بالنظر إلى الشباب والفتيات في مجتمعاتنا العربية فاننا نجدهم دائماً لا يستطيعون اتخاذ قرار بمفردهم أو إذا قابلتهم مشكلة ما فانهم يلجؤون إلى الآباء والأمهات أو الأصدقاء دون أن يحاولوا أن يفكروا في حلها بمفردهم وقد تظل هذه التصرفات مستمرة معهم بعد زواجهم واستقلالهم من الأسرة.
وإذا قارنا بين مجتمعاتنا العربية والمجتمعات الغربية نجد أن طريقة تربية الغرب لأبنائهم تجعلهم معتمدين على أنفسهم منذ الطفولة. وإذا سألنا أنفسنا لماذا نربي أبناءنا معتمدين على الآخرين وغير معتمدين على أنفسهم؟ هل لأننا نريدهم دائماً بحاجة إلينا؟ أم أننا نرى أن الاعتماد على النفس يعني لنا عدم الاهتمام وعدم رعاية أبنائنا وإذا أردنا معرفة معنى الاعتماد على النفس يجب أن نعرف المعنى المضاد للاعتماد على النفس وهو ما يسمى بالاعتمادية الزائدة وهي أن الفرد يعتمد على الآخرين في جميع أمور حياته ولا يستطيع أن يتخذ قراراً بمفرده أو يحل مشكلة خاصة به دون اللجوء إلى الآخرين. فما هي الأفعال التي تفعلها حتى يكون لدى أبنائنا هذه الاعتمادية الزائدة؟.
لو نظرنا إلى طريقة معاملتنا لأطفالنا نجد أننا نلبي لهم كل ما يريدونه دون أن نعلمهم كيف يقومون ببعض هذه الأعمال بأنفسهم. فالطفل الصغير لديه الاستعداد لتحمل المسؤولية ولكننا نقوم عنه بكل شيء ولا نتيح له الفرصة لمحاولة عمل أي شيء بنفسه. فماذا تفعل الأم لكي تعوّد الأبناء أن يعتمدون على أنفسهم؟.
أول ما يجب أن تفعله الأم مع أطفالها أن تنمي لديهم ثقتهم بأنفسهم وبأنهم يستطيعون القيام بالأعمال التي تتفق مع قدراتهم. فمثلا الطفل ذو الخمس سنوات يستطيع أن يرتدي ملابسه بمفرده ويأكل بمفرده وينظم حجرته ولعبه بمفرده ويمكن أن تعلمه الأم كيفية شراء بعض الأشياء البسيطة مثل الخبز أو الحلوى وتنمي لديه الثقة بانه يستطيع القيام بذلك وقد تعطي له المسؤولية شراء بعض الأشياء كل فترة، ولكما كبر الطفل زادت المسؤوليات المعطاة له.
وثاني خطوة تقوم بها الأم هي التشجيع والتعزيز للطفل إذا قام بعمل ما أو قام بمسؤولية أوكلتها إليه.
وثالث خطوة مشاركة الطفل في حل مشكلاته الشخصية. فمثلا إذا كان لدى الطفل مشكلة ما في دراسة مادة معينة فان الأم يجب عليها أن تتناقش مع طفلها بكل هدوء عن سبب المشكلة. هل هي طبيعة المادة الدراسية ؟ أم علاقة الطفل بالمعلم أو المعلمة؟ أم علاقة الطفل بأقرانه؟ ثم تحاول أن تسأله عن رأيه في حل هذه المشكلة وكيف يمكنه التغلب عليها. ثم تبدي رأيها الشخصي للطفل في حل المشكلة وتسأل الطفل عن رأيه في طريقة حلها للمشكلة ووضع حلول مناسبة، أي أننا إذا عودنا أبناءنا على المشاركة والتشاور ليس فقط في مشكلاتهم الشخصية ولكن يمكننا أن نشاركهم في مشكلات الأسرة وبعد ذلك مشكلات الآخرين ومشكلات المجتمع.
|