تابعت خلال الأيام الثلاثة الماضية ما نشر بجريدة الجزيرة من أخبار وتعليقات حيال الندوة الكبرى التي عقدتها وزارة المعارف تحت شعار «ماذا يريد المجتمع من التربويين؟ وماذا يريد التربويون من المجتمع؟» ولي بعض الوقفات تجاه هذه الندوة حيث كنت أتمنى ألا يكون هذا الشعار بهذه الصياغة التي يفهم منها ان هناك فجوة كبيرة بين التربويين والمجتمع ولا يمكن إزالة هذه الفجوة إلا بهذه الندوة او غيرها وكما هو معلوم ان التربويين جزء لا يتجزأ من المجتمع ولو كان بصيغة أخرى كأن يقال «ماذا يريد المجتمع من التربية وماذا تريد التربية من المجتمع» لكان أعم وأشمل لكون هذا الشعار ركز على التربويين ولم يكن للتربويات نصيب من هذا على كل لا يهمنا الشعار بقدر ما يهمنا نتائج وثمارات هذا اللقاء والذي أمل ألا يكون كغيره من الندوات واللقاءات والتي تصاحبها هالة إعلامية كبرى قبل وأثناء وبعد ثم لا يرى لها اثر على الساحة التربوية والاجتماعية ويبقى خبراً بعد ذات.
إن واقع التربية والتعليم اليوم تحتاج الى حشد الطاقات والامكانات وشحذ الهمم والذمم لمناقشة همومه وغمومه بكل صراحة ووضوح وهذا يتطلب المكاشفة بكل جرأة وصراحة مع وضوح الهدف والغاية بعيدا عن مفردات التطبيل والتمجيد للذات وذكر الاسهامات والاسهاب بتعداد الإنجازات وان تناقش الاخطاء ويعترف بها والذي من خلاله نستطيع ايجاد الحلول المثلى وإصلاح حال التعليم وترميمه في جميع جوانبه. وان نعترف ان مخرجات التعليم لم تكن على مستوى الطموحات للمجتمع ولا للتربويين انفسهم فسلوكيات الطلاب وتصرفاتهم تفتقد اثرا للتربية الإسلامية وتأصيل القيم والمبادئ الأصيلة ومسؤولو الوزارة يتحملون الجزء الأكبر من ذلك بسبب قرارات تصنع وهي تفتقد ادنى مقومات ذلك القرار لإنجاحه وسلامته وحمايته وبعضها أدى الى تذبذب واضطراب في المسيرة العملية التربوية ولعلي اشير وعلى عجل الى بعض الملحوظات التي آمل أن تحظى باهتمام المسؤولين ولو بجزء بسيط منها: توسعت الوزارة باحداث أقسام في الوزارة وإدارات التعليم ومع احترام لها فإنها عديمة الفائدة وفاقدة الهدف واصبحت تشكل عبئا ماديا وبشريا على ميزانية الوزارة والذي من المفترض ان تستغل تلك الأموال وتصرف في توفير حاجات ضرورية وهامة وبهذا تشبعت أعمال إدارات التعليم والتي على ضوئها قل عطاؤها وإنتاجها. استمرت الوزارة على إصدار التعاميم بشكل لافت ومنقطع النظير والتي تحمل في داخلها قرارات تطلب التنفيذ والأخرى تؤكد على الإلغاء وما ان يوشك المعنيون باستيعابه الا ويفاجؤون بإلغائه وعلى هذا الوضع يسير علم الصادر والوارد ومنها على سبيل المثال إلغاء درجة السلوك والمواظبة نهائيا في العام الماضي ومن ثم إعادتها هذا العام وكذا لائحة الاختبارات. فقد كثير من تلك القرارات صيغة التنفيذ والتطبيق بسبب كثرتها وتداخلها وحجة المعنيين بها ان تعميمها بالطريق سيلغيها. كثرة تعديل المقررات وتجديدها سنويا إما بالحذف وإما بالإضافة وهذا ناتج من الاستعجال وعدم مشاركة ذوي الخبرة واهل الاختصاص من معلمي الميدان. الإكثار من طرح الافكار وجعل المدارس ميدانيا لتجريبها ومعامل لتحليلها والسرعة على تعميقها وما التقويم الشامل للمدارس الذي ينفذ حاليا إلا واحد مما أثر سلبا في مسيرة العملية التربوية للطالب والمعلم معا.الاشراف التربوي والذي مازال يقبع إدارة عامة في الوزارة ولم يحظ بالتطوير والتجديد إلا بالشعارات البراقة من أفواه المسؤولين منها على سبيل المثال «المشرف التربوي صفوة الصفوة» وكذا تعدد المسميات وتقليص الصلاحيات واصبح يضمن بين جناحيه المتردية والنطيحة من بعض المشرفين والمشرفات والتي لعبت مفردات الواسطة باستقطاب قليلي الخبرة والتجربة ليتولوا ويتولين تقييم وتوجيه من سبقوهم بالميدان بعشرات السنين وصهرتهم التجارب سنوات طويلة، كما اسندت اعمال ومهام جسام الى عاتق منسوب الاشراف اشغلتهم عن عملهم ومجال تخصصهم بل الكثير منها يتعارض مع اعمال الأقسام الأخرى.
بقاء أنصبة المعلم والمعلمة على وضعها ولم يطأ تغيير او تعديل حتى يتمكنا من العمل في جو مناسب يبدعان ويعطيان وعدم تكليفهما بأعمال تشغلهما عن عملهما الأساسي وتشتت اذهانهما من اجل التفرغ لتربية النشء وإعدادهم دينيا واخلاقيا وتربويا.
توفير وسائل التعليم ومصادره التي تعين على توصيل المعلومات وتبسيطها والتي باتت مطلبا ملحا في عصر لا يعترف إلا بما هو جديد وحديث ومفيد. إعادة النظر لبعض الأنظمة التي تسببت في تدليل الطالب وتشجيعه بالتمرد على معلميه وأمنه جانب العقوبة الرادعة وبها أساء الأدب مع كل ما له صلة بالتعليم هذا ما أردت التطرق اليه وعلى عجل وما في البال أكثر مما في المقال.. وفق الله الجميع لما فيه خير العباد والبلاد..
ناصر بن عبدالعزيز الرابح
مشرف تربوي بتعليم حائل
|