محللون: تعويم الجنيه قد يعيد مصر لخريطة الاستثمار

* القاهرة راشيل نعمان رويترز:
قد تعيد خطوة تعويم الجنيه المصري المنتظرة منذ فترة طويلة البلاد إلى خريطة الاستثمار العالمي إذا سمحت الحكومة بتحرير كامل للعملة مدعوم بإصلاحات سوق واسعة النطاق.
سمحت مصر التي يبلغ عدد سكانها نحو 70 مليون نسمة بتحرير سعر صرف الجنيه متخلية عن نظام الربط المحكوم بسعر الدولار الذي كان متبعا من قبل.
وانخفض سعر الجنيه بما بين 12 و15 في المئة إلى نحو 50 ،5 جنيه للدولار بالمقارنة مع الحد الأدنى المسموح به من قبل البالغ 6453 ،4 جنيه للدولار لكنه استقر عند ظهر أمس الخميس عند مستوى 37 ،5 جنيه للدولار.
وقال المحللون ان التحرير الكامل سيعني ضمان استمرار السيولة في سوق الصرف من خلال آليات السوق ودون تدخل رسمي.
والمستثمرون متحمسون كذلك لأن تتزامن هذه الخطوة مع إصلاحات مهمة أخرى مثل تحرير التجار والحد من البيروقراطية وخفض عجز الميزانية والاصلاحات الضريبية وخفض الدين الحكومي المحلي والإسراع بخطى الخصخصة.
وقال ديفيد لوبين الاقتصادي في اتش.اس.بي.سي في لندن لرويترز «في رأيي ان تحرير سعر الصرف خطوة مهمة لكنها ليست كافية لتكامل مصر في أسواق رأس المال العالمية، لكنها خطوة في غاية الأهمية». وأضاف ان الاصلاحات الاقتصادية الأوسع نطاقاً التي تعهدت مصر بتنفيذها والتي تشمل إصلاح الجمارك والضرائب والميزانية والمشتريات الحكومية ستساعد على تحقيق أكبر فائدة من خطوة التعويم.
وتابع «النقطة الأهم الآن هي ان يضع تغير نظام سعر الصرف الأجنبي مصر مرة أخرى داخل مجال رؤية المستثمرين. أعتقد ان السؤال الآن هو ما إذا كانت الحكومة ستتمكن من تحقيق أكبر فائدة من اهتمام المستثمرين الدوليين بها مرة أخرى».
وقال كارن جابوتشيان الاقتصادي في اي.ان.جي بيرينجز سكيوريتيز انه يتعين على مصر الآن التمسك بتعهداتها بالتحرير الكامل. ويقول المحللون ان ذلك سيضمن استمرار السيولة مع تمكن الناس من شراء الدولار بحرية بسعر السوق، لكن البعض يشير إلى ان هناك حاجة لفترة زمنية تستقر خلالها الأمور قبل ان تشعر البنوك بالثقة الكافية لبيع العملة الأجنبية بحرية.
وقال جابوتشيان انه من المهم ألا تتدخل سلطات مثل البنك المركزي بشكل مباشر لبيع الدولار، لكنه أضاف ان التدخل مستبعد إذ ان مصر تعد من أولوياتها الابقاء على الاحتياطيات بالعملة الأجنبية عند مستوياتها المستقرة الراهنة.
وتظهر أحدث بيانات متاحة ان الاحتياطيات بالعملة الأجنبية بلغت 18 ،14 مليار دولار في نوفمبر تشرين الثاني الماضي ارتفاعاً من 12 ،14 مليار دولارفي اكتوبر تشرين الأول.
ويقول المحللون ان تزامن خطوة التعويم مع تسريع خطى إصلاحات السوق سيجتذب الاستثمارات الأجنبية ويشجع على انتعاش النمو الاقتصادي الذي تباطأ بدرجة كبيرة خلال الأعوام الثلاثة الماضية ويدعم الصادرات والخدمات مثل السياحة كما يعزز المساعدات الخارجية ويوفر بدائل لحصول تمويل جديد.ومازال أمام مصر فرصة الحصول على نحو 5 ،1 مليار دولار من القروض المقترنة بسياسات إصلاحية من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية بناء على معايير تتعلق بالاقتصاد الكلي تقول مصادر ان من أهمها تحرير سعرالصرف.وهذه المعونات قد تكون حيوية لمصر إذا واجهت صدمة خارجية جديدة مثل الآثارالسلبية لحرب من المحتمل ان تقودها الولايات المتحدة على العراق.
وقال اقتصادي مقيم في مصر ان التعويم «خطوة ايجابية ستقود للمزيد من الاستثمار الأجنبي وتعزز سوق الأسهم وتغيير اتجاه تدفقات رأس المال التي كانت تهرب من البلاد خلال الأعوام القليلة الماضية».
وارتفعت أسعار الأسهم المصرية إلى أعلى مستوياتها منذ سبتمبر ايلول 2001 خلال اليومين الماضيين منذ إعلان تحرير سعر الصرف.
والآثار السلبية للتعويم مثل ارتفاع معدل التضخم ومستويات الفقر يمكن معادلتها جزئياً من خلال استخدام الأدوات النقدية مثل أسعار الفائدة ويحد منها كذلك باستمرار دعم السلع الأساسية.وتدعم الدولة بعض السلع الأساسية مثل الخبز وزيت الطعام والوقود وسيزيد الدعم لتعويض آثار التعويم.
غير انه مازال من المتوقع ان ترتفع أسعار السلع الاستهلاكية والأغذية المستوردة وهو ما ستشعر به بدرجة أكبر الطبقة المتوسطة.
وانعكس الانخفاض الحاد في قيمة الجنيه منذ منتصف عام 2000 في ارتفاعات حادة في أسعار سلع منها السيارات مثلا، وكان سعر العملة المصرية حينذاك نحو 40 ،3 جنيه للدولار.وسيعتمد مستوى التضخم على السعر الذي ستستقر عليه العملة في نهاية الأمر. وبلغ متوسط سعر الاقفال أمس الخميس 39 ،5 جنيه للدولار متمشياً مع سعر السوق السوداء رغم الارتفاع الموسمي للطلب قبيل موسم الحج.
ويرى جابوتشيان ان سعر الجنيه انخفض بشدة بالفعل بسبب الاضطرابات السياسية المرتبطة بالعراق ومن شأن الجنيه الارتفاع من جديد عندما تنحسر الأزمة ويستقر التعامل بالنظام الجديد.