وكانت العيون المتطلعة إلى الحادث المؤلم باكية حزينة.. ساعة وقفت مع من وقف ـ لأرى سيارتين جديدتين أحالهما الطيش والافن إلى ركام من حديد .. ضرجه دماء بريئة، لم يكن لها فيما أصاب أصحابها يد !.
هذا المنظر المؤلم، يتكرر كل يوم .. وربما كان عند بعض الناس منظراً مألوفاً لكثرة تكراره ، ولو علم المتسببون في حدوث مثل هذه الحوادث، أية قلوب جرحوا، وأي دمع أسالوا، وأي بيت هدموا.. لقللوا من فعالية جنون ينطلق بحديدهم ونارهم فيما يشبه سرعة البرق، يقتل .. ويجرح.. ويكسر !.
ان السرعة التي تسير بها سيارات مخبولة عليها رؤوس مأفونة منجل للأرواح يحصد أبناءنا وييتم نساءنا، ويقضي فيما يقضي عليه ـ على عبقريات متطبعة، وطموح صاعد وكفاءات ما كان أحوجنا إليها، إلى إبداعها.. إلى كفاحها..!!
أشهد ـ لله ـ ان المسؤولين عن المرور في بلدي، لم يدخروا وسعاً في وضع كل ما من شأنه أن يقلل من وقوع هذه الكوارث، وأشهد ـ لله ـ مرة أخرى أن هؤلاء المسؤولين يسهرون الليل في هذا السبيل، ليدرسوا .. ويفكروا في كل وسيلة تبعد شبح كوارث المرور، وأخطارها، ومصائبها، ولكن هل يفكر سائقو السيارات فيما يتعرضون له بسبب سرعتهم من مسؤولية أدبية ومعنوية؟ وهل تصوروا ـ يوما ـ ما تسببه سرعتهم من ويلات؟.
ذلك ما أرجو أن يتصوره كل مقتعد مقعد سيارته ويداه على المقود !
شيئان أود أن أقولهما لصديقي العقيد ـ يحيى المعمى ـ الذي تشهد له حيويته بالكفاءة والإخلاص باعتباره في طليعة المسؤولين عن المرور في المملكة:
1 ـ ان يوجه نداء بكل وسيلة إعلامية إلى الأجانب في هذه البلاد على اختلاف مستوياتهم .. أن يراعوا بكل أدب ـ أنظمة المرور، وأن يتقيدوا بها، فالملاحظ أن كل من ملك منهم سيارة أرخى لقيادها العنان،، وانطلق بها كالقذيفة الموجهة دون مراعاة لآداب المرور ولوائحه .. كاستعمال الإشارات .. والمنبه .. والوقوف عن إشارات المرور الحمراء..
2 ـ أن يوجه إلى مدراء المدارس الكبيرة .. كالجامعات والمدارس الثانوية والصناعية رجاء يدعوهم فيه إلى معاونته بالتنبيه على الطلبة الذين هيأت لهم ظروفهم اقتناء سيارات بأن يكونوا ـ وهم عدة المستقبل وعماده ـ قدوة في احترام أنظمة المرور، وأن يخففوا من غلواء سرعة السير ما استطاعوا.
هذان رجاءان .. ربما حقق العمل بهما بعضاً من الأمل في التقليل من أخطاء السير .. فهل يتحقق ؟.
|