* رام الله- نائل نخلة:
لم يكن ولا حتى في الاحلام الغابرة يتوقع الميكانيكي الشاب فخر عبدالرحيم انه سيضطر إلى توليد زوجته التي جاءها المخاض على حين غرة بعد ان منع جنود احتلاليون سيارة الاسعاف من الوصول اليهم لنقلها المستشفى.
فقد ارغم الحصار الاسرائيلي المفروض على جنين هذا الشاب الفلسطيني على توليد زوجته بنفسه ودون دراية أو مساعدة من احد داخل سيارته بعد ان منعه جنود الاحتلال من اكمال طريقه نحو مستشفى المدينة.
بداية القصة كانت مع ظهر يوم السبت الماضي في بلدة سيلة الظهر قرب جنين عندما علم ان زوجته الحامل في شهرها التاسع على موعد من الولادة، ولأنها تفتقر إلى اية مركز صحي أو مستشفى متخصص في الولادة في كل المنطقة القريبة فلم يكن امامه سوى نقلها بسيارته صوب جنين المدينة.
وهو في الطريق اتصل من هاتفه الخليوي بالهلال الاحمر الفلسطيني لملاقاته بسيارة اسعاف في الطريق بجانب بلدة قباطيا، حيث يوجد حاجز عسكري يتحكم بالداخل والخارج إلى المدينة ولكن كانت المفاجأة الكبيرة انه عندما وصل إلى المكان لم يجد سيارة الاسعاف فاشتعل الغضب في قلبه ليتصل بالهلال الاحمر مرة اخرى مستوضحاً منهم الامر لتكون المفاجأة الثانية:«سيارة الاسعاف خرجت إلى المكان ولكن الجنود المتمركزين على حاجز قباطيه احتجزوا السيارة ومنعوها من المرور»!!
مرت الدقائق يقول فخر وكأنها الدهر بحاله، وما كان منه الا ان جلس قرب قدمي زوجته وهو يدعو الله ان يلهمه القوة والعزيمة في هذه الدقائق العصيبة والحساسة.
ولحظات وأمام صراخ زوجته وبكائها التي هي ايضا اكثر قلقا من زوجها على جنينها وعلى روحها لم يجد الزوج من وسيلة غير مساعدتها على الولادة خاصة انه شاهد الجنين يخرج رويداً رويداً.
«كان لونه اسود» يقول الزوج المبهور، اعتقدت في البداية انه قد مات خاصة ان الجو في الخارج كان عاصفاً وبارداً جداً.
وفي هذه اللحظات بدأت افكر هل قمت بتوليد زوجتي بالشكل الصحيح أم لا؟، ما الذي حدث للجنين بالضبط؟ هل ستعيش زوجتي أم ان جهلي قتلها؟ هل كان على ان افعل اكثر مما فعلت لإنقاذ زوجتي والجنين؟ هذه الأسئلة كانت تثقلني وتشل عقلي عن التفكير ولم اعد ادري ما يتوجب علي فعله.
ولم يختلف حال الزوجة كثيراً فقد عاشت لحظات لم تكن تتوقعها بين الموت والحياة وتقول:«اعتقد ان الله كتب لي حياة جديدة وأنقذني من الموت الذي شاهدته وعشته بكل معنى الكلمة. وأنا اشاهد خوف ورعب زوجي الذي لا يعرف أي شيء عن الولادة والانجاب. أي ظلم هذا الذي يفرض علينا ان نعيشه وأي قانون يجيز ان احرم من الوصول إلى المستشفى وأن اقاسي داخل السيارة، لم اتصور ولادتي في الشارع. وتضيف: لا يمكن ان يتصور احد ما حدث معنا ولا توجد كلمات تصف حالتنا خاصة عندما خرج الولد ولونه اسود وما اتعبني وأرهقني خوفي على حالة طفلي فنحن في فصل الشتاء، انه الظلم الاسرائيلي الذي منعني من الولادة بشكل طبيعي ككل امرأة في العالم وحرموني من ابسط الحقوق لذلك عندما وصلت إلى مستشفى الرازي واعلموني ان ابني نجا اسميته يحيى ليحيا ولأن الله اعطاه الحياة.للتذكير تشير الاحصائيات القادمة من الاراضي الفلسطينية المحتلة ان نحو 33 جنينا فلسطينيا قد توفوا قبل ان يصلوا للمستشفيات بعد ان اعاق جنود الاحتلال المتمركزون على الحواجز العسكرية التي تقطع اوصال المدن والقرى الفلسطينية من الوصول إلى المستشفيات .
|