاره كذلك فليس هو «بمؤمن أبداً» لكنه مسلم.
وهو بجهله وحيل نفسه وفهمه السيئ للآثار وفق الشريعة ووفق الواقع ظن انه لا يضره الارتشاء ما دام ذا عبادة وذكر وصلة رحم، وهذا سوء فهم مركب صارخ، وفيه أيضا كبر وعناد في حاله يوم كان يغش الأمانة فيوظف الآخرين مقابل: المال الحرام. قبل صحوته وقبل حصول بعض الأمراض التي حلت به وكان جوابي كذلك: انه يجب أولاً ان يعيد المال الى كل من أخذه منه فرداً فرداً لأنه محرم أخذه ثم يتوب بعد ذلك.. «لا قبله»..
وهذا واضح جيداً يا شيخ مصطفى.
فإذا أدركنا هذا فيحسن حينئذ ان أبين لك ما يلي:
1- ليس كل مسلم يكون مؤمناً.
2- كل مؤمن فهو مسلم.
3- قصور فهم عام لدى الغالبية العظمى من الناس خاصة من المثقفين وأهل الأدب وغالبية المتعلمين بل قد تجد أحدهم يرابي ويفسق ويتفسخ بكتاباته برأيه وبجرأته على التأليف حسب فهم خاص وسبيل خاص ثم هو يزعم انه «مؤمن» أرأيت..؟!!
4- الجهل المتكبر بحقيقة تعريف وأدلة وآثار الايمان والاسلام.
5- تزكية النفس وادعاء الايمان هكذا مع ان «الشاهد عليه» ظاهر انه مسلم فقط.
6- الجهل المغرور المتعالم بادعاء الايمان بما عمل من/ ومن/ومن والشاهد عليه يقوم انه مسلم فقط.
7- الجهل البريء بادعاء الايمان. وحتى تتضح الصورة لك فأبين هنا أموراً مشتركة بين المؤمن والمسلم حتى يسلم الأمر من الفهم الخاطىء:
أولاً: يتفق المؤمن والمسلم أنهما: يصليان ويزكيان ويحجان.. و.. و.. و.. و.
ثانياً: يتفق المؤمن والمسلم أنهما يصلان الرحم ويخافان الكفر.
ثالثاً: يتفق المؤمن والمسلم بالحرص على الخير.
رابعاً: يتفق المؤمن والمسلم بالخوف من الفضيحة لكن هذا: «ظاهراً».
قال سبحانه: {إنَّمّا يّتّقّبَّلٍ اللهٍ مٌنّ المٍتَّقٌينّ}.
وقال سبحانه: {قّالّتٌ الأّعًرّابٍ آمّنَّا قٍل لَّمً تٍؤًمٌنٍوا وّلّكٌن قٍولٍوا أّسًلّمًنّا}.
ثم بين سبحانه حقيقة مهمة مطردة فقال: {وّلّمَّا يّدًخٍلٌ الإيمّانٍ فٌي قٍلٍوبٌكٍمً }.
وجاء في الصحيح: «ليس المؤمن بلعان».
وجاء في الصحيح: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين».
وجاء عن ابن عباس انه قال:«ما سبقكم أبوبكر بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بشيء وقر في قلبه».
وجاء في الصحيح: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن».
والآيات والآثار الصحيحة في هذا كثيرة تُبين الفرق الجليل بين المؤمن والمسلم.
لكن المشكلة هي: الظن الجاهل أو الظن المغالط أو الظن الادعائي ان الانسان المسلم.. المسلم فقط مؤمن ولو ذهبت لمن يفسق كثيراً أو ينشر السوء بصفة من الصفات أو لا يصلي مع الجماعة إلا أحيانا فقلت لست مؤمناً لأقام عليك دعوى وكسبها غالباً، لكن من هو المسلم عملياً إذا قلت: انه المستسلم لله بالتوحيد والمخلص له في ذلك من الشرك:
المسلم هو: من أسلم أمره لله، ولرسوله صلى الله عليه وسلم ظاهراً فمن أدى أركان الاسلام ظاهراً فهو مسلم والباطن له الله والمسلم يرحم ويصل الرحم ويتصدق ويبذل المعروف وهذه حالات مشتركة لكن وهذا هو الضابط «فتنبه له».
المسلم قد يكون:
متساهلاً بصلة الرحم.
متساهلاً بالحرام.
متساهلاً بالعبادات.
متساهلاً بالنية.
قد يفرق بين العبادات والمعاملات.
قد يتساهل بالسوء قولاً أو كتابة أو عملاً.
قد يظلم والظلم صور وصور.
قد يحسد ويشي.
قد يميل الى ان الغاية تبرر الوسيلة وقس على هذا.
أما المؤمن فبخلاف هذا قطعاً ولصفة المؤمن قاعدة جليلة انه إذا ارتكب كبيرة لا يكررها «أبداً» ولا يول أو تحتال عليه نفسه.
قال سبحانه: {الذٌينّ آمّنٍوا وّلّمً يّلًبٌسٍوا إيمّانّهٍم بٌظٍلًمُ}.
وقال سبحانه: {الّذٌينّ آمّنٍوا وّكّانٍوا يّتَّقٍونّ}.
فضابط الايمان انه حاجز شديد سديد من تكرار الذنب أبداً بالنسبة للمؤمن، أما الاسلام فضابطه ان المسلم مستسلم لله تعالى لكنه قد يكرر الذنب الكبير بل قد يدعو اليه على سبيل: حرية النظر/ حرية الرأي/ حرية الحياة/ وقد يظلم بكبائر ويعلل حتى أعيش.. الخ.. مثلاً..
وانظر بتأمل شديد: سورة «النور» وسورة «العصر» وسورة «الحجرات».
إذاً فذلك الموظف الذي عمل على توظيف العديد من الناس مقابل رشوة مالية هذا مسلم لكنه ليس «مؤمناً».
والذي يجعل بين يديه كثيرين من أصدقائه ونحوهم تبعاً له يعملون معه فيما هو بين يديه من أمانة إنما هو: مسلم.
والذي يحتكر أي حاجة ضرورية وغير ضرورية الناس اليها محتاجون إنما هو مسلم.
وقس على هذا.
لكن المسلم يمكنه الانتقال الى دائرة الايمان بما يلي:
1- رد الحق أو الحقوق أولاً.
2- صدق ودوام التوبة.
3- عدل النظر والعمل.
4- العبادة على فهم ووعي قولاً وعملاً.
5- تجنب الكبائر.
6- عدم الاصرار على الصغائر.
7- الخوف من الله المصاحب للرجاء لكن بوعي وفطنة.
8- كره ونبذ الباطل والباطل له صور.
9- دوام العبادة والمحافظة عليها كما شُرِعت.
10- نبذ الحسد والوشاية والظلم وكره ذلك جداً ومقته.
11- دوام التزلف الى الله تعالى برجاء القبول.
|