دبلوماسية السلام.. هل تلغي خيار الحرب؟!!

ارتفعت في الايام القليلة الماضية حدة اصوات طبول الحرب الامريكية ضدالعراق وذلك بزيادة التحشيد الامريكي والبريطاني في المنطقة لتصل اقصاها خلال الايام القادمة فقد وصل حجم القوات الامريكية في الخليج العربي الى اكثر من 150 الف جندي امريكي ومن المتوقع ان يرتفع حجم هذه القوات ليصل الى اكثر من 300 الف جندي امريكي وبريطاني اضافة الى العديد من حاملات الطائرات كما سيصل ايضا ما يقدر بربع الجيش البريطاني (حوالي اكثر من 30 الف جندي) وفي غضون الايام القادمة ستصل حاملة الطائرات الفرنسية بأمر من الرئيس الفرنسي جاك شيراك.
في موازاة ذلك ارتفعت اصوات (دبلوماسية السلام) التي تدعوالى الخروج من الازمة بالطرق السلمية وذلك عبر تغييرات جذرية في كيان النظام العراقي.
تصاعد هذان الصوتان اللذان يبدوان متناقضين ومتقاطعين للوهلة الاولى اثارا ويثيران تساؤلات تجد صداها العميق والحقيقي على ارض الواقع وهو هل ان مؤشرات (دبلوماسية السلام) هي مؤشرات حقيقية لانهاء الازمة العراقية ام انها مجرد تغير في الاساليب من قبل الادارة الامريكية؟
إذن ماهي الاسباب التي قد تؤدي الى مثل هذا التغيير في الموقف الامريكي وانتهاج سياسة اللين النسبي وربما الاعتدال وبحسب آراء الحل السلمي مع افتراض بعض من المصداقية والمسؤولية في التصريحات والمواقف الامريكية حيال هذا الوضع.
فالسبب قد يكون راجعا الى ما تمخضت عنه الاستطلاعات الشعبية التي أجريت في الايام الأخيرة وأظهرت ان 72% ممن شملتهم الاستطلاعات غير مقتنعين بالاسباب التي قدمها الرئيس الامريكي جورج بوش لشن الحرب ضد العراق وقد يكون السبب راجعا للتحسب من التأثير السلبي للحرب على الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية المقبلة وقد يكون السبب راجعا للحرج الايديولوجي والسياسي الذي تشعر به الادارة الامريكية من تناقض مواقفها في قضية تكاد تكون واحدة ففي الوقت الذي قابلت الادارة الامريكية استئناف كوريا الشمالية العمل ببرنامجها النووي وطردها المراقبين الدوليين وتفكيكها لأجهزتهم الرقابية بكثير من التسامح واللين والسلم وقفت ذات الادارة في قضية التسليح العراقي موقف التأهب للحرب والضرب وقد يكون السبب راجعاً الى ان الانشغال الامريكي التام نحو العراق قد قلل من جهودها الساعية الى محاربة ما يسمى بالارهاب العالمي وهو ما يمكن ان يؤدي وفق الرؤية الامريكية الى اعطاء فرصة مناسبة للمزيد من الاعمال الارهابية.
من هنا فان واقع الامر يؤكد ان ما يسمى ب (دبلوماسية السلام) ما هي إلا بالونات اختبار تطلقها وبوقت دقيق ومحسوب الادارة الامريكية الى الاطراف ذات العلاقة لتحقق من خلالها عدة اهداف في وقت واحد منها محاولة ايجاد نوع من المشروعية لبعض الدول الغربية للدخول تحت المظلة الامريكية وتأييدها الحرب ضد العراق ومنها محاولة ايجاد حالة من الضغط النفسي الشديد على النظام العراقي وعلى الشعب العراقي ايضا هذا فضلا عن هدفها الاساسي من اطلاق هذه البالونات وهو تبرير الحشود العسكرية في المنطقة من خلال اظهارها لتعنت الرئيس العراقي صدام حسين في عدم تجاوبه لجهود منع الحرب وهو ما سيعطي للادارة الامريكية الذريعة القوية بأنها سعت الى وقف الحرب وانها تجاوبت مع من طالب بالحل السلمي للازمة العراقية إلا ان الرفض جاء عن طريق النظام العراقي ذاته وانهم مجبرون بالتالي على خوض هذه الحرب.