يخيم على اجتماعات منتدى دافوس قدر عال من عدم الاحساس بالطمأنينة والشعور بالقلق ويتمثل ذلك بصورة واضحة في الاحتياطات الأمنية سواء من حيث فحص سجلات المشتركين فحصا دقيقا وخفض عددهم في مقابل زيادة رجال الامن بشكل لم يسبق له مثيل ويهدف منتدى دافوس عادة الى مناقشة مجموعة من القضايا التي تهم العالم، والى تسويق جملة من الافكار والرؤى حولها.
ولعل العامل المشترك بين جميع القضايا لهذا العام والتي شكلت محاور المنتدى هو تناقص مستوى الثقة لدى الجمهور في كثير من متخذي القرار في العديد من الاصعدة وبدا ذلك واضحا في حديث كلاوس شواب، استاذ الاقتصاد السويسري الذي انشأ المنتدى قبل اكثر من ثلاثين عاما، حيث قال «اننا نعيش في الوقت الراهن في عالم اكثر تعقيدا، فالمشاركون في المنتدى لا يستطيعون التأثير في الاحداث مثلما كان عليه الحال قبل بضع سنوات».
ويأتي الصعيد الاقتصادي على رأس قائمة اهتمامات المنتدى والذي اصبح مثالا بارزا على عجز الاقتصاديين وآليات عملهم التقليدي في الخروج من نفق الركود الاقتصادي وخاصة في الولايات المتحدة الامريكية واليابان فقد استعمل الاقتصاديون العديد من وسائل العلاج وبعضها الى النهاية ولم تحدث الاثر المطلوب الامر الذي زعزع الثقة المطلقة في ركائز ودعائم الاقتصاد الرأسمالي وتطبيقاته المعاصرة وآلياته في التغلب على المشاكل التي يمر بها.
ربما يكون السبب في عجز آليات الاقتصاد الرأسمالي في القيام بما هو متوقع منها عائد الى طبيعة هذه الآليات، والى طبيعة المشاكل المطلوب علاجها.
فالاولى تقليدية صممت لعلاج مشاكل بعينها، اما الثانية فهي جديدة على الاقتصاد ولذا فهي بحاجة لأن تصمم لها اساليب علاج مناسبة لا ان تستعمل نفس وسائل العلاج القديمة.
لهذا السبب فقد الكثيرون الثقة في كون الاقتصاد الامريكي على وجه الخصوص لا يزال يملك القدرة على علاج مشاكله ومما كرس المشكلة وساعد على تفاقمها الاصرار على التكرار المستمر لاستخدام وسائل معينة في مقومات الاقتصاد مشكلة عويصة لا علاج لها الا بعلاج اسبابها، فالخفض المستمر لاسعار الفائدة او الضرائب لن يؤثر كثيرا في قرارات المستثمرين والمستهلكين الذين يشعرون بعدم الثقة وعدم وضوح الرؤية بالنسبة للمستقبل.
ما يحتاجه اقتصاد العالم اليوم هو ايجاد مجموعة من الحلول والتدابير التي تعيد ثقة الافراد والمؤسسات في اسس الاقتصاد الحالي ودعائمه، وليس بالضرورة ان تكون هذه الحلول والتدابير تقليدية.
ولن تعود الثقة ومن ثم الاحساس بالطمأنينة الا اذا شعر متخذو القرار انفسهم بالثقة والطمأنينة اما اذا كان التصرفات لا توحي بذلك ففاقد الشيء لا يعطيه.
*قسم الاقتصاد والعلوم الادارية
جامعة الإمام محمد بن سعود
|