يبدو أن لا نجاح في عمل دون أن يتحقق شرط التجانس بين العمل ومن يقوم به..
والتجانس مع العمل يبدأ بحب العمل، والتوَّجه له، والإلمام به، ليس في عموم الالمام، بل في مفرداته، وليس في شكله الخاص، بل في تفاصيله،... وانطلاقاً من الحب، والتَّوجه، والإلمام بمفردات وتفاصيل ما يقوم به الإنسان من عمل، تتحقق له كفاياته، وتحصد منه ثماره...
والعمل الذي يسند لأيَّ إنسان يبدأ «بعقد»، وأولى العقود التي لابد أن تنفَّذ شروطها عند الناس، هي المكتوبة، ذلك لأنَّ الإنسان جُبل بجانب من جوانب طباعه على التنصَّل من شروط العقود ما استطاع، تخفيفاًَ من عبئها، وثقل مسؤوليتها، لأنَّ المسؤولية مناطة بالأمانة، والأمانة مقيدة بمسؤولية... وكلُّ ذلك يأخذ في التلاحم بسلسلة من أخلاقيات التَّمثُل، والأداء، وبأدبيات الاستجابة والسلوك... سواء كانت العقود قولية شفاهة أو مكتوبة.
من هنا... فإنَّ الشروط المقيدة بالأخلاق وأدب التعامل تأتي في صدارة ما يتعلق بالإحساس، أيَّ الإحساس بالمسؤولية، والإحساس بأمانة هذه الواجبات المرتبطة بالأداء فيأتي في أكمله، ويعمل المرء على أن يلحق به أعلى مستويات الإتقان وبالسلوك فيحرص على إخراجه في آليات أدائية مترابطة، متابعة، حريصة، لا خلل، ولا فجوات...
ذكرَّني بهذه القيم وبهذه المتطلبات لنجاح العمل... ما صرَّح به الأخ العزيز الدكتور خالد العواد وكيل وزارة المعارف من أنَّ الوزارة سوف تطبق من الفصل الثاني للعام المقبل بإذن اللَّه تعالى اختبارات «كفايات المعلمين» لكلِّ من يتقدم لشغل وظائف التعليم والتربية ( الجزيرة، الثلاثاء 25/11/1423ه ص 9)... وبأنَّ الوزارة أيضاً لم تغفل أمرين: أوَّلهما إخضاع من يقوم بالعمل من التربويين والمعلمين لمثل هذه الاختبارات بشكل دوري (كلَّ أربع سنوات)، وسوف يتمُّ تلافي القصور بالدورات والتدريب المستمر.
ولأنَّ أمراً مثل هذا يأتي مع إلحاح الحاجة، ممَّا تفرضه ضرورة التَّحديث، وأهمية المؤشرات الفعلية في نتائج التحصيل النهائية لأعداد «المتعلمين» خلال عمر وزارة المعارف وتعليم البنات ممَّا يثبت جدوى مثل هذه الاختبارات وعلى وجه الخصوص متابعتها والتأكيد على كفايات من يؤدي دور «المعلم» نشداناً إلى إتقان التعليم من خلال كفايات المعلم وأخلاقيات أدائه وأدبيات سلوكه ومهاراته المختصة وقدراته الخاصة... فإنَّ الأمل أن يتَّم ماوراء هذه الاختبارات من أهداف ففي تحقيقها «انتشالا» وقفزاً نحو نجاح العمل التربوي. ولنا في هذا الموضوع شجون وشجون.
|