«كل ابن مهنته» كما يقولون.. لذا فإنني حين أتصفح الصحيفة أو المجلة أو الكتاب أو أي مطبوعة، فإني أولاً أتفحص المحيط بالنص من إخراج ولون.. ثم بعد ذلك أدخل في قراءة النص إن راق لي.
وفي يوم 26 يناير الماضي قرأت الملحق الختامي في جريدة الجزيرة عن ندوة «ماذا يريد المجتمع من التربويين وماذا يريد التربويون من المجتمع» من إعداد وحدة العلاقات العامة والإعلام التربوي النسائية بتعليم البنات.
وبعض الملاحق في صحفنا ربما أسيء استخدامها حتى صارت رديفاً للإعلان التلقيني الخالي من الإقناع والإبداع.
لكن هذا الملحق اجتذبني بشعاره المرسوم بجانب العنوان.. فقد كان فيه إيحاءات كثيرة لها صلة وثيقة بالعلم والمعلم والمربي والوالد والولد.
وقد رسم الشعار بفطرة فنان موهوب.. قال فيه مبدعه كل شيء يمكن أن يقال عن ندوة مهمة تستقطب معظم شرائح المجتمع.
تنوعت النصوص الواردة في الملحق بحيث غطت في رأيي بعض ما قيل وما هو مطلوب من تلك الندوة بشكل موجز ومباشر ومن تلك النصوص.
- في افتتاحية الملحق كتبت أميمة الخميس عن الندوة: «في البداية كانت هناك حرقة وافرة من الطرفين مع احساس عميق بانقطاع الطرق، وهذا الإحساس وحده هو الذي قدح شرارة التحدي، وهو الذي أنزل عدداً من القضايا التي نوقشت في ذلك المؤتمر من داخل «التابو» المحرم، وحولها إلى قضايا حيوية قابلة للنقاش قابلة للتطور، قابلة للتغير».
عن الدين» أو «وصف الثقافة الدينية بالهامش» والثقافة«اللادينية» «بالمتن».
والمعول على الخطاب العلماني بدائي متخلف، تعلوه غبرة النسيان، ولما يزل يجتر الكتب الصفراء التي خدعت«رواد النكسة» ، ممن يسمون أنفسهم أو يسميهم أشياعهم ب «رواد النهضة». فما كتبه«المبشرون» و«المناديب» و«المستشرقون» استهلك عمره الافتراضي، وتحول إلى مرحلة تاريخية ترصد إضاعة الجهد والوقت. ونحن اليوم بحاجة إلى خطاب جديد، يأخذ الكتاب بقوة، ولا ينسى نصيبه المعرفي والعلمي من الدنيا، يوغل برفق، ويتقن ظاهر الحياة الدنيا، ولا يغفل عن الآخرة، وينسى الربط الماكر بين: التدين والتخلف، والنظام والعبودية، والحرية غير المنضبطة والعلم، خطاب يحترم العقيدة ويقدس الحرية ويتمثل النظام.
والغرب المخادع يحافظ في نهضته على خصوصيته وشرعته ومناهجه، وأوروبا المعشوقة الشمطاء مصيبة حين تخلصت من دينها المزور، ولكن تجربتها لا يمكن تطبيقها على أوضاع العالم الإسلامي. العالم الإسلامي بحاجة إلى أن يكون صادقاً مع عقيدته، مستجيباً لمتطلباتها، آخذاً بأمرها في إعداد القوة بكل وجوهها.
ان هناك مشاريع نهضوية، لم يكن الدين في نظرها عقبة ولا إشكالية، إذ ثبت أن عبدة الأوثان والخرافيين وأصحاب الديانات الوضعية تحولوا إلى عباقرة ومخترعين، ولم يحتاجوا إلى تغيير معتقداتهم الفاسدة، ولم يحل شيء منها دون التفوق والتألق. وعلى
- وفي استقراء لآراء وقرارات بعض القيادات التربوية:
* أعلن الدكتور خالد العواد: «سيتم تطبيق اختبارات للمعلمين لقياس قدرتهم كل أربع سنوات، وستشمل هذه الاختبارات المعلمات أيضاً، ويجب عدم حرق المراحل وتقدير العامل الزمني في كل خطة تربوية».
* وقالت الدكتورة فاطمة الخريجي: «يجب الخروج بتوصيات تساعد على تطوير العملية التربوية من الجوانب الفنية والإدارية حتى يتم وضع منهاج تربوي يناسب العصر».
* تمنت الدكتورة نادية التيه: «أن يوفر مقعد دراسي لكل خريج ثانوية عامة.. سواء في الاتجاه الأكاديمي أو اتجاه التدريب المهني الفني.. حتى نتفادى وجود شريحة من شباب المجتمع دون تعليم أو عمل».
* وأفاد الدكتور عبدالواحد الحميد: «أن المجتمع السعودي من المجتمعات الفتية (46% أطفال في سن الإعالة - 20% من الشباب)».
* أما الدكتورة سعاد المانع: فطالبت «أن يتعلم أبناؤنا أنه من الطبيعي أن تختلف الآراء ومن الطبيعي أن تتعدد وجهات النظر وأن هذه هي سنة الله في العقل البشري ولكن الاختلاف لا يعني أن نضع أنفسنا اننا نحن الأخيار ومن سوانا هم الأشرار».
وأخيراً.. أبدى الدكتور خالد الدهيش وكيل وزارة المعارف ونائب رئيس اللجنة التحضيرية للندوة أمله: «في أن يتوصل ممثلو المجتمع إلى تحديد ماذا يريدون وآمل أن يتوصل ممثلو التربويين إلى ماذا يريدون، وأن تكون الرؤية المستقبلية للتعليم رؤى تمثل احتياجات المجتمع واحتياجات التربويين»... انتهى.
وفي رأيي إنه وان كانت هذه الطروحات والأمنيات جديرة بالاهتمام على كافة الصعد التعليمية والتربوية إلا أنها غير كافية، بل لا بد من الاستفادة من خبرات الدول المتقدمة في حقل التربية والتعليم وتطبيق ما يناسب مجتمعنا بشكل موضوعي.. فالوقت لا يسعفنا لاختراع العجلة من جديد.
من ناحية أخرى لا يكفي الكلام والتنظير ثم النوم، بل المطلوب تسريع وتفعيل هذه التوجيهات ونقلها من حيز العلم إلى الواقع.
|