نواة النخلة، أو السدرة، أو الطلحة، أو أية كائنة نباتية حيَّة إنما هي تبدأ وجودها بورقتين صغيرتين ضعيفتين، هما أضعف بكثير مما وصف به أحد الشعراء رقة ونعومة معشوقه الذي وصفه هكذا:
مرُّ النسيم يجرح خَدَّيه
ولمس الحرير يُدمي بنانه..!
وبالماء والسقيا تكون هذه النواة ذات فروع وغصون وأوراق لا حصر لها وذلك بقدرة الخالق جل وعلا .. ثم برعاية وعناية المخلوق.
ما عنيته هنا هو تشبيه العلم والمعرفة والثقافة «بالماء» الذي منه حياة كل شيء.
وأعني به، تفصيلاً، ما يثمره التعلم من علم ومعرفة ونهضة حضارية في كثير من مجالات الحياة. وهو ما نسعد به الآن بحمد الله من نهضة واسعة الأرجاء شملت كل نجع وصقع.
دعاني إلى هذا القول ما سعدت به من دعوة كريمة وجهها الأستاذ عبدالله ابن محمد البابطين لحضور الحفل الذي سيقيمه تكريماً للأستاذ الأديب أحمد الدامغ في بلدتيهما «روضة سدير» بعد ظهر الخميس 20/22/1423هـ .. والأستاذ أحمد الدامغ أديب معروف .. وشاعر بالفصحى والعامية .. وله مؤلفات كثيرة. وهو يكتب في هذه الجريدة «الجزيرة» بين حين وآخر.
أما الداعي وصاحب الحفل فهو أحد وجهاء مدينة «الروضة» بمنطقة سدير .. حيث ولد ونشأ .. وهو كذلك أحد وجهاء وأعيان المنطقة الشرقية .. وهو من أسرة كريمة اشتهر منها عدد من العلماء والأدباء والمثقفين .. وعلى رأس قائمتهم العلامة الفقيه المشهور الشيخ عبدالله البابطين «رحمه الله» الذي ذكره الشيخ عبدالله البسام رحمه الله في كتابه الشهير «علماء نجد في ثمانية قرون» 8 مجلدات كبار.
ومنهم الأستاذ الشاعر عبدالعزيز بن سعود البابطين صاحب «مؤسسة جائزة عبدالعزيز البابطين للإبداع الشعري» الذي يحمل الجنسية الكويتية. ولكنه محب لبلد أهله وأجداده وأسرته الكبيرة .. ولذلك فقد لبَّى دعوة ابن عمه وحضر هذا الحفل .. وان كان قد غادر قاعة الحفل قبل ختام برنامجها .. لأنه حسبما همس به في أذني يريد أن يصل الكويت قبل الليل .. لأن بين منطقة سدير، والكويت مئات الأميال.
لقد استمتعنا حقا بحضور هذا الحفل الجميل الذي أقيم بين منعرجات جبلية .. شمخت قاعة الحفل أو كما تسمى هناك «الملتقى» في قمة تلك المنعرجات صعوداً مخيفاً وهبوطاً أخوف .. وهذه الطبيعة الجغرافية لمزرعة الأخ عبدالله بن محمد البابطين جعلت لها نكهة خاصة ... توحي بالغربة عما ألفناه في أرض إقامتها بالعاصمة «الرياض» .. حيث «لا عوج فيها ولا أمْتا».
كان جميلا أن تكتظ قاعة الحفل الجميلة بمئات الرجال الذين سعدوا بهذه اللفتة الكريمة من الأخ عبدالله البابطين نحو ابن بلدته الأديب أحمد الدامغ ليقيم على شرفه بعد التقاعد هذا الحفل .. وليشرك مع أهل «الروضة» عشرات المدعويين من أرجاء مختلفة من الوطن الكبير . والذين حضروا تقديراً للمكرِّم بكسر الراء والمكرَّم بفتحها وبالتالي فهو تقدير للفكرة واستحسان لها.
وحفل البرنامج بكلمات كثيرة وقصائد «عامية» وقصائد فصيحة ولكنها مع قلتها ليست على المستوى المطلوب أو المنتظر .. بل لعل الغلبة في الجودة النسبية، للشعر العامي.
وقد ختم الحفل بمنح المحتفى به «درعاً» وميداليات من المحتفي.
وأنا لي وجهة نظر في «منح الدروع» حيث لا أحبذها إلا أن تكون من جهة حكومية، أو شبه حكومية. أما الأفراد فالأولى في نظري أن يقدموا إذا شاؤوا .. هدية أخرى كقطعة سجادة غير سجادة الصلاة .. أو لوحة تشكيلية ونحو ذلك.
وشكراً للعاملين لخير الوطن في أي مجال.
|