في أواخر عام 1997م أهداني أحد الأصدقاء اسطوانة غنائية بعنوان «وجوه»، وهي مسرحية غنائية كتب كلماتها «قاسم حداد» ولحنها وأداها «خالد الشيخ»، والإلقاء الشعري تصدى له «أدونيس» تساءلت عندها: كيف سيكون شكل العمل؟ ولاسيما أن هذه القصيدة التي كتبها «قاسم حداد» مليئة بالفتنة اللغوية والغضب على المألوف الشعري المعتاد، لكن ثبت لي العكس.
في ذلك العمل «اللي مو طبيعي» على حد تعبير «الشيخ» كان متمرداً على كثير مما اعتادت عليه الأذن العربية في تعاملها مع القصائد، كان «خالد» كما كان يحاول دوماً أن يتسيد لحن الموقف، وكانت الصياغة اللحنية لا تتبع القصيدة بقدر ما تتبعه القصيدة، وفعلاً هذا الذي حدث فقد حول «الشيخ» هذا المجسم الشعري الصلب إلى «صلصال» يستطيع التعامل معه ببساطة وتقنية عالية لا يقدر عليها إلا الكبار.
وفي هذا العام عاد لنا ب«لحن غجري» وكان يملك: «حصة من الولع».
كما وقع على ظهر الألبوم بهذه العبارة «حصة كبيرة في الموسيقى والجنون».
كانت الموسيقى التي جاءت عن قصيدة «الباب الموارب» لقاسم حداد لتكشف لنا عن عشق «خالد» المستميت للكمنجة التي كانت حاضرة ببهاء، ولحظتها أكتشفت أن هذه العقلية الموسيقية ليست من السهولة أن يكتب عنها وليست من البساطة لكي تكفيها عدة أسطر، لكنني أعتقد أن «خالد» ما زال حتى الآن يحلق خارج السرب.
زياد.. وأم زياد
من زمن لم أعد أجد «زياد الرحباني» هذا الرجل الذي اختفى عن الكتابة من صفحات «السفير» اللبنانية واختبأ في بيانو وظل يعزف.. لم أعد أجده، وجدتُ مئة صورة باهتة في ألبوم «فيروز» الأخير، كانت غير واضحة المعالم، كما أن تكوينها هش للغاية، هذا ما يجعلني أحزن، وأن أتذكر «حبيتك تانسيت النوم» و«سألوني الناس» و«ضل عيد يا علي» هذه الأغاني جعلتني أكتب وأنا أطلق تنهيدة عجز صدري عن حبسها.
من خطف زياد؟
ضوء
سألتك هزي بأجمل كف
عن الأرض
غصن الزمان
لتسقط أوراق ماض وحاضر
ويولد في لمحة توأمان
فاتنة وشاعر!!
|