* تبوك - خاص ب«الجزيرة»:
حذر فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد رئيس محاكم منطقة تبوك من انتشار ظاهرة لجوء النساء للسحرة والمشعوذين للحفاظ على أزواجهن بدعوى ارتفاع معدلات الطلاق، والوقاية من الخلافات الزوجية، أو تحول الزوج الى امرأة أخرى.. مشيرا الى ان مثل هذا السلوك يعتبر من المستجدات الدخيلة على المجتمع المسلم، الذي تربى على مثل وأخلاقيات الاسلام.
وأرجع الشيخ الحميد في تصريحات خاصة ل«الجزيرة» انتشار هذه الظاهرة بضعف ايمان من يلجأ الى هؤلاء السحرة والمشعوذين، وضعف الوازع الديني، وما ينتج عن ذلك من قناعة زائفة، وتسليم ساذج بقدرة هؤلاء السحرة، وصدق أولئك المشعوذين في تحقيق بعض المصالح مثل الاحتفاظ بالزوج، أو غيره من الأشياء الأخرى.
وأضاف الشيخ الحميد ان ضعف الايمان بقضاء الله وقدره، وقلة الوعي الديني هو ما ينحرف بالزوجات اللاتي يسلكن هذا المسلك، إما خوفاً من زواج الزوج بثانية أو ثالثة، أو تطويعه وفق هواها ورغباتها.. مشيرا ان من تفعل ذلك تكون قد نسيت الله، ونسيت الحساب، حيث لا تنتشر مثل هذه الظواهر إلا في البيئات البعيدة عن الدين، والجاهلة بتعاليم الشريعة.. مشيراً الى أن قرينات السوء وراء تزايد انتشار مثل هذه الظواهر في التجمعات النسائية، فقد تكون الزوجة على خير وصلاح، ولكن تتعرف على قرينة سوء، وعند تبادل الحديث الأسري تحبب هذه القرينة لهذه الزوجة، وتغريها بجلب السحر لزوجها، وقد تضعف المرأة أمام حبها لزوجها فتأخذ بنصيحة هذه الشيطانة، وبظهور هذه المشكلة الاجتماعية تنتج عنها أمور عديدة، منها تسلط الجن والشياطين على هذا البيت الذي يدخله السحر، ودخول التعاسة، واهتزاز الجو الأسري، وكم كان هناك بيوت تنعم بالاستقرار والجو الدافئ الأسري، ثم يدخل هذا الشر اليها فينقلب حالها الى شر وبلاء وجحيم لا يطاق، والأمثلة كثيرة.
ولو سألت كم يتردد على القراء من رجال ونساء ابتلوا بهذاالمرض، ولو سألت العيادات النفسية كم يراجع الأطباء لعرفت ما حل بالمجتمع في السنين الأخيرة من تغير بسبب السماح للسحرة والمشعوذين أن يعبثوا في حياتنا الاجتماعية، مع مراعاة ان الكثير والكثيرات من الرجال والنساء قد يتوهم انه مسحور أو تتوهم أنها مسحورة، ولا يكون هذا صحيحاً، وإن هذا الشعور ما هو إلا وهم، وهنا تأتي أهمية الأذكار والأوراد، وتحصين أنفسنا ذكوراً وإناثاً من شر الجن والإنس، ومن شر الوسواس.
وأوضح الشيخ الحميد ان الرجوع الى المنهج الرباني، والتوجيه النبوي في ملازمة الأذكار والاستغفار صباحاً ومساء، وعقب الفرائض، وفي البيوت، وعند المبيت، كفيل بمحاربة كل شر ينشأ على الانسان في نفسه أو ولده أو زوجه أو ماله، كما إن عَمَار البيوت بذكر الله، وتلاوة القرآن، ونشر الأشرطة الدعوية وتغذية النفوس باصلاح القلوب كفيل أيضا بالوقاية من شر السحر وأهله.. مشيرا الى أن محاربة السحرة والمشعوذين أمر قررته الشريعة، ودعت اليه الملة، وهو منهج شرعي حكيم، وفي هذه البلاد وهي تحتكم الى الشريعة يطبق على الساحر الحكم الشرعي الرادع الذي قد يصل الى القتل، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من الأجهزة الأمنية تتعقب هؤلاء السحرة، وعند ضبطهم وادانتهم يحالون الى المحاكم الشرعية لينالوا جزاءهم، كما ان البرامج الدعوية التي تنظمها وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد تركز على توعية المواطن من خطر هذه الظاهرة على المجتمع، وتبين الحكم الشرعي في الذهاب الى السحرة أو المشعوذين، لحماية مجتمعنا من هذه الشرور.
وحول موقف الشريعة من الساحر، ومن يلجأ اليه من الناس لتحقيق هدف ما، أكد الشيخ الحميد انه من المقرر شرعاً ان عمل السحر من أكبر الكبائر، وقال تعالى في سياق الحديث عن بني اسرائيل ونقضهم العهود والمواثيق {وّاتَّبّعٍوا مّا تّتًلٍو الشَّيّاطٌينٍ عّلّى" مٍلًكٌ سٍلّيًمّانّ وّمّا كّفّرّ سٍلّيًمّانٍ وّلّكٌنَّ الشَّيّاطٌينّ كّفّرٍوا يٍعّلٌَمٍونّ النَّاسّ السٌَحًرّ وّمّا أٍنزٌلّ عّلّى المّلّكّيًنٌ بٌبّابٌلّ هّارٍوتّ وّمّارٍوتّ وّمّا يٍعّلٌَمّانٌ مٌنً أّحّدُ حّتَّى" يّقٍولا إنَّمّا نّحًنٍ فٌتًنّةِ فّلا تّكًفٍرً فّيّتّعّلَّمٍونّ مٌنًهٍمّا مّا يٍفّرٌَقٍونّ بٌهٌ بّيًنّ المّرًءٌ وّزّوًجٌهٌ} ، فالسحر عمل خبيث، وهو عمل شيطاني، ومن يمارسه إنما ينشر الفساد في الأرض، لأنه استعان بأرواح خبيثة شريرة من الجن والشياطين، ويزعم من يمارسه ويتعامل به أنهم يعلمون الغيب، ويوهمون الناس بذلك، ولهذا يوجد في كل عصر من يصدقهم ويلجأ اليهم عند الكذب، قال تعالى:{وّأّنَّهٍ كّانّ رٌجّالِ مٌَنّ الإنسٌ يّعٍوذٍونّ بٌرٌجّالُ مٌَنّ الجٌنٌَ فّزّادٍوهٍمً رّهّقْا} ، وقد عبر القرآن عن السحر بالكفر فقال تعالى:{وّمّا كّفّرّ سٍلّيًمّانٍ} ، وسياق اللفظ يدل على ان المراد منه السحر، والتعبير عن السحر بالكفر تقبيحاً وتشنيعاً، وفي هذا التعبير تنفير للناس من السحر، ودلالة على أنه من الكبائر
والموبقات، ولهذا قال عليه السلام:«من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» والعياذ بالله.
|