على ما يبدو أن تقرير كبير مفتشي الأمم المتحدة (هانز بليكس)، ومحمد البرادعي (رئيس وكالة الطاقة الذرية الدولية)، لم يكن حاسماً، ويرى بعض المحللين أنه بعد هذا التقرير غير الشافي للولايات المتحدة، فإنه أمامها ثلاثة خيارات، يتمثل الأول، في تجاهل مجلس الأمن وتهميشه، وذلك بتشكيل حلف من مؤيدي الحرب، وضرب العراق دون أي قرار من مجلس الأمن، ويتلخص الخيار الثاني، بأن تقوم الولايات المتحدة بالضغط على مجلس الأمن بكل الطرق لإصدار قرار آخر يسمح فيه للولايات المتحدة بضرب العراق، أما الخيار الأخير فهو حدوث اتفاق مفاجئ، يزيل شبح الحرب أو على الأقل يؤجلها لعدة أشهر، ويستبعد معظم المحللين هذا الخيار ويعتقدون أن بوش سيلجأ إلى الخيار الأول، ومع ذلك فإن الخيار الثالث أيضاً يصب في مصلحة بوش الانتخابية، حيث يعتقد بعض المؤرخين أن بوش الإبن حتى لو نجح في الاستيلاء على نفط العراق، فلن ينتخبه الشعب الأمريكي ثانية، إلا إذا زامنت مواعيد الانتخابات استمرار الحرب الأمريكية ضد العراق أو أي طرف آخر، ففي هذه الحالة يجمع بعض المؤرخين أن الشعب الأمريكي لا يغير رئيسه وبلاده في حالة حرب، وتعتقد روسيا وفرنسا وألمانيا والعديد من دول العالم، أن المفتشين الذين أنجزوا عملاً هائلاً خلال شهرين، بحاجة إلى المزيد من الوقت لإتمام مهمتهم حتى النهاية، ويعتبر الغموض الحالي الذي يشمل الوضعين الاقتصادي والسياسي، ليس في صالح الاقتصاد العالمي، وقد أكد ذلك (فرنسيس مير)، وزير المالية الفرنسي، حيث صرح في مجلس الشيوخ أن الاقتصاد العالمي، يحتاج إلى كمية أكبر من الوضوح فيما يتعلق بالأزمة العراقية الأمريكية، وذلك لأن استمرار الغموض وعامل الزمن يلعبان ضد الاقتصاد العالمي، ولا يعتبر ما ورد في هذا التقرير نصيحة بالبيع أو الشراء، وأعلن بوش عبر خطابه الأخير عن عزمه على الحصول على النفط العراقي طوعاً أو كرهاً، مشدداً على أن بلاده ستواصل جهودها لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وضمان أمن إسرائيل، وقد جاء خطاب بوش عن حالة الاتحاد الأمريكي، الذي تطرق في مستهله إلى عدد من القضايا الداخلية، وأوضح أن إدارته ستعمل على تحقيق أربعة أهداف، منها تعزيز الاقتصاد، وذلك بإتاحة المزيد من فرص الشغل، وتحسين الخدمات الصحية، وحماية البيئة، وإتاحة الفرصة للمزيد من الاستقلالية فيما يتعلق بالطاقة، بمثابة تأكيدعلى عزمه على ضرب العراق، إلا أنه صرح علناً عن أسبابه الرئيسية لغزو العراق، وذلك حينما أبدى رفض الولايات المتحدة في أن يسيطر صدام الذي وصفه بالدكتاتور المتوحش، على منطقة حيوية، ويتجرأ على تهديد الولايات المتحدة، وصرح كولن باول (وزير الخارجية الأمريكي) قبل خطاب بوش، أن أي احتلال أمريكي للعراق سيسعى للحفاظ على احتياطيات النفط، وبهذا تكون الولايات المتحدة قد بدأت تكشف أوراقها غير مكترثة بالعالم، فلم تعد دوافع الحرب تتجلى في أسلحة دمار شامل وديمقراطية في العراق، ولم تعد الولايات المتحدة تحتاج لتبرير رغبتها في احتلال العراق، بمظاهر إنقاد الشعب العراقي، وتعهد بوش باستخدام قوة الولايات المتحدة العسكرية وعظمتها بكاملها لتنفيد مبتغاه في غزو العراق، ووجه كلامه إلى عشرات الآلاف من القوات الأمريكية المنتشرة في الخليج، قائلاً أن أوقاتاً مصيرية منتظرة، مما يعني أنه اتخذ قرار الحرب ويبقى تحديد الموعد، وانتقد المسؤول السابق في الأمم المتحدة (دبيس هاليداي) سياسة واشنطن ضد العراق، متهماً بوش برغبته في الحصول على النفط العراقي، مؤكداً أن السيطرة على العراق أصبحت أساسية لضمان الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على العالم، وفي محاولة منه لإقناع المجتمع الدولي بالحرب على العراق، أعلن بوش أن وزير خارجيته سيعرض على مجلس الأمن في الخامس من شهر فبراير المقبل، معلومات ومعطيات من أجهزة المخابرات الأمريكية، عن برامج العراق للأسلحة المحظورة، وروابطه مع مجموعات إرهابية، وأكد باول للصحف الأمريكية والأوروبية، تصريحات بوش، وأضاف أن كل ما يتعلق بهذا الوضع لا يمكن أن يستمر للأبد، ونحن الأن في المرحلة الأخيرة، مؤكدا بذلك قرب موعد الحرب، ووجه بوش كلامه إلى الشعب العراقي قائلاً: إن العدو لا يحيط بكم، بل العدو هو الذي يحكم بلدكم، وبرحيله، سيكون استقلالكم، ومع ذلك لم يستطع بوش إقناع أكثر من 17% من الأمريكيين، بينما رفض خطابه حوالي 83% أخرين، وذلك حسب استطلاع للرأي أجرته (CNN)، وكان بوش في خطابه للعام الماضي، قد صنف كلاً من العراق، وإيران، وكوريا الشمالية، في (محور الشر)، دون أن يفرق بينها، إلا أن الولايات المتحدة قد صرحت مؤخراً أن تفضل الحلول السلمية والمناقشات الدبلوماسية مع كوريا الشمالية التي تمتلك سلاحاً نووياً ومليون جندي.
حركة مؤشرات أسواق الأسهم
شهدت حركة مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية بعض التذبذب متجهة نحو الانخفاض خلال الأسبوع الأخير من يناير 2003 متأثرة بالعديد من المعطيات. كان من أهمها استمرار المخاوف من نشوب حرب خاصة بعد خطاب بوش الأخير، وإعلان بعض الشركات عن أرباح جاءت أقل من المتوقع، وتحذير البعض الآخر من الأرباح المستقبلية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الذهب والبترول مقابل تراجع الدولار، وقد أقفلت مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية على انخفاض، محققة أسوأ انخفاض لها منذ حوالي ثلاثة شهور، ، حيث سجل مؤشر الداوجونز الصناعي (DOW)، انخفاضاً بلغ 1% خلال الأسبوع، وقد وصل في ذروته إلى مستوى بلغ 8158 ،02 نقطة، وكان أقل مستوى تراجع له هو 7917 ،37 نقطة، وقد أقفل على مستوى بلغ 8053 ،81 نقطة.
كما سجل مؤشر ستاندر آند بورز(S&P500) انخفاضاً بلغت نسبته 0 ،7% خلال الأسبوع، إذ وصل في ذروته إلى 868 ،72 نقطة، وقد كان أقل مستوى له 840 ،72، وأقفل على مستوى بلغ 855 ،70 نقطة. أما مؤشر الناسداك المجمع (NASDAQ) فقد كان أداؤه أكثر سوءاً في الأسبوع نفسه، بنسبة انخفاض بلغت 1 ،6% خلال الأسبوع، وقد وصل في ذروته إلى 1363 ،31 نقطة، وكان أقل مستوى تراجع له هو 7917 ،37 نقطة خلال الأسبوع الأخير من يناير 2003م وأقفل على 1320 ،91 نقطة.
***
مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية خلال الأسبوع الأخير من يناير 2003م
السوق الأعلى الأدنى الإقفال نسبة التغيير
داوجونز 8158 ،02 7917 ،37 8053 ،81 1 ،00%-
ناسداك 1363 ،31 1303 ،64 1320 ،91 1 ،6%-
ستاندر آند بورز 868 ،72 840 ،34 855 ،70 0 ،7%-
|