Tuesday 4th february,2003 11086العدد الثلاثاء 3 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إضاءة إضاءة
السباحة عكس التيار
شاكر سليمان شكوري

يوما بعد الآخر، تتزايد موجة المعارضة العالمية - شرقاً وغرباً - لغزو العراق، من قبل التحالف الأنجلو أمريكي الجديد، وتنقل إلينا فضائيات العالم - يومياً - المظاهرات الحاشدة في أرجاء الدنيا ضد هذا الغزو.
فلا يزال الرأي العام الأوروبي متساوقاً مع موقف فرنسا وألمانيا، الداعي إلى تحكيم الشرعية الدولية في النزاع القائم، وإعطاء الفرصة كاملة للحل السلمي، والاعتماد على تقارير المفتشين الدوليين، بعد منحهم الوقت الكافي لاستكمال أعمالهم، وذلك بديلاً عن حرب لا يعرف أحد منتهاها.
بل إنه رغم اعلان الحكومة الأمريكية عن إدارتها للبترول العراقي بعد الغزو، في محاولة لكسب تأييد الرأي العام الأمريكي لضرب العراق، فإن 70% من مواطني الولايات المتحدة الأمريكية - طبقاً لاستطلاع أجرته صحيفة الواشنطن بوست ومحطة ABC - ينحازون للرأي السائد في العالم الأوروبي، كما تراجع المؤيدون للحرب في المجتمع الأمريكي خلال الشهر الفائت بنسبة 5% وأعلنت كتلة الديموقراطيين في الكونجرس الأمريكي انضمامها إلى قافلة المؤيدين للشرعية الدولية في حل النزاع، لكن الرئيس الأمريكي لايزال يبحث - رغم دوامات المعارضة الداخلية والعالمية - عن مبرر لضرب العراق وكأنه ثأر شخصي، فقد قيل إن الرئيس قال ذات مرة بأن صدام حسين كان قد حاول اغتيال والده بوش الأب!! وهكذا يصر الذئب على مهاجمة الحمل مهما توافرت أسباب البراءة، فرغم خلو تقارير المفتشين الدوليين - حتى الآن - من إدانة صريحة للجانب العراقي بحيازة أسلحة الدمار الشامل، فإن بوش وإدارته لا يعترفون بذلك، ويلقون بالكرة دائماً في الملعب العراقي، تحت دعوى أنه المسئول عن إثبات براءته، غير ملتفتين إلى سؤال يتبادر إلى الذهن حول جدوى تشكيل فرق التفتيش العالمية، وإرسالها إلى العراق، وتكليفه بنفقاتها التي ينوء بها اقتصاد محاصر.
وإذا كان المناضل الأفريقي الشهير «نلسن مانديلا» قد وصف الرئيس الأمريكي - أمام منتدى المرأة الأفريقية - بالغرور وقصر النظر والافتقار إلى سلامة التفكير، فمن حقنا أن نتساءل: إلى أين يأخذ بوش ومن شايعه العالم سابحاً عكس التيار!! على جانب آخر وبالتحديد في إسرائيل خالفت نتائج الانتخابات الأخيرة توقعات المتفائلين، الذين حلموا بإزاحة شارون عن سدة الحكم، بسبب قضايا الفساد التي طالته وولديه، ويسبب زيادة أعداد الضحايا على الجانب الإسرائيلي الذي افتقد الأمن، تلك الورقة التي يلعب بها مرشح الرئاسة في إسرائيل دائماً. على كل حال لقد حاز حزب الليكود (اليميني) برئاسة شارون 37 مقعداً، بزيادة سبعة مقاعد عن آخر استطلاع للرأي قبل اجراء الانتخابات، كما فاز حزب شينوي (اليمني المتطرف) بالمركز الثاني من حيث عدد المقاعد، وتلاهما حزب العمل الذي يقال إنه فقد مقاعده بسبب عدم فعاليته مع حزب الليكود في الفترة الأخيرة. والقراءة الأولية لنتائج الانتخابات الإسرائيلية تثبت أن اليمين واليمين المتطرف يحظيان بالقبول لدى الأغلبية في الشارع الإسرائيلي، وهي الحقيقة التي أشرت إليها في مقال سابق، مؤكداً بأن العنف الإسرائيلي المتطرف هو منهج عام في موروث هذا المجتمع العنصري. ولقد أفاء العالم إلى رشده، وبدأت نغمة السلام تسود توجهاته، بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، مخلفة من ورائها خسائر بشرية ومادية ومعنوية لا تعد ولا تحصى.
والعالم الآن يحبس أنفاسه خشية انفلات قرار - غير مدروس - بحرب قد تتوسع دائرتها انطلاقاً من صراع محدود قد يبدأ هنا أو هناك. ولذلك نجد أنفسنا نسائل «شارون» وطغمته من السابحين عكس التيار: إلى أين يأخذون العالم بنزعة العنف المناهضة للسلام العالمي!!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved