Tuesday 4th february,2003 11086العدد الثلاثاء 3 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
فيما وراء العابرات..
د. فارس محمد الغزي

خبران صحفيان في غاية الأهمية - بل على درجة من الخطورة (المميتة) - يمران وكأنهما لم يمرا..، الأول منهما تم نشره في جريدة الرياض (عدد 12628، الاثنين/ 17 من ذي القعدة) بينما نشر الخبر الآخر في جريدتنا الجزيرة (عدد 11070، الأحد/ 16 من ذي القعدة). أما محور الخبر الأول فكان ظاهرة تعاطي (الكالونيا) التي يبدو أنها تحتل نطاقاً جغرافياً يشمل غالب أنحاء المملكة من ضمنها - حسبما ورد في الخبر - مناطق مكة والمدينة المنورة والرياض وجازان والقريات والقصيم. إنها بالفعل ظاهرة مأساوية مفجعة لا بنتائجها القاضية فحسب بل أيضا بالأرقام المتصاعدة لضحاياها، فقد قتلت في مدينتين - مكة وجازان وفي غضون أسبوع واحد فقط - ما يقارب من عشرة أفراد. وعلى وجه الإجمال فقد أماتت ظاهرة شرب (الخرش) هذه ما مجموعه 100 فرد خلال عام واحد تقريباً.
أما السؤال فأسئلة: هل درست هذه الظاهرة (القديمة) جدا..؟ وما الذي يدفع بمثل هؤلاء الأشخاص إلى المجازفة بحياتهم..؟ بل ما السر في توافر هذا السم في كل بقالة تقريباً خصوصاً في الأحياء الفقيرة؟ وفي الضوء (المبدئي) لانتفاء أي تباين جوهري في تأثير المتغيرات والعوامل الجغرافية/ البيئية.. ما هي المتغيرات أو العوامل الأخرى الفاعلة في استشراء هذه الظاهرة واستفحالها؟
أما الخبر الآخر الذي نشرته جريدة الجزيرة فمحوره يدور حول وباء الايدز، وقد نشر في سياق التنويه عن فعاليات المؤتمر الدولي للصحة العربية الذي سيعقد في مستشفى الملك فيصل التخصصي ابتداء من 26 يناير الحالي، هذا وقد استعرض الخبر أرقاماً مؤثقة تفيد بأنه يوجد في العالم ما يقارب من 42 مليون مصاب بالأيدز منهم ما يقارب (550) ألف إصابة في العالم العربي، والأرقام الأخيرة هذه لا أعتقد أنها تعكس حقيقة واقع هذا الوباء لدينا، فالأيدز كما هو معروف مرض له سمة الكمون الأمر الذي قد يؤثر في مصداقية (رقميته)، والأيدز كذلك مرض (معيب) لا سيما في المجتمعات التي تمثل ثقافاتها ما يعرف علمياً بثقافات العيب كما في العالم العربي، وهذا بدوره قد يدفع بضحاياه إلى اخفاء حقيقة الإصابة به.
هذا وقد أشار الخبر إلى ما مفاده من أن (73) ألف إصابة من إجمالي حالات الإيدز في العالم العربي قد تم تسجيلها خلال عام 2002م الفارط.. والسؤال هو لِمَ ارتفع العدد في هذه السنة بالذات.. أو ما الذي تغير لترتفع نسبة الحالات المسجلة؟.. هل هي طرائق ومناهج جمع المعلومة.. هل هو الوعي الاجتماعي بضرورة توثيق مثل هذه المعلومة..؟ وما هو السر في التباين في الحدوث في هذه السنة عنها في السنوات الماضية..؟! وما مدى منطقية افتراض أن السنوات السابقة قد حظيت بمعدلات مقاربة لمعدل هذه السنة غير أن المعوقات الثقافية.. والعلمية.. وخلافهما قد لعبت أدواراً جوهرية (معيقة)..
في الختام ما هي الروابط بين تعاطي الكالونيا والايدز؟!.. أما هذه فعديدة منها أنه فضلا عن بدهية أن نهاية كل منهما هو الموت المأساوي المفجع، فظاهرة الكالونيا قد ترعرعت كما هو معلوم في أحضان فترات زمنية سابقة وتم تغليفها بالصمت إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه الآن، أما الدرس تطبيقاً على مرض الايدز.. فهو ماذا عن حالات الايدز في المنظور القادم من الأيام القادمة: هل سندفع ثمن الصمت أم سنجني ثمار الجهر حين نكافح بكل صوت ما يجب أن يكافح بالسر.. بالعلن.. حتى بالصراخ المدوي تحذيراً وتوعية..
اللهم احفظنا من شرور ما جد واحمنا من غوائل ما سوف يستجد..

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved