Tuesday 4th february,2003 11086العدد الثلاثاء 3 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وفاة الشيخ البسام .. غياب الأجلاء وفراق العلماء وفاة الشيخ البسام .. غياب الأجلاء وفراق العلماء
خالد بن عبدالرحمن الشايع

ففي ظهر يوم الخميس 26/11/1423هـ ودعت الأرض عالما جليلا وشيخا كريما ألا وهو الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام أحد كبار علماء المملكة العربية السعودية وشيوخها الأماجد، عن عمر يناهز (77) عاما، وذلك بمدينة جدة.فنسأل الله تعالى ان يتغمده برحمته، وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.. ومن باب الثناء على المحسنين بسجاياهم الكريمة وفعالهم الحميدة فهذه إشارة مختصرة لبعضها.
فبوفاة الشيخ رحمه الله تفقد الأمة واحدا من مشاعل العلم والهدى في هذه الدنيا، حيث كان للشيخ عبدالله من غزارة العلم وسعة الفقه وأيادي الخير في الأمة خير كثير وفضل كبير.
والشيخ رحمه الله كان على قدر كبير من إرث النبوة، حيث نال من العلم ما شهدت له به رحاب حلقات العلم في المسجد الحرام وغيره، وما ظهرت آثاره في مصنفاته الجليلة.
ولأجل ذلك فإن موت العلماء والذين لهم هذه المنزلة العظيمة يؤثر في الناس بما لا يؤثر غيره، وذلك لأن موتهم يعني فقد الهداية والدلالة الى الخير الذي حملهم الله بيانه وتبليغه للناس.
ومما يبين أثر موت العلماء على الأمة ما نقله المفسرون في تفسير قول الله تعالى: {أّوّلّمً يّرّوًا أّنَّا نّأًتٌي الأّرًضّ نّنقٍصٍهّا مٌنً أّطًرّافٌهّا} الآية من سورة الرعد. قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما خرابها بموت فقهائها وأهل الخير منها، وروي مثله عن غيره أيضاً، قال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله إن هذا التفسير للآية حسنٌ جداً وتلقاه أهل العلم بالقبول.
ومن جوانب النقص التي تلحق الناس بموت العلماء ما يفشو بين الناس بفقد العلم من الظلم والجور الذي يصل حتى إلى البهائم والطير وذلك لغيبة الوازع الإيماني وخفاء ما ينبغي في ذلك ما لا ينبغي، ويشهد لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العالم ليستغفر له من في السموات والأرض والحيتان في جوف الماء» رواه أبوداود وغيره، قال الحافظ الخطابي رحمه الله إن الله سبحانه قد قيض للحيتان وغيرها من أنواع الحيوان العلم على ألسنة العلماء أنواعا من المنافع والمصالح والأرزاق، فهم الذين بينوا الحكم فيما يحل ويحرم منها، وأرشدوا الى المصلحة في بابها وأوصوا بالإحسان إليها ونفي الضرر عنها، فالهمها الله الاستغفار للعلماء مجازاة لهم على صنيعهم بها وشفقتهم عليها.
ومما جاء في بيان الرزية بفقد العلماء وما رواه الشيخان البخاري ومسلم في صحيحهما عن عبدالله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» قال الحافظ بن حجر رحمه الله في فتح الباري فدل هذا على أن ذهاب العلم يكون بذهاب العلماء.
وقيل لسعيد بن جبير ما علامة هلاك الناس: قال: إذا هلك علماؤهم.ونقل عن علي وابن مسعود وغيرهما قولهم: موت العالم ثلمةٌ في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار.
وقال سفيان بن عيينة: وأي عقوبة أشد على أهل الجهل أن يذهب أهل العلم.


الأرض تحيا إذا ما عاش عالمُها
متى يَمُتْ عالمٌ منها يَمت طرفُ
كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بها
وإن أبى، عاد في أكنافها التلف

إلى غير ذلك من النقول والآثار التي تبين الأثر الكبير الناشىء عن موت العلماء.
الشيخ البسام في سطور:
هو: الشيخ الفقيه والقاضي والعلامة المحقق عبدالله بن عبدالرحمن بن صالح البسام مولده في عنيزة من اقليم القصيم، عام (1346هـ).
طلب العلم منذ نعومة أظفاره، وكان بدء هذا في كتاب العلامة عبدالله بن محمد القرعاوي، ثم درس هو وأخوه صالح على والدهما الشيخ عبدالرحمن البسام في فنون متنوعة من العلم. فنال حظاً وفيراً من ذلك، خاصة مع تشجيع والدهما الكبير لهما، حتى إنه كان يكرر قوله لهما: «تأتوني علماء أفضل عليَّ من كنوز الأرض».
ثم إن العلامة عبدالله البسام انتظم في دروس العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله، ولازمه ملازمةً تامة.
إضافة لحضوره دروس أهل العلم الأخرى.
وقد تميز الشيخ البسام في تعلمه، وكان يحفظ القرآن الكريم وعددا من المتون في الفقه والحديث وأصول الفقه والنحو، وكان آنذاك يؤم الناس في التراويح ويعظ ليالي رمضان، ثم عقد دروساً متنوعة في عدد من مساجد عنيزة. وأعقب ذلك التحاقه بدار التوحيد في مكة المكرمة بعد ان حج عام (1365هـ).
كان تخرجه من دار التوحيد عام (1370هـ) فالتحق بكلية الشريعة واللغة العربية في مكة واتم الدراسة بها في المدة المقررة أربع سنين.
وقد استفاد من المعلمين والمشايخ بدار التوحيد وفي الكلية، وخاصة انهما تضمان نخبة فاضلة أمثال المشايخ (إبراهيم زيدان ومحمد ابو شهبة وعبدالمعز عبدالستار ومحمد متولي الشعراوي وخليل الهراس وعبدالخالق عظيمة وعلي الهندي وغيرهم).وكان الشيخ رحمه الله أثناء الدراسة بالكلية متولياً عدداً من الأعمال منها: تكليفه من قبل رئاسة القضاة بمراقبة الكتب بميناء جدة يومين في الأسبوع، وكلف من قبل رئيس القضاة بالتدريس في المسجد الحرام، واستمر تدريسه في المسجد منذ ذلك العام (1372هـ) وحتى أواخر أيام حياته رحمه الله.
أعماله ومناصبه:
بعد تخرجه عام 1374هـ عين قاضياً في منطقة مكة.
عام (1387ه) عين رئيسا للمحكمة الكبرى بالطائف.
ثم قاضي تمييز في المنطقة الغربية عام (1391ه).
ثم رئيسا لمحكمة التمييز في المنطقة الغربية عام (1400ه).
وتقاعد عام 1417ه.
ومن أعماله ومشاركاته العلمية والعملية:
استمر في التدريس بالمسجد الحرام رسميا.
عضو في رابطة العالم الإسلامي اللجنة الثقافية.
عضو بالمجمع الفقهي بالرابطة.
عضو بالمجمع الفقهي بمنظمة المؤتمر الاسلامي.
عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة.
عضو المجلس الأعلى لدار الحديث الخيرية.
عضو في هيئة الإعجاز العلمي التابعة للرابطة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved