* مدينة الكويت بقلم ميريام آمي د ب أ:
على مأدبة عشاء في مطعم ياباني راق في الكويت، تركز حديث مجموعة من المقيمين الغربيين حول مغادرة هذه الدولة الخليجية، حيث أصبح الأمريكيون في الآونة الأخيرة ضحايا لعمليات إرهابية وهدد العراق بشن هجمات انتحارية إذا ما اندلعت الحرب، وأثناء تناول السوشي وغيره من الأطباق اليابانية، دار النقاش بينهم حول تكاليف الشحن والتخزين في ضوء النصيحة التي وجهتها السفارة الأمريكية يوم الجمعة الماضي وحثت فيها مواطنيها الذين يبلغ عددهم ثمانية آلاف فرد في الكويت على التفكير في مغادرة الكويت نظرا للتهديدات الإرهابية، ولم تشر النصيحة إلى خطر اندلاع حرب مع العراق.
وقال المواطن البريطاني جستين شير، الذي يعمل محرر أخبار في تليفزيون الكويت «نحن لا نريد أن نغادر، ولكنني أجريت معظم الترتيبات كي يأتي عمال الشحن لجمع الأغراض وحزم الحقائب، كما أعددت لنقل القطط خارج البلاد، وهذا يعتبر قرارا مهما».
وقال أحد العاملين في بنك استثماري طلب أن نشير إليه باسم «جو» فقط «إنه من السخرية أن يغادر الأجانب الكويت ليس خوفا من العراق ولكن من الكويتيين، إنه أمر مشين».
وتعتزم سفارات أخرى في الكويت إعداد خطط طوارئ تحسبا للحرب المحتملة، وقامت رئيسة الفلبين جلوريا ماكاباجال أرويو بزيارة الكويت أمس الأول الاحد للإشراف على حالة الاستعداد لإخلاء وإعادة توطين العمال الفلبينيين البالغ عددهم ستين ألف شخص في الكويت.
كما استهدفت الزيارة التهدئة من روع حوالي 1 ،4 ملايين عامل وعاملة فلبينيين يقيمون في الشرق الأوسط ويشعرون بقلق بالغ وسط مخاوف اندلاع حرب محتملة على العراق.
ويقول مندوبو المبيعات في مجموعتي شركات الغانم والملا وعمال الشحن الدوليون إنهم منشغلون بالفعل في نقل أغراض الأجانب خارج البلاد وقد تم استئجار خدماتهم طوال الأسبوعين القادمين للقيام بالمزيد من عمليات الشحن.
ويذكر أن جميع رحلات الطيران خارج الكويت محجوزة، ولم يعد باقيا بالنسبة لكثير من الرحلات سوى المقاعد الخاصة بقوائم الانتظار.
وتجمع أفراد أسرة كويتية حول مائدة الغداء لمناقشة من سيبقى ومن سيغادر البلاد في حالة اندلاع حرب وما هي كمية الحقائب التي سيأخذونها، كما أن المدارس في عطلة ممتدة هذا الشهر.
وقال عزيز، وهو كبير العائلة الكثيرة الأعضاء «سوف ترحل ابنتي وزوجها وأنا بطبيعة الحال كنت سأرحل ولكني سأبقى لرعاية النساء الأخريات في الأسرة وأمي بالطبع» التي تبلغ من العمر ثمانين سنة.
واستطرد عزيز قائلا «نحن بين يدي الله»، بينما كانوا يناقشون كيف أن عشرات الكويتيين غادروا البلاد بالفعل إلى منازلهم التي يمتلكونها لقضاء العطلة في الدول المجاورة، كما يعتزم الكثيرون التوجه للسعودية لتأدية فريضة الحج.. وربما يبقون خارج البلاد لفترة أطول إذا اندلعت الحرب.
وأبلغ حارس عقار إيراني الجنسية بمدينة الكويت، يدعى علي، السكان بأنه سيأخذ زوجته ونجليه ويعود إلى إيران في غضون الأيام القليلة المقبلة، ويقوم أربعة آلاف فرد تقريبا من الحرس الوطني على متن عربات مدرعة فضلا عن رجال الشرطة وغيرهم من أفراد الأمن بدوريات في الشوارع ومفترقات الطرق والمنشآت الحكومية في إطار مبادرة تعزيز الإجراءات الأمنية بهدف تأكيد أن الكويت آمنة.
ونشرت الحكومة قوات الأمن في الشوارع بسبب التهديدات التي وجهتها بغداد للكويت لاستقبالها القوات الأمريكية والبريطانية على أراضيها استعدادا للحرب الوشيكة بالإضافة إلى الهجمات الإرهابية الثلاثة التي تعرض له مواطنون أمريكيون في الكويت.
وقال وزير الداخلية الكويتي الشيخ محمد الخالد «إننا نتوقع عمليات تخريبية» وذلك في تصريحات للمراسلين الأسبوع الماضي خلال مؤتمر صحفي عن الوضع الأمني حدد خلاله التدابير الطارئة التي ستتخذها البلاد لمنع وقوع أي هجمات إرهابية محتملة.
وقال مسؤول كبير في وزارة الداخلية «نحن الآن عند المستوى الأمني الأول، ولكن الأمن سيرتفع للمستوى الثالث الذي يعتبر أعلى المستويات اعتبارا من منتصف شباط/فبراير»، وبحلول ذلك الموعد، سيكون حوالي ثمانين ألف جندي أمريكي يحملون المزيد من الاسلحة والعتاد قد وصلوا إلى الدولة الخليجية للانضمام إلى عشرين ألف جندي موجودين بالفعل على الأرض استعدادا للحرب.
وذكر مسؤول وزارة الداخلية في إشارة إلى موجة مغادرة البلاد التي نجمت عن تحذير السفارة الأمريكية «لا يوجد داعي للرحيل، فالبلاد آمنة بالنسبة لكم».
ولكن نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان هدد في نهاية الأسبوع بشن عمليات انتحارية ضد الأمريكيين في الشرق الأوسط إذا بدأت واشنطن الحرب.
وقال ياسين لمجلة دير شبيجل الألمانية إن الهجمات الانتحارية هي «سلاحنا الجديد»، وحتى من لا يعتزمون مغادرة البلاد أعدوا حقائبهم ووثائقهم وسياراتهم ليكونوا على أهبة الاستعداد إذا اضطروا للمغادرة على عجل، وهم يخشون احتمال استخدام العراق لأسلحة كيماوية أو بيولوجية ضد الكويت، أكثر من خوفهم من خطر الإرهاب، وإلى جانب وجود الدوريات بصورة واضحة في الشوارع، يحاول المسؤولون الكويتيون أيضا منع الهجمات الإرهابية في الداخل عن طريق المساجد في البلاد حيث يمكن ممارسة تأثير واضح على الأصوليين المسلمين.
ونقلت صحيفة السياسة يوم الاحد عن وزير الداخلية محمد الخالد قوله «لن ندع للمتطرفين فرصة لتشويه صورة الإسلام أمام العالم».
وتزامن هذا التصريح مع اجتماع عقده وزير العدل والأوقاف أحمد الباقر مع أئمة المساجد حيث ذكرهم بواجبهم في التأثير على الأصوليين وإقناعهم بأن الإرهاب ليس ضد القانون فحسب ولكنه ضد الإسلام أيضا.
ونقلت صحيفة السياسة عن الباقر قوله «لنكن متيقظين للحركات المتطرفة التي هي أشبه بالجراثيم»، مؤكدا على ضرورة مواجهتها واستئصالها ومشيرا إلى أن التزام الصمت من جانب أئمة المساجد ليس كافيا، ودعا الأئمة إلى الوعظ والتعليم ومكافحة الإرهاب.
وكان وزير الداخلية قد صرح للصحفيين في الأسبوع الماضي بأن من يثبت أنه يدعو إلى الإرهاب والعنف سوف يعامل معاملة المتعاون مع العدو.
وقال «سنردع من يحاول زعزعة الأمن والاستقرار». ومن جانب آخر، انتهت الحكومة من صياغة مشروع قانون لفرض الاحكام العرفية إذا ما وقعت حرب ضد العراق بحيث يوافق مجلس الوزراء على القانون في غضون أيام.
|