نظرة انتظار
لم تكن خيوط شمس هذا اليوم ذهبية كالمعتاد..
ولم تكن تلقيها لنا إلا عنوة..
لم تحمل الأشياء من الأشياء شيئاً.. إلا اسمها.. فالصباح لم يكن مصبحاً وجميلاً..
المدرسة كأنها كهف مخيف..
الجو كان مضطرباً.. وواجماً..
كل المعاني الجميلة اختفت وتلاشت..
حتى البشر.. توارت ملامحهم وغارت..
أدركت حينها.. أن غيابك.. هو السبب..
هو من خلع من الصباح.. صباحه..
هو من احال من القصر.. كهفاً..
هو من أضفى أجواء مضطربة.. ومحا الأمان..
من وجوه البشر..
الذين بك.. كانوا فعلاً بشراً..
وغداً.. أحيا وانتظر لك لقيا..
انتظر رؤياك بفارغ الصبر.. وجمرة الحنين..
فإلى ذلك اليوم انظر..
قبل الرحيل
قبل الرحيل.. ولوعته
دعيني أرمقك.. لأروي ظمأ عينيي.. برؤيا
ملامحك..
لن أرحل..
ففي داخلي.. عاودتني سنين الأمس..
وتأججت نيران الشوق إليك..
قبل أن أودعك.. وقبل أن ارحل..
إليك انظر.. وفي عينيي.. بقية كلام..
لو عرفته.. لملكت العالم بأسره..
صعب هو الرحيل.. مشق هو الوداع.. وحارق..
نظراتي.. لا تبادلها فتشقيها..
همسك.. لا تردده.. ثم قلبي تحرقيه..
دعيني.. أرمقك أنا.. لأرى في ناظريك..
نفسي.. حيث أحب..
انتهى وقتي..
ولا مجال للوداع..
سأحمل امتعتي.. وأرمى بقايا الذكريات..
وأرحل..
وفي عينيي.. ذات الكلام.. وله بقية..
قبل الوداع..
عندما تغادر..
سيلازمني طيفك.. رافضاً الغياب..
عاتياً صلداً.. أمام تيار النسيان..
مشرقاً.. بلا غروب.. كشمس بلادي..
سيكون معي في كل حين.. كما لو كنت أنت..
بل.. ستكون أنت معي..
بصوتك الذي لن تنساه مسامعي..
بصورتك التي رسمتها في مخيلتي..
وبأحلامي التي بنيتها من أجلك.. ومن أجلي..
سأرمق.. شمس كل صبح جديد..
ونجم كل ليل سعيد..
وقمر شهر مديد..
لأراك.. أمامي ماثلاً..
سأحفظك في غيابك..
تماماً.. كحفظي لك في حضورك..
فقط.. امنحني عقلك وقلبك..
ولا تجعلني نسياً منسياً..
أو تواريني خلف ذاكرتك.. وتبقيني..
ذكرى عابرة..
سافر.. فالله يرعاك.. ويرعانا..
إقامة
أنت هناك..
في أقاصي الحنايا..
تقبع..
وتخذ منها مسكناً..
تمنياتي لك..
بطيب الإقامة..
أحاسيس.
(مزنة شوق).. الرياض
|