الحب يحول المر حلوا، والتراب تبراً، والكدر صفواً، والألم شفاء، والسجن روضة، والسقم نعمة، والقهر رحمة، وهو الذي يلين الحديد ويذيب الحجر، هذا ما قاله الشيخ جلال الدين الروحي في مثنويه، فالحب هو أساس الحياة وأساس العلاقة الزوجية وهو أهم عنصر ينبغي ان يكون في بيوت الدعاة.
عشت واقعة طلاق بين دعية وزوجته وتدخلت للإصلاح بينهما وقد كان السبب الرئيس في خلافهما فقدان العاطفة والحب، وهنا ينبغي ان نفرق بين الحب وبين التعبير عن حبه لها، أو لزوجة تحب زوجها ولكنها لا تحسن أن تعبر عن هذا الحب، والإنسان عموما يحب أن يرى مظاهر حب الآخرين له، فيفرح بالكلمة الحلوة واللمسة الحانية والموقف الجميل، والزوجان يحتاجان ذلك طوال مرحلة حياتهما الزوجية، وبالأخص الدعاة الى الله لما يعانونه من مجابهة الباطل والمنكرات، ولهذا حزن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً لما توفيت خديجة رضي الله عنها، لأنها كانت تمده بحنان وحب الزوجة فيستقر عندها ويرتاح، ومن الأخطاء الشائعة بين الدعاة أنهم يظهرون حبهم في بدايات الزواج فقط وهذا خطأ فاحش، فالإنسان يحتاج الحب في كل وقت، ومن الطرائف في هذا الموضوع ان امرأة قالت لزوجها: لقد تغيرت وغيرت عادتك فلم تعد تناديني بألفاظ الحب التي كانت قبل زواجنا، فأجابها: وهل رأيت يا حبيبتي صياداً يطعم السمكة بعد صيدها؟
إن مثل هذه المفاهيم الخاطئة تدمر العلاقة الزوجية، وحجة أخرى قد يحتج بها الدعاة كأن يقولوا ليس لدينا وقت للحب والعطف، فنحن مشغولون بما هو أهم من الأعمال والأعباء، وهنا نقول لهم بأن هذه حجة ضعيفة، كذلك لأن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم كان يعبر عن حبه لزوجاته مع مسؤولياته العظيمة وانشغاله،.
ولكن المواقف المشهورة عنه ان عائشة رضي الله عنها سألته عن حبه لها فقال لها: إن حبي لك لعقدة الحبل، فما أجمل هذه العبارة وما أجمل وقعها على نفسية المرأة وخصوصا إذا كانت داعية ومنشغلة في بيتها وتربية أولادها والاهتمام بزوجها، فالعلاقة بين الزوجين علاقة تبادلية كل طرف يعطي الآخر ما يريد منه وهنا ينشأ الاستقرار ويترشح، اما لو كان أحد الزوجين أنانيا يأخذ أكثر مما يعطي أو يأخذ ولا يعطي فهنا تكون المشكلة.
|