Tuesday 4th february,2003 11086العدد الثلاثاء 3 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لافتة لافتة
المؤولون لعوالم السرد
عبد الحفيظ الشمري

يشير المفكر إدوارد سعيد في كتابه «الثقافة والإمبريالية» - ترجمة د. كمال ابوديب - الى ان مجموعة من المؤولين لسباقات النص الروائي يذهبون دائما الى استحضار صورة العبقرية الفذة للمنتج الروائي.. تلك التي تطغى على رؤية الفن بوصفه عالماً جمالياً خالصاً..؛ لنراه وقد أقحم النقد الأدبي المرتبط بالابداع الروائي على وجه التحديد بمعضلة التوصيفات القيمية لأي عمل روائي ما.
ولو سألت ناقداً مثل الأستاذ الدكتور عالي القرشي عن سر هذا الارتباط بين ظاهرتي «الرواية» بوصفها «عبقرية خالصة» والرواية بوصفها «فناً جمالياً» ستكون اجابة الناقد القرشي بكل تأكيد مسترشدة بقوة النص، وبراعته في رسم العبقرية أو الجمالية.. أو اخراج هذا المنجز من دائرة المواءمة للظاهرتين السابقتين وفق امضاء مدروس.
إذن «المؤولون» للنص الروائي يظهرونه على درجة من الخيلاء والنباهة المفرغة.. والحدس المتنامي لحالة «الحكائية» اعتقاداً منهم بأن عوالم السرد لا تأخذ شكل المزاوجة أو التداخل بين ظاهرتي إدوارد سعيد «العبقرية» و«الفن».
العواقب التأويلية التي تقيم حالة الحدس حول كنه المشروع الروائي هي في الأساس لعبة جمالية تفرض وجودها، وترسخ بقاء حالات التأمل والاطراق وطرح الأسئلة.
من هنا يأتي سياق التأويل لدى ناقد كالقرشي حدساً تنويرياً يفضي الى حقيقة أسر الناقد الى النص، وتوحيد رؤيته بما يشكل هذه القيمية التي تفتش عن ذاتها.. فالمؤولون النقاد لا ينفصلون عن كوكبة المؤرخين لعبقرية النص.. إنما لا يكلون من المراوحة الاستقصائية لأبرز جماليات النص باعتباره حالة متميزة من حالات تورد المبدع.. ذلك الذي يزاوج ضمناً بين العديد من الظواهر التي تحدد ماهية المنجز وحقيقته الجمالية في الذات المتلقية..
إن المؤول لمنجز السرد الروائي يأخذ دائماً صفة تعزيز موقع الحكاية بوصفها قوة ناطقة باسم المجتمع.. بل يراها أحياناً كثيرة على هيئة سلطة تفرض رغائبها على هذه العوالم السردية - الروائية - لتسجل عن قرب انبثاق تاريخ الحكاية وتعميمه وفق مفردة السرد وواقع الرواية.
فالرواية مازالت تنطلق من هذه النظرة المستشرفة لعوالم الحكاية لاسيما العمل الروائي العربي الذي يضع التاريخ دائماً أمام أعين القارىء؛ لتصبح عوالم الرواية نُزهة طويلة في تضاعيف الماضي لكنه استشراف يلغي الفكرة الأولى لدى إدوارد سعيد «الرواية/ العبقرية الفذة».. ويقرب الى حد ما حقيقة فنية النص؛ ليأخذ التأويل لدى الناقد عالي القرشي مكانه القوي حين يتم توصيف الحكاية بأنها قوة فنية مؤثرة في العمل الروائي.. بل هي علامة جمالية بارزة تثري منطلق التأويل حينما يعيد الأشياء الى أصولها الأولى؛ رغبة في استقصاء كنهها الحقيقي.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved