أخذتني سيدة وقورة إلى زاوية قصية على هامش ندوة.. وقالت: أعرفك.. وأقرأ لك..
وأنتِ ومن هن مثلك ثمار عراك وجهد بذلته أنا وجيلي لكي يكون لمدارس البنات شأو وللمرأة قدر..
فليس أقل الآن من أن أطلب منك أن تتبني قضايانا حين كبرنا.. فقلت لها: أنت تأمرين أمراً.. فما هي القضية..؟
** قالت: حين أدخل المحكمة.. فأنا أدخلها أحمل تاريخي الجميل في التربية والتعليم والعمل الصادق تجاه المجتمع..
أدخل محتشمة.. ولأمر لا بد منه.. أسير فيها أموري المالية من توكيل أو مواريث أو غيرها..
فيبهجني المبنى الكبير والجميل.. وأشعر أن هذا جزء من التنمية التي كنت شريكة في تأسيسها بكل وقاري والتزامي وسعيي النسائي الخاص.. ثم لا ألبث أن أخرج من هذا الزهو الجميل.. إلى تساؤلات حارقة تبدأ وتنتهي مع هذا السهم الذي يشير إلى استراحة «النساء» فأجدها صغيرة.. وضيعة.. متسخاً فرشها.. بحليب الأطفال.. تصلي النساء على فرش مشكوك بطهارتها.. مقاعدها عتيقة ظهرت عليها ملامح عبث الأطفال..
فأجلس.. أنتظر منادياً يخرجني من حرقة الأسئلة..
** كل هذا الزمن.. وكل هذا الجهد.. وكل هذه القيمة البالغة للمرأة في التاريخ الإسلامي.. وفي البناء الاجتماعي للوطن..
ويكون مكانها في أهم موقع هو هدفها حين تضام.. وهو ملجأها حين تريد الشعور ببياض الإنصاف والتقدير.
فتجد مكانها صغيراً.. وضيعاً.. وكأنه إثم مرتكب في حق المبنى الجميل أين خريجات الأقسام الشرعية في الجامعات..
لم لا يكون لهن مكان ها هنا..؟
قسم محترم له ما لوجاهة أقسام الرجال.. تستقبل فيه المرأة وتعطى حقها الذي يليق بها.. ويتحقق من هويتها.. وتعطى إرشادات أولية لما يلزمها أن تفعله تجاه مشكلاتها وأمورها وحقوقها المالية والشخصية المكفولة لها في الشرع..
لِمَ تتأخر الخطوة..؟
ولِمَ تظل أماكن النساء في مبانٍ كبيرة وجميلة.. اشبه ما تكون باستراحات وضيعة على الطرق الطويلة!..
ولِمَ تأتي دكتورة بارزة في عطائها والتزامها ووقارها وحجم جهدها الوطني فيكون المعرّفَ لها ابنُها ذو الخمسة عشر عاماً.. يشهد بأنها فلانة.. ويطلب منها هي أن «تبصم».. ولا يقبل توقيعها..
إن الأقسام النسائية هي الحل لمثل هذه الإحباطات التي تواجه المرأة في أهم الدوائر المعنية بإنصافها وإعطائها الحق الشرعي المكفول لها.. وهو حل لكثير من المظالم التي تقع على المرأة حين يمرر على القاضي أنها فلانة وأنها موافقة بينما هي امرأة غيرها جاءت لتسهل للآخرين استلاب حقوقها..
إن الأنظمة تتطور لكي تحقق المصالح..
وإن بقاءها دون تغيير يكفل هذه المصلحة هو غمط لحق فئة متضررة كان بإمكانها أن تحصل على حقها لو لا بقاء الحال على ما هو عليه.. وإن النساء العالمات بالفقه والأحكام الشرعية مطالبات قبل غيرهن بتفعيل هذا الموضوع وإقناع المسؤولين به لأنه حل شرعي يعطي للمرأة حقها الإسلامي الذي يليق بها في وطن الإسلام..
** إنني أطرح الموضوع هنا.. وعن قناعة كاملة بضرورة وجود الأقسام النسائية المماثلة في معمارها ونظامها لما للرجال في كل الدوائر ذات المساس بشؤون المرأة.. وجعل هذه الاقسام واجهة جميلة ومضيئة تراعي خصوصية المرأة.. وتعطي انطباعاً داخلياً، لكل امرأة ملتزمة بأن هذا ما يقدم لها في وطنها.. وهذه هي نظرة مجتمعها لها وتقديره لها.. وتبدأ هذه الأقسام بأدوارها التنويرية والتوعوية للمرأة كلٌ حسب اختصاصه وحينها سيكون لدينا شريحة عريضة من النساء العارفات بحقوقهن.. المدبرات لأمورهن.. المربيات لأبنائهن.. العاملات في مجالاتهن وهن أكثر ثقة وأقل تذمراً.. وأقل إحباطاً.. وستختفي على إثرها من واجهات الصحف مشكلات من فئة ضرب الزوجات واضطهاد والموظفات.. وسلب حقوق ورواتب المعلمات.. وتحجير بنات العم.. ونفقة المطلقات ومواريث الأرامل والأيتام.. كل هذه المشكلات هي نتاج واضح لقلة الوعي الديني وضعف المرجعية الثقافية بالحقوق والواجبات..
ولنبدأ.. متشحين دائماً وأبداً ببياض الشريعة ونقائها التي جللت كل تفاصيل حياتنا وسنجد الفرق حتماً!
|