الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
* الحاج الذي لم يحج!!
* هو ذلك الحاج الذي قطع تلك الفيافي والقفار، او تلك الاجواء او تلك البحار، لكنه لم يخلص النية لله عز وجل، بل جاء اما ليقال الحاج فلان، او لان من يعرفهم حجوا، او لسؤال الناس المال، او لغرض من اغراض الدنيا.
وقد قال الله عز وجل: {مّن كّانّ يٍرٌيدٍ الحّيّاةّ الدٍنًيّا وّزٌينّتّهّا نٍوّفٌَ إلّيًهٌمً أّعًمّالّهٍمً فٌيهّا وّهٍمً فٌيهّا لا يٍبًخّسٍونّ،ر أٍوًلّئٌكّ الذينّ لّيًسّ لّهٍمً فٌي الآخٌرّةٌ إلاَّ النَّارٍ وّحّبٌطّ مّا صّنّعٍوا فٌيهّا وّبّاطٌلِ مَّا كّانٍوا يّعًمّلٍونّ } وقال سبحانه :{..فّمّن كّانّ يّرًجٍو لٌقّاءّ رّبٌَهٌ فّلًيّعًمّلً عّمّلاْ صّالٌحْا وّلا يٍشًرٌكً بٌعٌبّادّةٌ رّبٌَهٌ أّحّدْا } وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها او امرأة يتزوجها فهجرته الى ما هاجر اليه» متفق عليه وفي الحديث القدسي عن الله عز وجل انه قال: «انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً اشرك فيه معي غيري تركته وشركه». اخرجه مسلم.
* الحاج الذي لم يحج!!
هو ذلك الحاج الذي لبى وأهدى، لكن ماله حرام، او يخالطه حرام، او لم يتق الشبهات ولم يتورع عما ترتاب فيه النفوس المؤمنة.
وقد جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام»، وفي صحيح مسلم من حديث ابي هريرة انه صلى الله عليه وسلم قال: ايها الناس ان الله طيب لا يقبل الا طيباً وان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين فقال: {يّا أّيٍَهّا الرٍَسٍلٍ كٍلٍوا مٌنّ الطَّيٌَبّاتٌ وّاعًمّلٍوا صّالٌحْا إنٌَي بٌمّا تّعًمّلٍونّ عّلٌيمِ} .وقال: {يّا أّّيٍَهّا الذينّ آمّنٍوا كٍلٍوا مٌن طّيٌَبّاتٌ مّا رّزّقًنّاكٍمً}، ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث أغبر يمد يديه الى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام و ملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك.
* الحاج الذي لم يحج!!
هو ذلك الحاج الذي يعلم ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: «خذوا عني مناسككم» لكنه في الحقيقة لم يكلف نفسه ان يتبع من قال ذلك عليه الصلاة والسلام، فلا يبحث عن سنته، ولا عن صفة حجه بل اكتفى بما اعتاده اصحابه الذين معه حتى وان كانوا عامة لا علم عندهم، ولربما اشكلت عليه مسألة فلم يبال من سأل عنها، فتراه يسأل شخصاً وهو لا يدري ما علمه، والله تعالى انما قال: {..فّاسًأّّلٍوا أّّهًلّ الذَكًرٌ إن كٍنتٍمً لا تّعًلّمٍونّ} ومن اراد طاعة الله فعليه بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم: {مّن يٍطٌعٌ الرَّسٍولّ فّقّدً أّطّاعّ اللهّ وّمّن تّوّلَّى" فّمّا أّرًسّلًنّاكّ عّلّيًهٌمً حّفٌيظْا }.
* الحاج الذي لم يحج!!
هو ذلك الملبي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، لكنه مع ذلك لا يحقق توحيده حق التوحيد، ولا يصفيه من الشوائب، فربما تبرك بما لا يجوز التبرك به، او استشفع بمخلوق وانما الشفاعة تطلب من مالكها وهو الله وحده سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه:{قٍل لٌَلَّهٌ الشَّفّاعّةٍ جّمٌيعْا لَّهٍ مٍلًكٍ السّمّوّاتٌ وّالأّرًضٌ ثٍمَّ إلّيًهٌ تٍرًجّعٍونّ }.
او حلف بغير الله تعالى كالحلف بالنبي صلي الله عليه وسلم او بالحياة او بالامانة، وقد زجر الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحلف بغير الله فقال: «من حلف بغير الله فقد كفر او اشرك» اخرجه الترمذي وحسنه.
فمقتضى الاسلام والتوحيد الا يصرف العبد شيئاً من العبادة لغير الله كالدعاء والذبح والنذر لا لقبر ولا لجن ولا لغير ذلك، قال الله عز وجل: {وّاعًبٍدٍوا اللّهّ وّلا تٍشًرٌكٍوا بٌهٌ شّيًئْا..} وقال سبحانه: {وّأّنَّ المسّاجٌدّ لٌلَّهٌ فّلا تّدًعٍوا مّعّ اللهٌ أّحّدْا} .
* الحاج الذي لم يحج!!
هو ذلك الحاج الذي لم يصن حجه عن اللغو والرفث والفسوق فأطلق للسانه العنان، ولنظره اللجام، ولم يتورع حتى في حجه عن بعض معاصيه التي ينبغي ان يكون الحج لها قاطعا ومانعا.
وقد قال سبحانه: {الحّجٍَ أّشًهٍرِ مَّعًلٍومّاتِ فّمّن فّرّضّ فٌيهٌنَّ الحّجَّ فّلا رّفّثّ وّلا فٍسٍوقّ وّلا جٌدّالّ فٌي پًحّجٌَ ..} .
وقال صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه» متفق عليه.
فالحج فرصة عظيمة للتوبة والرجوع الى الله، فحري بالحاج ان يعاهد الله الا يدنس صفحته التي يعود بها بحمد الله بيضاء نقية قال تعالى: {..وّتٍوبٍوا إلّى اللّهٌ جّمٌيعْا أّيٍَهّا المؤًمٌنٍونّ لّعّلَّكٍمً تٍفًلٌحٍونّ } .
* الحاج الذي لم يحج!!
هو ذلك الحاج الذي لم يسلم المسلمون من اذاه ومزاحمته، بل ربما تعدى على حقوق اخوانه في مكان اقامتهم، او مواقف سياراتهم، او ايذاءَ برائحة او نفاية، وكأن الخلق الحسن يرتفع في بعض الحالات والمواقف.
والله تعالى يقول: {وّالَّذٌينّ يٍؤًذٍونّ المٍؤًمٌنٌينّ وّالًمٍؤًمٌنّاتٌ بٌغّيًرٌ مّا اكًتّسّبٍوا فّقّدٌ احًتّمّلٍوا بٍهًتّانْا وّإثًمْا مٍَبٌينْا} ورسوله صلى الله عليه وسلم يقول: المسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمؤمن من امنه الناس على دمائهم واموالهم» اخرجه الترمذي والنسائي بسند جيد، وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس».
* الحاج الذي لم يحج!!
هو ذلك الذي يقول لا اله الا الله محمد رسول الله التي مقتضاها الا يعبد الله الا بما شرع وجاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير انه قد يتعبد الله عز وجل بما لم يشرعه، فربما صعد الجبل في عرفات واتعب نفسه ظنا انه في عبادة وليس كذلك، او ربما بالغ في حصى الجمار، او رماها بالخشب والنعال ويحسب انه يحسن صنعا وقد اساء في العبادة وفي حق اخوانه المسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم قد بين ان اعمالنا لا يقبل منها الا ما كان موافقاً لسنته فقال :« من عمل عملاً ليس عليه امرنا فهو رد» اي مردود.
* الحاج الذي لم يحج!!
هو ذلك المحرم الذي استوى يوم حجه مع يوم نزهته، ويوم احرامه مع يوم حله، ولم يستشعر العبادة ولم يتذلل لله تعالى فيها، ولم يجاهد نفسه في ذلك، حتى في يوم عرفة الذي يدنو فيه الله عز وجل من خلقه دنواً يليق بجلاله وعظمته سبحانه كما في الحديث: ما من يوم اكثر من ان يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وانه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما اراد هؤلاء» اخرجه مسلم.
نسأل الله تعالى ان يجعل حجنا تاماً، وعملنا مقبولاً، وذنبنا مغفوراً، انه قريب مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
( * ) بريدة
| 
