Wednesday 5th february,2003 11087العدد الاربعاء 4 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
صورة الفنان في زمانه
عبدالله بن بخيت

عندما أنهت شركة أبكو مشروع التلفون الآلي تحولت خدمات الشباب من الدوران في السكيك إلى عزلة التقنية الجديدة الأمر الذي نقل الحب من التحرك على الأقدام إلى التحرك بذبذبات كهربائية. من عصر امرئ القيس إلى عصر ماركوني. فأصيب الفنانون الكبار بنوع من الشلل الإبداعي. أربكهم الحب بتقنياته الجديدة ف «الرمال الحمر» «يا شيلة حطي» وحتى الأغنية التكنولوجية الأولى التي صدح بها الفنان «صليح الفرج» التي تنطوي على إشارات تقنية صريحة «عقب الكدالاك وتشكيل الفروت. معد جيت السوق قمت أمشي قدم» حتى هذه الأغنية أصبحت جزءا من ماض يكاد يختنق في دائرة النسيان. وتطلب الأمر فنانين يتماشون مع العصر الحديث. كانت تلك هي الفترة التي قفز فيها فناننا إلى الصفوف الأولى متخطياً أقرانه ومنهم أكبر منه سنا. كان شاباً صغيراً ويتفهم معنى الحب الإلكتروني الذي فتح أفقاً جديداً في الحب فأنتج ثلاث أغاني جديدة تدور حول العلاقات الجديدة.
بدأها بأغنية «ألوه من ذا بيته» فأفاق العالم من ذهول الحب القديم ليجد نفسه وجهاً لوجه أمام أيامه الجديدة التي يجب أن يعيشها. وبالكاد مضغ الشباب الصغير هذه الأغنية المميزة حتى أردفها فناننا بأغنية أكثر تجاوزاً تقول مقدمتها: «ليش خطكم مشغول يا شين عواديكم». فجاءت هذه الأغنية نوعاً من التوازن العاطفي لتسيير أمور الحب المزعوم بهدوء نحو قدره المحتوم فظن الشباب أن الأمر سيمضي بهذا المستوى المتباطئ من السرعة وسوف يتلكأ عند هذا الحد من حدود الغرام ولكن فنانا لم يسره هذا الدفع المسالم للحب. ففجر أغنية «رقمكم معد أبيه دفنته في قلبي ونسيته». فكانت القطيعة مع فناني عصر ما قبل التلفون وتعبيراً دقيقاً عن حمى الحب الجديد التي تجتاح الشباب. كل شاب شعر أن هذه الأغنية هي إعادة بناء لواعج الحب المبعثرة في فؤاده.
طبعت هذه الأغنية أكثر من مرة ويمكن أن تسمعها حتى عند الخبازين والحرفية وبائعي العلف في فجر الأيام القديمة. كانت موسيقاها تزخر للمرة الأولى بآلات غير مألوفة مثل الاوكورديون والأورج والله أعلم آلات أخرى لم نسمع بها من قبل رغم أنها كوبليه واحد راقص يصلح للجلسات على العود إذا توفر مروس من مستوى أبو مرزوق. وأبو مرزوق يعرف هذه الحقيقة. فلم يكن متضامنا مع الفرقة على إفساد حفل فناننا وإنما هو أيضا يتداخل مع جمال الأغنية عندما يعيد ويكرر المقطع الأول الذي يفترض حضور المرواس بشكل لا يقاوم. يضطر أبو مرزوق عندما يأخذ الدور أن يضع طرف غترته في فمه حتى لا يدمي برطمه أو لسانه من العض الشديد. كان ينتظر الاذن بالإعادة من رئيس الفرقة كما هو متفق. فكلما تقدم فناننا ومط رقبته وفتح فمه ليقول كلمته الملحنة يكون أبو مرزوق جاهزاً ليدخل عليه. استمرأ أبو مرزوق صراخ الجماهير المعجبة فانفصل عن الفرقة وراح يدخل بمرواسه بدون تنسيق مع بقية أعضاء الفرقة. فأحس فناننا أن أفضل كبش فداء للانتقام هو أبو مرزوق نفسه. ذاب أبو مرزوق في هيام الجماهير الزاعقة غير متحسس للخطر الداهم الذي يتهدده. كان ينصت إلى حفنة من الجماهير تطالبه بالإعادة. فأقام حفلته المجتزأة على حساب الحفلة الكبيرة.
العود لا يكفي فهو مجرد غلالة رقيقة من البلاكاش وإذا نزل على الرأس فسوف ينخفس، لعله يروع ولكنه لا يؤذي. بينما المرواس مصنوع من الطين الصلب وله حافة ثخينة عند مقدمته المربوطة بالجلد، لا يمكن أن تنكسر قبل أن تكسر الرأس الذي تقع عليه. فحسب محضر الشرطة الذي تناقلت الإشاعات محتوياته أن الجمجمة انشعرت قبل أن ينكسر المرواس. ومن حسن حظ أبو مرزوق انه سقط من الضربة الثانية عن كرسيه وجاءت الضربات الأخرى واحدة في وركه والثانية على ساقه وعدد لا يحصى في أنحاء متفرقة من الجسد قبل أن يهب الجمهور ويفك أبو مرزوق من عذاباته. كل شيء توقعته إلا أن يكون أبو مرزوق هو الهدف الأول بعد أن التفت فنانا على الفرقة وشتمها بأقذع الألفاظ. تخيلت أن الحفل سينتهي بالفشل أو تتدخل إدارة النادي وتنادي على الفنانس الرديف. ولكن فناننا كان أسرع من أي تصرف إداري بناء. فانقض على أبو مرزوق وانتزع من يده المرواس وقبضه من طرفه الفارغ ونزل به على رأس أبو مرزوق. من الضربة الأولى انفجر الدم. المشكلة أن أعضاء الفرقة هم الأقرب لفض الاشتباك ولكن أي منهم لم يتدخل لأنه يعرف أن الضربات الموجهة إلى جمجمة أبو مرزوق هي في الواقع موجهة للجميع وأي منهم يتدخل سوف يسحب فناننا من ابو مرزوق إلى نفسه. فأكتسب فناننا عدة دقائق ثمينة لينتقم فيها من أبو مرزوق قبل أن يقفز الجمهور إلى المنصة وينتزع المرواس ويخلص أبو مرزوق من موت عاصف.
دفع فناننا خارج المنصة وبعد قليل جاءت الشرطة ووضعت الكلبشات في يده. كما نقل أبو مرزوق في احد التكاسي مغمى عليه إلى مستشفى الشميسي.
أقدم اعتذاري عن تغيبي الأيام القليلة الماضية وللكل حبي وتقديري.

فاكس : 4702164

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved