كتب الوصية حجة وبيانا
وأقام بين سطورها البرهانا
ومضى وفي أفق الشهادة روحه
تصف السبيل وتنصب الميزانا
إن الحياة إذا خلت من غاية
عُليا، تكون مذلة وهوانا
وبأن في قيم الجهاد حياتها
وبأن في بذل الدماء أمانا
أني وقفت على الوصية لاح في
كلماتها لبطولة عنوانا
ولمست في نبضاتها روحا سرى
أحيا الضمير وحرك الوجدانا
وأقام في الدنيا نداء شهادة
تعلو لتسحق تحتها الطغيانا
تأتي على البنيان من أركانه
وتقيم منهاج الهدى بنيانا
وتحرر الإنسان من أهوائه
وتعيده بعد الهدى إنسانا
وتبث بين الناس روحاً أينعت
بذلا.. وأثمر بذلها إحسانا
هذي الوصية خطها مستشهد
كم بثها من نفسه أشجانا
حباً.. وإشفاقاً.. وغيرة واله
وصفاء نفس عامر، وحنانا
وشجاعة.. وبسالة.. ونزاهة
ملأت قلوباً بعده اطمئنانا
ما صاغها متأوّل في ركنه
أبلى النصوص ولاكها استحسانا
أو ذاب بين حروفها متصوف
وأذاب جبته لها نشوانا
أو عابد مالاً وفتنة شهوة
عرضت.. فأتبعها الفؤاد مهانا
هذي الوصية ألف سوط لاهب
تدمي جباها نكست إذعانا
وتسير بالوطن المكبل خطوة
نحو الخلاص وتصفع السجانا
وتقول إن الموت ليس نهاية
إن كان في ساح الفدا قربانا
سيكون ميلاد انتصار شامل
ويكون للفتح القريب أذانا
ويخاطب الدنيا بكل لغاتها
إن الفداء يحرر الأوطانا
ستصب أشلاء الشهيد عليهم
حمماً تفجر فيهم البركانا
سيفيض حبر صاغه ببنانه
ودم أريق لصرحهم طوفانا
سيحرر الأذهان من أوهامها
ويحطم الطاغوت.. والأوثانا
يحيا القتيل معززاً في قبره
ويموت حي يكتسي الأكفانا