* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
مع تعويم الجنيه المصري ارتفعت قيمة الريال السعودي مقابل الجنيه المصري بنحو 9% حيث تراوح سعر الريال ما بين 141 و 142 قرشا للشراء وما بين 144 و 146 قرشا للبيع كما ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري بنحو 15% حيث تراوح بين 528 و 535 قرشا للشراء و 538 , 550 قرشا للبيع ومع ذلك يؤكد الخبراء على استمرار ارتفاع الريال السعودي والدولار في الأيام القادمة نتيجة انخفاض المعروض من النقد الأجنبي واشاروا الى ان ارتفاع الريال مرتبط بارتفاع الدولار وان العلاقة بينهما مستقرة واوضحوا أن تحرير سوق الصرف قد يؤدي الى زيادة الصادرات وحركة السياحة في مصر وتوقع بعض الخبراء وصول الدولار الى ستة جنيهات مصرية مما ينعكس على ارتفاع السلع والمنتجات وزيادة معدلات التضخم داخل السوق المصري.
يقول الدكتور سعد حافظ مدير عام المنظمة العربية للبحوث الاقتصادية من المتوقع أن يواصل سعر صرف الدولار ارتفاعه خلال الأيام القادمة ويرجع ذلك الى ارتفاع الواردات السلعية مقابل انخفاض الصادرات وانخفاض التحويلات الجارية بالاضافة الى مدفوعات خدمة الدين الخارجي الذي يزيد على 10% من حجم الصادرات. في المقابل يوجد عرض محدود من الدولار كما أن الصادرات الخدمية مثل السياحه وقناة السويس وغيرها تتأثر بالظروف السياسية الداخلية .
ويضيف أن الواردات لا يتوقع انخفاضها لأسباب منها وجود واردات سلع رأسمالية ضرورية بالاضافة الى الواردات التكنولوجية والتي تدخل في مستلزمات الانتاج الصناعي وهي تمثل 45% من احتياجات الصناعة وهو ما يتطلب اعادة هيكلة الصناعة حتى يقل الاعتماد على مستلزمات الانتاج من الواردات الأجنبية الى جانب أن جزءاً كبيراً من موارد الغذاء يتم استيرادها من الخارج مثل الحبوب والذرة وغيرها وهو ما يتطلب سياسة زراعية للأجل القصير للحد من هذه الصادرات الى جانب استراتيجية تحد من الفجوة بين الواردات والصادرات .
اختفاء السوق السوداء
وأشار الى أن مصير الجنيه المصري بعد التعويم يتوقف على نجاح السياسات في زيادة الصادرات وعدم زيادة الواردات من خلال سياسة الانتاج والاستثمار بالاضافة الى السياسة النقدية مشيراً الى وجود تخوف من الاتجاه نحو ارتفاع أسعار المستهلكين -زيادة معدل التضخم- وهو ما قد يفقد الثقه في التعامل بالجنيه المصري لوزاد التضخم عن حد معين مما يؤدي الى زيادة الدولرة والاعتماد على الدولار كوحدة للحساب ومخزون للقيمة .
وأكد الدكتور سعد حافظ أن عملية اختفاء السوق السوداء لسعر صرف الدولار يتوقف على السياسات التي تضعها الحكومة ومجموعة الاجراءات التي تنظمها البنوك لتمويل الواردات بالعملة الأجنبية ومتوقف على دور قراصنة الأموال الذين يسعون للحصول على الدولار من منابعه مثل دخول السياحة أو العاملين بالخارج لتمويل عمليات مضاربات غير مشروعه .
وأضاف د. سعد الى ان الريال السعودي في البنوك وصل الى 142 قرشا وسوف ترتفع قيمته كباقي العملات الأخرى لأن الريال علاقته بالدولار مستقرة واى زيادة في الدولار ينعكس على سعر صرف الريال وان كان الريال يزيد في مواسم العمرة والحج لارتفاع الطلب عليه وأوضح ان تقرير سعر الصرف قد يدفع بعض شركات الصرافه والتي تعمل من تحت بعد تحول المعاملات الى البنوك الى المضاربة على البنوك في أسعار صرف الدولار .
دراسات لأحوال السوق
يشاركه الرأي الدكتور نبيل حشاد رئيس المركز المصري العربي للدراسات المالية والمصرفية في أن سعر صرف الدولار سيرتفع موضحا أن سعر صرف الجنيه المصري سينخفض نظرا لضعف المعروض من النقد الأجنبي الدولار وانه مازال أقل من المطلوب في السوق وان الانخفاض في الجنيه سيتوقف على مدى استجابة السوق لسياسة تحرير سعر الصرف والتأقلم معه وقد تستغرق هذا فترة زمنية ثم يحدث بعدها نوع من الاستقرار ويتوقع ارتفاع قيمة الواردات بالجنيه المصري نتيجة لانخفاض قيمة الجنيه خاصة وأن الوادرات من السلع الوسيطة والاستهلاكية والرأسمالية تمثل حجما كبيرا وسينعكس ذلك على زيادة تكلفة الانتاج والأسعار بالسوق المصري مما يزيد معدلات التضخم.
وأضاف الدكتور نبيل حشاد أن قرار تحرير سعر الصرف جاء بعد دراسات لأحوال سوق النقد الأجنبي خاصة وأن المتتبع للسوق يجد أن العملات الأجنبيه وعلى رأسها الدولار باتت عملات نادرة.. ففي الوقت الماضي كانت البنوك غير قادرة على تلبية احتياجات الأفراد والشركات من العمله الأجنبية سواء ما يتعلق بالسفر والعلاج بالخارج او الاستيراد وجاء ذلك نتيجة لاستمرار ثبات سعر الصرف المركزي لفترة طويلة ولم يتغير في ضوء ظروف السوق التي تغيرت في الفترة السابقة مما أدى الى خلق سوق موازية سوداء اندفع الكثيرون الى لهذه السوق لتلبية احتياجاتهم من العملات الأجنبية والتي كانت تباع بما يزيد عن السعر الرسمي بنسبة 13%.
القضاء على المضاربة
الدكتور المهندس محمد خميس أمين عام جمعية مستثمري 6 أكتوبر يؤكد أن رجل الأعمال قبل تحرير سعر الصرف كان يتم محاسبته ضريبيا بالسعر الرسمي للدولار رغم أنه يتحمل الكثير من التكلفه لتدبير احتياجاته من الدولار من السوق السوداء خاصة أنه كان يصعب اثبات السعر الحقيقي للدولار في الايصالات الرسمية المقدمة للجهات الحكومية ولكن في ظل تحرير أسعار الصرف ستختفي هذه المشكلة ويصبح هناك سعر واحد بدلا من تعدد الأسعار في السوق كما أن توحيد السعر وتركه للعرض والطلب سيقضي على عمليات المضاربة في سعر صرف الدولار وسيختفي تجار العملة في السوق السوداء وهم السبب المباشر في معاناة رجال الأعمال خاصة أصحاب الصناعات التي تعتمد على مستلزمات الانتاج من الخارج مما يواجههم مشاكل كثيرة في تدبير احتياجاتهم من الدولار لتدبير احتياجاتهم من الواردات خاصة وأن كثيراً من رجال الأعمال أوقف صفقات الاستيراد لمستلزمات الانتاج نتيجة لنقص العملة.
ويتوقع المهندس محمد خميس أن يشهد السوق المصري ارتفاعا في أسعار السلع لبعض الوقت تأثرا بالقرار الجديد واتخاذ التجار تعويم الجنيه ذريعة لرفع اسعار صرف الدولار مشيرا الى أن الاسعار سرعان ما تنخفض وتستقر خاصة في ظل سوء الحالة الاقتصادية وانكماش القوة الشرائية المصرية ومنه الطلب على السلع والمنتجات.
وأشار الى أن المواد الخام ستشهد ايضا ارتفاعا في ظل سياسة التحرير لسوق الصرف مما قد يشكل عبئا على الصناع مشيرا الى ان ذلك قد يعوضه زيادة في سعر السلع المصدرة.
زيادة السياحة
شريف الجبالي رئيس غرفة الصناعات الكيماوية يرى أن ترك الجنيه المصري للعرض والطلب مقابل العملات الأجنبية سيؤدي الى القضاء على مشكلة التلاعب بأسعار العملات مما يؤدي الى تداول الدولار بسعره الحقيقي والذي يتعدي السعر السائد في البنوك وهو ما يعطي دفعة للصادرات المصرية ويعمل على قوة منافسة المنتجات المصرية لمثيلاتها في الخارج بالاضافة الى فتح الأسواق العالمية وأضاف أن الدولار قد يرتفع في البداية لكنه سيعود مرة ثانية للسعر الحالي كما أن الريال السعودي مرتبط بصورة كبيرة بموسم العمرة والحج موضحا أن ترك سعر الصرف للعرض والطلب سيؤدي الى حرية توافر الدولار داخل البنوك ويعمل على التنشيط السياحي بعد تقويم الخدمات السياحية داخل مصر بأسعار أقل.
ويتوقع الجبالي أن تشهد الحركة السياحية خلال الأيام القادمة ارتفاعا كبيرا للاستفادة من فروق الأسعار والحصول على خدمات متميزة بأسعار منخفضة.
ويرى شفيق بغدادي وكيل اتحاد الصناعات المصرية أن ارتفاع الدولار أو الريال في صالح الصناعة المصرية والتصدير حيث سيؤدي الارتفاع فتح الأسواق وزيادة الطلب على المنتجات المصرية ,
كما ستستفيد الصناعات من خلال انخفاض حجم الوادرات من السلع الصناعية كما سيدفع الى قيام صناعات لا تعتمد على مدخلات ومستلزمات انتاجية أجنبية.
وقد اكد مصدر مصرفي ان تحرير السياسات المصرفية طالب به صندوق النقد الدولى منذ فترة طويلة ولكن الحكومة تمهلت في اطلاقه حتى لا يحدث تضخم واضطرابات اجتماعية وهذا النظام الجديد يسمح لبيع وشراء العملات الأجنبية لحوالي 57 بنكا في مصر بالتعامل في الصرف الأجنبي على أن يقوم كل بنك أو شركة صرافة بتحديد السعر الخاص به مشيرا الى ان هذا النظام سيقضي على المضاربة والطلب المتراكم على الدولار في السوق.
واضاف ان صندوق النقد توقع بأن يؤدي انطلاق سعر الصرف الى اعادة تنشيط الاقتصاد المصري وخروجه من الركود كما سيؤدى الى خفض الضغوط على احتياطي النقد الأجنبي في مصر.
|